يكثر الحديث في كل مرة عن ضرورة إشراك اللاعب المحلي في التشكيلة الرسمية لفريق شباب الريف الحسيمي لكرة القدم، ومنحه فرصة لكسب التباري والتنافسية في لقاءاته ضد الفرق الكبرى بالبطولة "الاحترافية"، ويطول الحديث ويطول، ويبقى الكلام يتكرر في كل مرة، في حلقة لا ينتهي دورانها، في انتظار حسم الأمور في هذا الإشكال الذي يعيشه لاعبو شباب الريف من أبناء مدرسة الفريق. بالرجوع إلى ما هو رسمي وفي تصريحات السيد عبد الصادق البوعزاوي، رئيس الفريق، كان في كل مرة يؤكد على ضرورة إقحام عناصر شابة محلية في التشكيلة الرسمية، ومنحها فرصة كسب التجربة والاستفادة من كفاءاتها وطاقاتها التي تختزنها، وكان ذلك في سياق الندوات التي يعقدها بمقر النادي أو في سياق الدردشة على هامش اللقاءات أو الحوارات التي كنا نجريها معه. هي رغبة وفلسفة النادي، وهي أيضا مرآة تعكس مجهود مدرسة شباب الريف الحسيمي، التي سهرت على تجهيز هؤلاء اللاعبين وإعدادهم، خصوصا بفريق الأمل، لكن واقع الحال، يتحدث بأرقام مختلفة، فالسؤال المطروح بإلحاح هو: لماذا يغيب اللاعب المحلي عن تشكيلة المدربين الذين يتولن مسؤولية قيادة قطار الشباب؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟ المدرب، السمعة على المحك.. للإجابة عن هذه الأسئلة، يمكن طرح السيناريوهات التالية، وهي في الغالب، وجهات نظر المدربين والمؤطرين، وأصحاب القرار في النادي بكل مكوناته، فإذا بدأنا بكل مدرب يقدم على تحمل مسؤولية تدريب شباب الريف، فإنه من المستحيل أن يغامر بسمعته بلاعبين لا زالوا يفتقرون إلى التجربة والتنافسية لمقارعة الفرق القوية في البطولة، وهذه تصريحات العديد منهم، بل يعمل بكل ما في وسعه على استبعادهم بالمرة في انتظار أن تتستقر الأمور، والتي لا تستقر أبدا، في ظل غياب استقرار تقني واضح في الإدارة التقنية للفريق. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يسعى كل مدرب على ضرورة البصم على النتائج الإيجابية في انطلاق كل موسم، ليعطي الانطباع الحسن على أدائه مع الفريق، رغم أن كل التجارب تثبت العكس، بفشل هؤلاء في امتحان انطلاق البطولة، مما تضطر إدارة النادي بتغيير المدرب لانقاذ الوضع.. هذا بالإضافة إلى عمل المكتب المسير على ضرورة منح كل الصلاحيات للإدارة التقنية وعلى رأسها المدرب، للقيام بمهامه على أحسن، وتفادي السقوط في المسؤولية، في حال إرغامه بشكل من الاشكال، على إقحام عناصر شابة من مدرسة النادي أو من فريق الأمل، خصوصا وأننا لم نسمع بمدرب مر بفريق شباب الريف، يشتكي من تدخل المكتب المسير في أمور عمله، وهذه نقطة إيجابية تسجل في مصلحة الاستقرار وتفادي المشاكل التي قد تعصف بشهر العسل الذي يمر به الطرفان. وبين هذا وذاك، يبقى اللاعب المحلي في دكة الاحتياط، في انتظار رحمة أو صدقة قد يتصدق بها المدربون للمشاركة مع الفريق. اللاعب المحلي..الكفاءة والتجربة وكفة الميزان صحيح أن كل فريق يسعى إلى تحقيق نتائج إيجابية يضمن بها استقراره وبقاءه على قيد الحياة، وعدم الخوض في حسابات البقاء والنزول منذ البداية، ويعمل أيضا على الذهاب بعيدا في المنافسة على اللقب أو المشاركة في المنافسات القارية، ويسعى كل لاعب ابن الفريق، على ضرورة المشاركة، واللعب لحمل قميص ناد ترعرع فيه ومنح له سنوات عمره الأولى. قبل أن يصل أي لاعب إلى مرحلة المشاركة بالبطولة الاحترافية، يمر بكل الفئات ويتدرج ويتسلق مراتب أعلى في كل فئة، تحت أنظار مؤطري النادي والمشرفين على هذه الفئات، والذين يبذلون مجهوداتهم الكبيرة من أجل إظهارهم للوجود وصقل مواهبهم الكروية، ويرفعون تقارير إلى إدارة النادي التي يجب عليها أن تدرس هذه التقارير والتركيز على الموهبة التي ستنال شرف حمل القميص..واستطاع الفريق أن يدمج ستة لاعبين من فريق الأمل خلال هذا الموسم 2015/2016، وقام المكتب المسير بإبرام عقود مع لاعبي فريق الأمل من أجل تحفيزهم وتشجيهم في بادرة يجب الالتفاتة وإليها وتثمينها، رغم ضعف قيمتها المادية طبعا. هؤلاء اللاعبون، يمارسون كرة القدم على حساب دراستهم أو تعلمهم لأي حرفة أخرى من أجل ضمان وكسب قوت يومهم مستقبلا، ومنحوا كل شيء لفريق شباب الريف الحسيمي، وراهنوا على كرة القدم لتكون منقذا وملاذا، وإذا وجد اللاعب نفسه مع مرور السنوات، أن مستقبله بدأ يضيع سيدخل مرحلة الضياع تدريجيا والفشل في رهانه، وهذا ما لا نرجوه ابدا. إن أي لاعب لا يمكن وصفه بهذه الصفة إلا إذا كان يحمل مواصفات اللاعب الكفء والمهاري، والتي غالبا ما تكون المهارة هبة إلاهية وليست تكوينا مدرسيا، فهل حقا يتوفر فريق شباب الريف الحسيمي على لاعبين من فريق الأمل، أو لاعبين محليين يستحقون اللعب في صفوفه، ويستحقون أن يسال من أجلهم كل هذا المداد؟ لسنا من ذوي الاختصاص، لكننا يمكن القول بأن الفريق قد أفرز لاعبين في المستوى، يفوقون بالكثير مهارة وكفاءة بعض اللاعبين الذين انتدبهم الفريق، الذين كلفوا خزينة النادي الكثير، وحبذا لوصرفت على هؤلاء على الأقل، لبقي المال عند أهل الدار وصرفه أبناؤه وكفى المؤمنين شر القتال..وقد استطاع النادي أن يضمن بقاءه بفعل مجهودات فريق الأمل في موسم سابق تحت قيادة مدرب فريق الأمل، السيد سعيد زكري، بعد أن كان المدرب الوحيد الذي نجح في توظيف طاقات شابة من مدرسة الفريق في رهان صعب تمثل في الصراع من أجل البقاء في الدورات الأخيرة، بعد أن تولى مسؤولية إنقاذ الفريق ونجح في ذلك.. قد يكون اللاعب المحلي أقل مهارة وكفاءة، لكنه لن يكون أقل حماسا ورغبة في تحقيق الأفضل، خصوصا وأنه يلعب من أجل سمعته كابن الفريق وكابن المدينة، ويكون أداؤه بطوليا أكثر من لاعب انتدب من أجل راتب شهري ليس إلا، ولا يمنح للفريق الشيء الكثير، ما دام فريق شباب الريف، يعتبر الفريق الوحيد الذي لا يجد اللاعبون مشاكل في صرف رواتبهم ومستحقاتهم، وأصبح جنة اللاعبين في البطولة الاحترافية لمن يرغب أن يكسب قوت يومه بدون عناء وبدون مشاكل. وفي الأخير، يبدو أنه من الصعب جدا حسم الإجابة على السؤوال، وتبقى معلقة إلى حين، ففريق شباب الريف يبدو أنه بين نارين، أو بين أمرين أحلاهما مرّ، فإن أشرك واعتمد عليهم بشكل كبير وفشل فسيكون الملام، وإن فضل إقصاءهم، فسيكون الملام أيضا، لكن ما يمكن قوله هو أنه يتوفر على لاعبين أبانوا في مباريات سابقة على مهارات وقدرات يستحقون بها أن ينالوا رسميتهم داخل الفريق، ووجب منحهم الفرصة بكل تأكيد، طبعا لمن يستحقها. ولكم واسع النظر.