إلى الآن مرت خمس جولات من البطولة الاحترافية لأندية كرة القدم، وحتى الآن فإن الملاحظ أنه لم يتغير الشيء الكثير عن الموسم الماضي «الهاوي»، هذا إن كنا نعتبر توقيع عقود مع اللاعبين و تعشيب الملاعب أو تزويدها بالإنارة نوعا من التغيير. فإقالة المدربين عادة دأب المتتبع المغربي على مشاهدتها، ومن ثم فلا داعي للاستغراب إن أقال الرجاء فاخر ومن ورائه بلاتشي وقد يكون الدور القادم على بيرنارد، ولن ننسى أن فريق حسنية أكادير هو الآخر أطاحت النتائج السيئة التي تلاحقه بالمدرب هوبير فيلد، والواف هو الآخر كان من الفرق التي قررت تغيير قبطانها، والمثير حقا أن يغادر بنهاشم الوداد الفاسي بسبب تخوفه من تهديدات تلقاها من مجهولين، إثرها قرر أن يغادر الفريق لأنه شعر حسب في نظره، بخطورة الموقف رغم أنه ليس سوى مدرب لنادي كرة القدم حتى يتلقى تهديدات بالقتل أو ما شابه ذاك. بعد فاخر، بلاتشي، هوبير فيلد، بنهاشم، جاء الدور على مصطفى مديح الذي فضل التنحي عن قيادة الفريق العسكري بعد هزيمة مدوية أمام اتحاد الخميسات بالرباط، لتسارع إدارة الفريق إلى فك ارتباطها بمديح وإيجاد بديل سريع لم يكن غير فتحي جمال، بالرغم من أن الإشاعات كانت تطرح كلا من فاخر والزاكي كأسماء مرشحة لتولي هذا المنصب. لكنها ليست النهاية.. فأسماء كثيرة يهددها شبح الإقالة بدء من السكتيوي مدرب أولمبيك أسفي الذي يمر بفترة حرجة لا يحسد عليها، لكنه لن يجلس بلا عمل .!! إذ أن فريق حسنية أكادير يسعى لاستغلال مصائب الفريق العبدي لصالحه، وهو الذي أقال مدربه الفرنسي بعد ثلاث دورات من انطلاق البطولة عقب خسارة مدوية أمام شباب الريف الحسيمي، مرورا بالمريني الذي لم ينجح في إعادة أولمبيك خريبكة إلى السكة الصحيحة، ومن ثم فإن فارس مدينة الفوسفاط سيجد ضالته في مديح لعل وعسى أن يستفيق الفريق، ولكن على حساب رأس المريني .!! وهنا التساؤل: هل تكون خسارة مباراة واحدة أو تحقيق نتائج غير إيجابية في مرحلة مبكرة من البطولة سببا يسمح للأندية بالإطاحة برؤوس المدربين؟ ألم يكن من الأجدر لهاته الفرق أن تتريث قليلا وتمنح مدربيها مزيدا من الوقت؟ فالنتائج في كرة القدم لا تأتي من الوهلة الأولى لأن المدرب ببساطة ليس صاحب عصا سحرية، سيضعها على الفريق لتأتي الانتصارات ومن ورائها الألقاب، ولعلنا نفهم سر رحيل أسماء رنانة في عالم التدريب، خاصة إذا تعلق الأمر بفرق من المستوى المتوسط والتي تظل بعيدة كل البعد عن المنافسة على درع البطولة. هذا الكلام يحلينا على نموذجين لمدربين ناجحين ويحظيان بالتقدير والاحترام. مدرب المغرب الفاسي رشيد الطاوسي، وزميله حسن الركراكي مدرب شباب الريف الحسيمي. ودون محاباة أو نفاق، فإن مدرب الماص هو أفضل مدرب على الصعيد الوطني، والنتائج التي حققها خلال قيادته للنمور الصفر تشهد على صدق كلامنا، لكن الأكثر أهمية هو أن نعلم أن الإدارة الفاسية كانت على قدر من المسؤولية أو لنقل أن تعاملت مع الوضع ب»احترافية»، وضعت ثقتها في إطار وطني، منحته كافة الصلاحيات، قدمته له الدعم بخصوص الانتدابات.. وبدوره لم يخيب الطاوسي الرجاء وقام ويقوم بعمل جبار من تألق الفريق الفاسي على الصعيد المحلي بل القاري. فالنتائج التي حققها الفريق تدل على أن إدارة الماص تحصد ثمار ما زرعت بعقليتها «الاحترافية».. والأكيد أن احتلال المركز الثاني في البطولة الوطنية ووصافة بطل كاس العرش الموسم الماضي والتأهل إلى دور الأربعة في كأس (الكاف)، دلائل تؤكد قوة هذا الفريق بإدارته ولاعبيه، وبطبيعة الحال مدربه الكفء. نموذج آخر يستحق التنويه، وهو مدرب الشباب الحسيمي الذي يظهر أنه سيكون الحصان الأسود للبطولة الاحترافية، فالفريق الذي نجح في البقاء ضمن أندية الصفوة، بعدما كان مرشحا للنزول إلى القسم الوطني الثاني، اقتنع بضرورة الاحتفاظ بخدمات مدربه الركراكي وعدم المجازفة باستبداله، وكم كان هذا القرار صائبا من طرف إدارة الفريق؟ إذ أن النتائج التي حققها ي الجولات الخمس أكثر من رائعة، ويكفي فقط أن نعلم أن هذا الفريق «الصغير» يحتل المركز الثاني خلف الوداد في الترتيب العام، وأرقامه لهذا الموسم جد ممتازة وتتفوق على ما حققه الكبار، أقوى خط هجوم وثاني أقوى خط الدفاع و3 انتصارات وتعادلان.. كل هذا لم يكن ليحصل لولا تريث إدارة الفريق الحسيمي ومنحها مزيدا من الوقت للركراكي من أجل السماح له بالعمل، ولم تسارع إلى تغييره كما فعلت الكثير من الفرق وستفعل أخرى!!؟ مسلسل الاستقالات أوالإقالات متواصل إلى حدود الساعة، ولن نستغرب إن سقطت أسماء أخرى بشكل غير متوقع، لكن ما يدعو للاستغراب هو أن هذا يحدث في زمن انطلاق احترافية الكرة المغربية، والتي ما فتئنا نسمع عنه من جامعة الكرة، كأنما الاحتراف منقذ سينتشل الكرة المغربية من بحر الظلمات إلى عالم الأنوار.