دخلت وزارة الداخلية على خط البحث في التشطيبات غير القانونية التي قام بها منتخبون، بغرض إبعاد عدد من الناخبين من اللوائح الانتخابية العامة لحسابات انتخابوية ترتبط بسعي بعض رؤساء الجماعات إلى تأمين ولاء ناخبين دون غيرهم ببعض الدوائر. وأوكلت وزارة الداخلية مهمة التثبت من صحة عملية التشطيب، إلى لجان إدارية يرأسها قضاة اشتغلت سلفا على البت في طلبات القيد الجديدة وطلبات نقل القيد المقدمة إليها، وكافة التصحيحات التي تصاحب المراجعة العادية للوائح الانتخابية العامة برسم سنة 2016. ويأتي تحرك مصالح الداخلية من أجل تطويق الاتهامات التي طالتها إبان الانتخابات الجماعية الأخيرة، إذ تفاجأ بعض المرشحين بالتشطيب على ناخبين بشكل مقصود يرجح كفة مرشحين لأحزاب أخرى. وقد جرت العادة أن تتحول كثير من المجالس الجماعية إلى مجال للصراع الانتخابي بين المنتخبين، كلما اقترب موعد الاستحقاقات، إذ يسعى كل طرف إلى توظيف مراجعة اللوائح الانتخابية، لإبعاد منافسيه سواء من الناخبين أو المنتخبين أنفسهم، كما تكثر قرارات التشطيب بغرض التحكم في الخريطة الانتخابية وضبط الكتلة الناخبة داخل حدود النفوذ الترابي للدائرة الانتخابية، سيما أن عمليات المراجعة التي أعلنتها وزارة الداخلية تتزامن مع بدء التحضير للانتخابات البرلمانية المقررة السنة الجارية. ورغم إشراف القضاة على عملية المراجعة، فإن حدود معرفتهم بالخريطة الانتخابية والتحالفات السياسية القائمة على مستوى الدوائر، يستغلها بعض المنتخبين الممثلين داخل هذه اللجان الإدارية، في توجيه عمليات التشطيب أو إغراق دوائر الانتخابية دون أخرى بالناخبين، إذ يستغل هؤلاء سلطة اللجنة الإدارية في القيام ب"إصلاح الأخطاء المادية التي تلاحظها في اللوائح، كإغفال قيد شخص فيها أو قيد شخص في عدة لوائح أو تكرار قيده في إحداها أو التي تتعلق بالحالات المحالة عليها"، من أجل التحكم في الخريطة الانتخابية داخل الجماعة. وفوضت وزارة الداخلية، بموجب قانون تجديد اللوائح الانتخابية العامة وضبطها، إلى القضاة سلطة الإشراف على مراجعة وتنقية اللوائح الانتخابية قبل كل موعد انتخابي، وذلك في سياق سعيها إلى منع كل أشكال التلاعبات التي تشوب عملية مراجعة اللوائح الانتخابية، إذ يمنع القانون كافة مظاهر تحويل عملية مراجعة اللوائح وسيلة إلى لتصفية الحسابات، ويُلزم اللجنة الإدارية بإيداع اللوائح الانتخابية بمكاتب السلطات الإدارية المحلية، وكذا بمكاتب الجماعات والمقاطعات، طيلة ثمانية أيام لأجل الاطلاع عليها من قبل الناخبين، وتمكينهم من سلطة الطعن فيها داخل آجال محددة، بموجب طلبات وشكاوى تعرض على اللجان الإدارية لبحثها. وللحد من تلاعبات التشطيب على الناخبين من اللوائح الانتخابية العامة، ربط القانون الجديد بين التشطيب على أسماء المقيدين وبين تقديم الإثباتات الضرورية لهذا القرار بالتنصيص على أن كل قرار صادر بشطب اسم، باستثناء التشطيبات المتعلقة بالوفيات، يجب أن يبلغه رئيس اللجنة الإدارية إلى الشخص المعني بالأمر داخل الأجل ووفق كيفيات التبليغ القانونية.