بايتاس: الحد الأدنى للأجور سيرتفع ابتداء من فاتح يناير... ونفقات الموظفين سترتفع إلى 192 مليار درهم    توقيف القاضي العسكري السابق المسؤول عن إعدامات صيدنايا    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الإغلاق على وقع الإرتفاع    خلفا لبلغازي.. الحكومة تُعين المهندس "طارق الطالبي" مديرا عاما للطيران المدني    المديرية العامة للضرائب تمدد العمل خلال السبت والأحد بشبابيكها لتسهيل التسوية الطوعية للوضعية الجبائية قبل نهاية 2024    نتانياهو يؤكد استمرار ضرب الحوثيين    احوال الطقس بالريف.. استمرار الاجواء الباردة وغياب الامطار    السرطان يوقف قصة كفاح "هشام"    المغرب ينتج 4000 طن من القنب الهندي في 2024 دون خروقات قانونية    بشرى كربوبي تحتل المركز الخامس كأفضل حكمة في العالم لسنة 2024    قبل مواجهة الرجاء.. نهضة بركان يسترجع لاعبا مهما    الكلاع تهاجم سليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين المدانين في قضايا اعتداءات جنسية خطيرة    حقوق الضحايا ترفض التشهير وتطالب بحفظ كرامة ضحايا الاعتداءات الجنسية بالمغرب    مدرب غلطة سراي: زياش يستعد للرحيل    تحديد فترة الانتقالات الشتوية بالمغرب    "الجبهة المغربية": اعتقال مناهضي التطبيع تضييق على الحريات    في تقريرها السنوي: وكالة بيت مال القدس الشريف نفذت مشاريع بقيمة تفوق 4,2 مليون دولار خلال سنة 2024    ستبقى النساء تلك الصخرة التي تعري زيف الخطاب    العسولي: منع التعدد يقوي الأسرة .. وأسباب متعددة وراء العزوف عن الزواج    جلالة الملك يحل بالإمارات العربية المتحدة    نشرة انذارية.. تساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من مناطق المملكة    مجلس الجالية يشيد بتبسيط إجراءات توثيق الزواج وإيجاد حل بديل بشأن التوارث في حالات الزواج المختلط    حصاد سنة 2024.. مبادرات ثقافية تعزز إشعاع المغرب على الخارطة العالمية    المغرب يفاوض الصين لاقتناء طائرات L-15 Falcon الهجومية والتدريبية    "زوجة الأسد تحتضر".. تقرير بريطاني يكشف تدهور حالتها الصحية    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    سرقة مجوهرات تناهز قيمتها 300 ألف يورو من متجر كبير في باريس    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    الثورة السورية والحكم العطائية..    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحركة الأمازيغية وسؤال المشروع المجتمعي الممكن
نشر في شبكة دليل الريف يوم 25 - 11 - 2014

لا يخفى علينا أن الحركة الأمازيغية راكمة إرثا نضاليا مهما منذ يوم بروزها كحركة تحررية تصحيحية إلى يومنا هذا، منطلقة –الحركة- من الذات الأمازيغية المتضررة المستلبة والمهدورة بقوة "إيديولوجية القوة" التي تبنتها الدولة المخزنية من خلال شعارها الهلامي "العروبة والإسلام" ومن منطلق "شرعية القوة" (لا قوة الشرعية) والبهتان الإيديولوجي الأسطوري الذي أسسته دولة الاستقلال الشكلي –التي أفرزتها معاهدة إكس ليبان- في شخص مهندسي ما يعرف في تاريخ المغرب المعاصر ب "الحركة الوطنية" على أنقاض المشروع المقاومة التحرري ثم على التزوير الفادح للتاريخ، كل هذا جعل دولة "الإحتقلال" تعرف شروخا وأزمة تمثلت في انفصالها عن الذات الوطنية الحقيقية بتبنيها "الوطنية الزائفة" المحتقرة للذات والممجدة للآخر التي نظر لها مهندسي "السياسة البربرية" في بلاد موراكش، وحديثنا عن بروز الحركة الأمازيغية اليوم لم يكن خارج هذا السياق المتسم بأزمة السطو على الذات الأمازيغية الوطنية من قبل إيديولوجية النقيض الإستئصالية عندما تبنت خطة اقحام الذات والشخصية الأمازيغية بكل ما تحمله هذه الأخيرة من قيم ثقافية تاريخية حضارية هوياتية في "هوية قاتلة" ببعدها العروبي العرقي القومي اللاوطني.
إذ فحديثنا عن الحركة الأمازيغية اليوم هو الحديث عن مشروع تحرري بالدرجة الأولى للشعب والوطن، وذلك بتحريرهما من تلك "الوطنية الزائفة" التي لصقت بهما وأقحم فيها الوطن عنوة لخدمة ايديولوجية العروبة قبل الإسلام وهويتها القاتلة العابرة للحدود والقارات بخطابها الأحادي وبمركزية ثنائيها العرقي واللغوي العروبيين، إذن هو مشروع استعادة الهوية المغتصبة بفهمها الترابي الجغرافي الوطني من الهوية القاتلة المنطلقة من العرق واللغة متسترة بقدسية الدين كزوجين إذا انفصلا لا يكمن أن ينجبا، وأي انفصال محتمل بينهما ستصاب فيها العروبة العرقية بالعكر وبالخصوص في البلدان التي لها عمق تاريخي وثقافي وحضاري مثل شمال أفريقيا.
ومع هذا وجب علينا العمل على بلورة مشروع أمازيغي وطني ينطلق من الذات الوطنية الحقيقية من أجل بناء وطن ذا هوية حقيقية تعتز بانتمائها الترابي والجغرافي والتي تستوعب داخلها كل التنوع الثقافي واللغوي والعرقي والسياسي والفكري حتى تكون الهوية بفهمها المجالي مدخلا حقيقيا للتصالح مع الشخصية الوطنية الأمازيغية الذي بدوره –هذا المدخل- سيساعدنا على بناء دولة المواطنة الحقة الديمقراطية الحداثية تتسع للجميع من حيث الحقوق والحريات بعيدا عن ثقافة دولة الرعاع و ثقافة تمييز أو أي تفاضل محتمل ضارب في مبادئ المواطنة.
فلا يمكن أن نتحدث عن نجاح أي حركة اجتماعية تحررية ما بدون مصداقية مشروعها المجتمعي المنطلق من العمق التاريخي الحضاري والثقافي والهوياتي والقيمي، ثم الأخذ والاستفادة من كل المشارب الفكرية الإنسانية لبناء مرجعيتها الخطابية والفكرية، والحركة الأمازيغية في بلاد موراكش لا من الحركات الاجتماعية التي اتخذت هذا المنحى في بناء مشروعها الفكري والسياسي الذي يستقي أسسه الخطابية من مختلف المرجعيات الفكرية الكونية الحديثة كالعقلانية والنسبية والاختلاف والديمقراطية والحداثة وغيرها من المبادئ الإنسانية الكونية.
وما فشل الايديولوجيات والمشاريع الخطابية اليسارية من القوميين البعثيين الاشتراكيين وكذا المشاريع الحركات الإسلاموية في بلاد موراكش وشمال افريقيا عامة لا خير دليل على أن مشاريعها الإيديولوجية غير منبثقة من عمق حضاري وتاريخي وثقافي وهوياتي وطني –بالمعني الترابي للوطن- بل هي خطابات مستوردة ذات أبعاد إستلابية إستئصالية للذات والشخصية الوطنية، وإلا لما وجدناها تحتقر الذات الوطنية وتمجد الأخر البعيد عن الوطن بفهم الترابي لهذا الأخير، بأنها بكل صراحة فهمها لما هو وطني حقيقي لا يخرج عن نطاق "السياسة البربرية" القديمة الجديدة.
أعتقد من أجل تحقيق المشروع المجتمعي الأمازيغي الممكن والمتكامل الذي ينطلق من الذات والهوية الأمازيغية الترابية تكون فيها الأرض بموقعها الجغرافي هي المحدد الرئيسي لهوية الدولة والسلطة، لا بد من الأخذ بالإشكالات التاريخية والثقافية واللغوية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية التي تحتضنها هذه الهوية الترابية والبحث لها عن الحلول في إطار المشروع المجتمعي المتكامل الذي نناضل من أجله ونسعى لتحقيقه.
سنحاول طرح بعض الإشكالات إن لم أقل بعض العناصر للتفكير التي تستدعي من الحركة الأمازيغية البحث لها عن الحلول في إطار مشروعها المجتمعي الممكن، حتى تعمل الحركة على توسيع دائرة مشروعها ونقله من مشروع ثقافي لغوي تاريخي هوياتي إلى مشروع مجتمعي متكامل يستوعب داخله بالإضافة إلى ما سبق ذكره كل ما هو اقتصادي واجتماعي وتنموي وغيرها من القضايا المرتبطة بالوطن والشعب.
على مستوى السياسي: العمل من أجل بناء الدولة الديمقراطية الحداثية مدخلها الحقيقي ارساء قواعد انتقال الديمقراطي كما هو متعارف عليه عالميا، وذلك من خلال اقرار دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا منبثق من إرادة الشعب التأسيسية يقر بالمغرب دولة أمازيغية ديمقراطية مدنية فدرالية علمانية، ويقر بفصل حقيقي للسلط (التشريعية، التنفيذية، القضائية) ويربط المسؤولية بالمحاسبة الفعلية.
على مستوى الثقافي واللغوي: العمل على النهوض بموروثنا الثقافي بعيدا عن الفهم الثقافوي الفولكلوري الضيق الذي يحاول المخزن أن يسوقه من داخل أبواقه الإيديولوجية، ثم الاعتراف بتعدده وتنوعه في إطار هوية الوطن الترابية الأمازيغية وبانتمائها الإفريقي، ثم العمل من أجل تحقيق اللغة الأمازيغية موقعها في مجال المنافسة اللغوية من حيث تشجيع الباحثين والمهتمين على الإنتاج الأدبي والفكري وفي مختلف المجالات الأكاديمية كلسانيات والأنتروبولوجيا لتكوين قاعدة مهمة للقراء الأمازيغ ولكل الباحثين المهتمين بالقضية وذلك من خلال انشاء مؤسسات ومعاهد مستقلة من أجل البحث والدراسات والتكوين والإنتاج الأمازيغي.
على مستوى التاريخي: العمل من أجل إعادة قراءة تاريخنا الوطني الحقيقي من القديم والمتوسط والحديث المعاصر وتصحيحه بعيدا عن القراءات الايديولوجية الضيقة وتاريخ مؤرخي الساطين والبلاطات وذلك باعتماد الموضوعية والنزاهة المدعمة بقوة الحجج التاريخية المعتمدة على النص والوثيقة التاريخيين، وكذا تشجيع الباحثين الأمازيغيين على تقديم الأبحاث تاريخية أكاديمية في هذا الجانب التصحيحي لتاريخنا الوطني الموضوعي.
على مستوى الفكري: تكمن قوة مشروع مجتمعي الأمازيغي في تثبيت معالم الفكر السياسي الأمازيغي، وتحيين منظومة قيم ثيموزغا وأنظمتها السياسية والقانونية وهياكلها الاجتماعية والاقتصادية وتأهيلها بما تتماشى مع التحولات الوطنية والإقليمية والعالمية لبناء مشروع فكري مستقبلي مستقي من قيم الوطن وتاريخه وحضارته وثقافته وهويته، بعيدا عن الإسقاطات الفكرية والخطابية والقوالب النظرية الجاهزة.
على مستوى الاجتماعي: العمل على انفتاح الحركة وتوسيع دائرة تحركها بتبني قضايا الشعب لتشمل ما هو اجتماعي يومي معيشي مرتبط بقضايا وهموم الشعب اليومية المتعلقة بتفشي الفقر والتهميش والبطالة وتدني مستوى العيش وغياب البنيات التحتية، سياسة نزع الأراضي وغير ذلك من القضايا المحطة بالعيش الكريم للمواطن وكرامة الإنسان وحقوقه الاجتماعية وحرياته وهذه المطالب لا يجب أن تكون خارج مشروعها المجتمعي الشامل، حتى يكون حضورها قوي وفعال إلى جانب هموم وقضايا الجماهير.
على مستوى الاقتصادي: العمل والنضال من أجل الحق العادل في توزيع الثروة الوطنية بين المواطنين والجهات، من منطلق المواطنة الكاملة بعيدا عن ثقافة الراعي والرعية، وسياسة المركز والهامش، المغرب النافع والغير النافع، وذلك من خلال تبني مقاربة تنموية شاملة موجهة للإنسان ومن أجله تحترم الخصوصيات الثقافية واللسنية والتاريخية للمناطق وتخول لها حق في تسيير نفسها بنفسها في إطار النظام الفدرالي للدولة.
وعلى سبيل الختم نقول أن هذا الموضوع لا يهدف إلى تقديم الأجوبة لكل ما يجب أن يحاط به المشروع المجتمعي الأمازيغي الممكن، وإنما هو مساهمة منا في أرضية للتفكير الجماعي الأمازيغي المشترك، من خلال هذه العوارض الكبرى التي أوردتها في هذه المقالة المتواضعة قد أكون أصبت فيها و قد أكون أغفلت نقاط أخرى، إلا أن ما هو مهم هو الإطار العام للتفكير والفهم الذي يكمن أن نقدمه للقضية في جوانبها المتعددة في اطار الفهم الشمولي المتناسق بعيد عن التجزيء والفرملة وإفراغ المضامين والمعاني المفهومية من محتوياتها الصحيحة كما يذهب إلى ذلك المخزن وما يدور في فلكه للأمازيغية.
إلا أن ما سبق أن خضنا فيه في هذا الموضوع من المستبعد أن يتحقق ويجسد على المستوى التنظيري قبل الفعلي بدون وجود معبر سياسي تنظيمي أمازيغي مشترك يجمع الفاعلين الأمازيغيين للتفكير والتداول والتخطيط والاقتراح والتوجيه والتطبيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.