شرطة طنجة بتنسيق "الديستي" يحبطان محاولة تهريب 5 أطنانو758 كيلوغراما من مخدر الشيرا    انتقاء 5 مستثمرين لإنجاز مشاريع الهيدروجين الأخضر في الأقاليم الجنوبية للمغرب    ممثل البنك الأوروبي للاستثمار يشيد بالتقدم الملحوظ للمغرب تحت قيادة جلالة الملك    مجلس الحكومة يصادق على مشاريع مراسيم أحدهم يتعلق بعمليات جمع التبرعات من العموم وتوزيع المساعدات لأغراض خيرية    حادثة سير خطيرة تتسبب في وفاة 3 أشخاص بالقرب من مدينة سلا    مونديال 2030.. تأهيل محاور الربط الطرقي لملعب فاس بتكلفة 1,78 مليار درهم    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع وضعية الطفلة المعتقلة ويدعو لعدم نشر صورتها    بايتاس: 12 ألف منصب شغل مرتقب في منطقة التسريع الصناعي ببن جرير    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الفنان ابراهيم الأبيض يطل علينا باغنية "أسعد الأيام" في رمضان    مرصد: مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالمملكة تسجل 2,04 مليون ليلة مبيت    بايتاس يطمئن المغاربة بشأن مراقبة المواد الأساسية ويؤكد على الوفرة في المنتجات    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن -06-    بنخضرة تستعرض تقدم إنجاز خط أنبوب الغاز إفريقيا-الأطلسي بواشنطن    قمة الدول العربية الطارئة: ريادة مغربية واندحار جزائري    السلطات تمنع تنقل جماهير اتحاد طنجة نحو فاس لمؤازرة فريقها أمام "الماص"    مانشستر يونايتد يدخل التنافس على خدمات نايف أكرد    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    "الفيفا" يدرس توسيع كأس العالم لكرة القدم لتضم 64 منتخبا    أفضلية إنجليزية وتفوق واضح للضيوف في ذهاب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا    جون ماري لوكليزيو.. في دواعي اللقاء المفترض بين الأدب والأنثربولوجيا    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    الدريوش.. المحكمة الإدارية تقضي بتجريد 9 أعضاء بجماعة بن الطيب ورئيس وأعضاء بجماعة أزلاف    اتفاقية شراكة بين وكالة بيت مال القدس ووزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية للتكفل بالأيتام والأطفال مبتوري الأطراف ضحايا الحرب على غزة    شركة لإيلون ماسك تفاوض المغرب لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في الصحراء المغربية    إيرلندا تدعم جهود المبعوث الأممي    الملك يهنئ رئيس غانا بالعيد الوطني    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقعات نشاط قطاع البناء بالمغرب    أخبار الساحة    قصص رمضانية...قصة الصبر على البلاء (فيديو)    سكينة درابيل: يجذبني عشق المسرح    الكاف: إبراهيم دياز السلاح الفتاك لأسود الأطلس وريال مدريد!    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    عائلات محطمة بسبب مآسي الهجرة سباحة إلى سبتة مع تزايد أعداد المفقودين    "مرجع ثقافي يصعب تعويضه".. وفاة ابن تطوان الأستاذ مالك بنونة    الفاتنة شريفة وابن السرّاج    السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    كأس العرب قطر 2025 في فاتح ديسمبر    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    البيض ماكلة الدرويش.. تا هو وصل لأثمنة غير معقولة فعهد حكومة أخنوش.. فين غاديين بهاد الغلاء؟ (فيديو)    المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني يعقد اجتماعا برئاسة شي جين بينغ لمناقشة مسودة تقرير عمل الحكومة    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    أمطار رعدية في توقعات طقس الخميس    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    أمن طنجة يحقق في واقعة تكسير زجاج سيارة نقل العمال    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد البلعيشي : رسالة إلى من يهمه الأمر

أعلن أنا المواطن أحمد، (ولست العبد ولا المعبود ولا المعْبد)، المتصالح مع الذات والدولة (ولو من جانب واحد)، وما عدت – وما كنت – معنيا بفتات مزابل الحاكم ... وقريبا من اللغة ذاتها، حين خاطبتُ الدولة، في شخص السيدة حليمة ورزازي، ممثلة الغرب، في المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، بداية التسعينات من القرن الماضي، من داخل زنزانتي بسجن عكاشة ...
وبعيدا عن لغة الخشب، أو غثاء الحيوان على سُنّة بنكيران، أو مفردات "شناقة" المناسبات (وما أكثرهم في مشهدنا الوطني الرديء)، أعلن بعد التذكير بما يلي:
نقلت في الخطاب الممهور، من داخل السجن المذكور، آهات وأنّات وزفرات وعذابات، ما يحصل داخل البلد، واستعرضت كل أسماء الجلادين ... طبعا لم تكن أسباب نزول الخطاب هي "الخيانة الوطنية"، أو المزايدة على الموقف الحقوقي للدولة المغربية، ولم تكن "الغرائز البدائية" هي التي من إستدعت "الغلظة" في القول، والصراحة في التعبير ... بل إن مؤثرات من قبيل (وطني أنت أب لي)، ودروس أحمد بوكماخ (الله يرانا)، والعمق الأخلاقي والديني للإسلام الشعبي (تغيير المنكر ولو باللسان)، مع خلطة لا بأس بها من التربية الريفية والمغربية الخالصتين ... هي الحافز على تسجيل الموقف المبدئي، ولو "بالنيابة" عن أصدقائي ورفاقي (رجالا ونساء)، في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، صاحبة مشروع الرسالة/ الخطاب ...
أجل، كانت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، هي الإطار "الطليعي" ولربما الوحيد – آنذاك- من استطاع التعبير عن "الحقيقة الحقوقية الوطنية"، وذلك بحكم طبيعة مكوناته اليسارية والجذرية والممانعة، وبحكم خلفية ترسانته البشرية، المُدمّغة جلود وذاكرة أطره وقواعده – محليا ووطنيا – بسياط جلادي المرحلة (سنوات الرصاص) ...
أستحضر هذه الذكرى، وهذا الخطاب اليوم، والمغرب الحقوقي (رسميا وشعبيا بالتأكيد) يستعد لتنظيم المنتدى العالمي لحقوق الانسان بمراكش خلال الشهر المقبل. وهي مناسبة للمغرب، وللحركة الحقوقية المغربية، لتقديم وكشف الانجازات، ووضع الذات أمام مِرْآة المجهر الدولي، الغير بريء تماما من رجس الأغراض السياسوية والمصالحية، في إطار حسابات "لعبة الأمم" والمنظمات العابرة للقارات!!
الأكيد أن مغرب اليوم، ليس هو مغرب الأمس، حيث نفى (بكل وقاحة)، وزير حقوق الإنسان (ومحامي الحكومة في محاكمة نوبير الأموي)، وجود معتقلين سياسيين بالمغرب! بل استكثر على نزلاء "تازمامارت" حقهم في شمس بلادهم!!! أقول بأن كثيرا من المياه قد جرت في قنوات المجرى الحقوقي للبلد، وأن منسوب العدالة الانتقالية المغربية (الإنصاف والمصالحة)، وانتقال الحكم إلى ملك "جديد" (لا زال مُصرّاً على مقولته: "أنا هو هو والحسن الثاني هو هو")، واستثنائية المقاربة المغربية، حيال ما سمي ب"الربيع العربي"، المزهرة أشواكه، وفوضاه الغير الخلاقة، في أكثر من بلد، من شرقنا المتوسط!
هي مجرد ملامح، على أن، يومَ الناس هذا، أفضل بكثير من أيام سنوات الجمر والرصاص، مغرب القمع المُعَمّمِ، والفساد والاستبداد (بالجملة والتقسيط) ... لكن، ونحن نتعبأ (أو هكذا ينبغي أم يكون الأمر) لاستقبال استحقاقات المنتدى العالمي بمراكش (مدينة "جامع الفنا" و"سبعة رجال")، ألا ينبغي أن ندُقّ الخزّان (على طريقة رواية غسان كنفاني)، ونعلن نهاراً جِهاراً، عن الصورة الحقيقية للوضع الملتبس بالمغرب!! أليس من مصلحة المغرب (شعبا وحكومة وملكا)، كنس باب داره، وترتيب بيته الداخلي، ولو من أجل (وقبل) الحدث المنتظر؟!
أجل، وبعد تأثيث الخطاب، أخاطب من يهمهم الأمر بالكتاب التالي:
يعرف المشهد الوطني، ردّة وتراجعا على مستوى حقوق الإنسان، ويعرف نكوصا على مستوى "الارتياح"، الذي ساد فترة ما بعد منتوج الإنصاف والمصالحة، والذي كان أمل "النخبة" مُعلّقاً على تنفيذ وتفعيل توصيات التقرير الختامي للهيأة المذكورة، بَلَه رفع سقف "العدالة الانتقالية"، لتشمل آلاف الضحايا الذين "فاتهم القطار"! لسبب من إكراهات الوقت، أو ترددات أصحاب الوقت .. وتطال كل الملفات العالقة: الريف، حالات الاختطافات العالقة، حالة المهدي بنبركة، المعتقلين السياسيين قبل وبعد 1999، طلبة أهرمومو، ملفات التاريخ والذاكرة، وتنزيل القوانين الضامنة لاستقلالية القضاء، والضامنة لعدم تكرار ما جرى، وإعفاء الجلادين من مسؤولية تدبير الشأن العام، وهلُمّ جراً.
وبدل تحويل تركة الماضي إلى رأسمال رمزي ولامادي، ومنافسة العالم في تعميق مسلسل الدّمقرطة وإنجاز التنمية الشاملة، ومناهضة الفساد والاستبداد، وتبني الخيار الجهوي بما يضمن تقاسم السيادة، والتدبير والمقاربة التشاركية، وإنصاف الأمازيغية، وإلغاء عقوبة الإعدام ... راح المغرب الرسمي يجتر خطاب وسلوك "الديكتاتور العربي"، أي خطاب الضّجر، (كما أسماه درويش ذات انتفاضة بفلسطين)! وأعني تحديدا خطاب "الخيانة" الموجّه إلى الحركة الحقوقية بالمغرب، وفي القلب منها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وفرع المغرب لمنظمة العفو الدولية... كما راح أيضاً يمارس "شبهات" ماضي سنوات الرصاص في شأن ملفات وضحايا وشخوص، من قبيل معتقلي 20 فبراير، وكريم لشقر "البطل"، والصحفي المهداوي، والطفل عثمان عتيق، ووفاء شرف، والمناضل الكبير بوبكر الخمليشي، والقائمة طويلة!
إن من شأن عدم تصحيح ما شاب هذه الحالات من غبن وظلم وإنكار، و"استخفاف بالعدالة"... أن يهُدَّ عمران الإنصاف والمصالحة، ويعيدنا القهقرى إلى أزمنة اليوسفي قدور، والبصري، وأوفقير، وكل جلاوزة سنوات الرصاص !
المطلوب الآن، والمغرب يستعد لاستضافة المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان، هو أن يتوقف سلوك وخطاب الضّجر، وأن تُفتح أبواب السجون أمام المعتقلين السياسيين، وأن يتوقف مسلسل "العدوان" على الحركة الحقوقية (قد نختلف مع بعضها في التفكير والتدبير، لكن أبداً لن نتخاذل في الدفاع عن حقها في التعبير)، وأن ينطلق مسلسل تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، عبر استكمال جبر الضرر الفردي والجماعي، ووضع الآليات المنصوص عليها في دستور 2011، للحيلولة دون تكرار ما جرى، وضمان عدم الإفلات من العقاب، واستقلالية القضاء، ومعرفة الحقيقة ...
هي سلة من الإجراءات العاجلة، يتعين على المغرب اتخاذها، على وجه الاستعجال، ليس فقط كي يتجنب تحويل "جامع الفنا" بمراكش إلى ميدان لإدانة "التجربة المغربية"، حقوقيا وسياسيا! بل من أجل تأكيد جِدِّيّة وصَوابية اختيارات المغرب والمغاربة، بصدد حقوق الإنسان، والعدالة الانتقالية، كعملة مغربية "نادرة" في محيطه الجهوي والشرق أوسطي ... وحده ذلك، سيؤكد "الاستثناء المغربي"، وسيثبت أن مغرب اليوم، ليس هو مغرب الأمس.
تُرى، هل سيستوعب المسؤولون خطابنا هذا، ومن ثمّ يَعْقلون ويتدبرون، ويرفعون التحدي ...؟
اللهم فاشهد أني قد بلّغت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.