قال الفاعل الحقوقي والسياسي عبد الإله المنصوري إن الدولة المغربية مستمرة في انتهاكها لحقوق الإنسان عن طريق اعتقال أشخاص بسبب أرائهم وأفكارهم السياسية والعقائدية، مشيرا إلى أن النظام دشن سلسلة انتهاكاتها في العهد الجديد، بعد 11 شتنبر 2001، "والتي لا تقل خطورة عن انتهاكات سنوات الرصاص" حسب تعبير المنصوري. ويضيف ذات الناشط، خلال مداخلة له بندوة فكرية نظمتها اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين بمقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الخميس بالرباط، أن حزب العدالة والتنمية، الذي يرأس الحكومة الحالية، كان بعد أحداث 16 ماي يطالب بفتح تحقيق في تفجيراتها، لكنه اليوم، يضيف المنصوري، في شخص وزير العدل والحريات مصطفى الرميد يتراجع عن دفاعه الذي طال المعتقلين على خلفية ملف تفجيرات العام 2003 بالدار البيضاء. واعتبر القيادي في حزب الاشتراكي الموحد أن النظام المغربي السابق كان لا يُقرّ بوجود معتقلين سياسيين إلا بعد الإفراج عنهم، أما خلال العهد الحالي "يتم التحايل على ذلك بإطلاق مُسمى الاعتقال التعسفي"، والقول أيضا ب"طيّ ملف الاعتقال السياسي".. وحسب المنصوري فإن الحكومات المغربية تتغير وسط ثبات منطق الدولة بأجهزتها الأمنية والإعلامية والحقوقية التابعة لها. كما طالب المنصوري وزيرَ العدل والحريات ب "إفراغ السجون المغربية من حوالي 1000 معتقل رأي، من بينهم معتقلو التيار السلفي وباقي معتقلي مجموعة محاكمة فاس 1994، وخلية حزب التحرير، والمقاتلين المغاربة بالعراق، و4 نساء معتقلات، وحوالي 120 معتقلا من حركة 20 فبراير"، داعيا في الوقت نفسه إلى "فتح تحقيق في اغتيال الدكتور محمد بونيت الذي قتل من طرف أجهزة الأمن المغربية بتارودانت قبل أن توجد جثته مرمية بجوار سوق ممتازة بمراكش". محمد المرواني، المعتقل السابق ضمن "خلية بليرج"، قال إن تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب، تحت يافطة هيئة الإنصاف والمصالحة، قد قامت في إطار "نظام استبدادي وتسلطي لتجعل الجلادين يشعرون بالأمان جراء امتناع الدولة عن متابعتهم"، كما أن هذه التجربة، حسب المرواني، استندت إلى الاستماع فقط للضحايا دون الجناة.. "لم نسمع أبدا اعتذرا رسميا من النظام أو الحكومة" يورد المرواني ضمن كلمة له بذات الموعد. الأمين العام لحزب الأمّة طالب مصطفى الرميد بالإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين من داخل السجون، معتبرا أن العدالة الانتقالية بالمغرب لم تحقق أهدافها لأن المصالحة التي أطلقتها هيئة الإنصاف والمصالحة "لم ترتكز على المصارحة.. وضيعت الكثير من الحقائق". وذكر المرواني أن أبرز المؤشرات على ضرورة الإفراج عن كافة معتقلي الرأي منها "تواجد المغرب ضمن لائحة الدول الاستبدادية وما يقتضيه التقدم في مؤشر الديمقراطية العالمي من غياب للمعتقلين السياسيين عن السجون"، كما اعتبر أن أن القضاء المغربي "لا يزال معطوبا ما دامت تسوية ملفات المعتقلين السياسيين لم تتم بشكل كامل، منتقدا كذلك ما أسماه ب "الإفراج عن البعض وإبقاء على الآخرين" في إشارة منه إلى ملف "بلريج" الذي كان قد اعتقل ضمنه. الحقوقي عبد الإله بنعبد السلام اعتبر أن تنظيم ندوة الاعتقال السياسي رسالة قوية لمصطفى الرميد من أجل التعبير عن الاستياء الكبير الذي يعم الحقوقيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بالمغرب جراء استمرار انتهاك الحريات داخل وخارج السجون. وقال نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن ملف معتقلي الرأي مفتوح، واستفحاله مرتبط بطبيعة النظام الاستبدادي بالمغرب، مشيرا إلى أن آثار الاعتقال النفسية والمادية والاجتماعية تلازم المفرج عنهم جراء ما لحقهم من اختطافات واحتجازات تعسفية ومحاكمات غير عادلة. كما طالب بنعبد السلام، الذي اعتبر أن معالجة هيئة الإنصاف والمصالحة لملف انتهاكات حقوق الإنسان لم تكن عادلة، بالإنهاء مع الاعتقال السياسي وما يتم رصده من انتهاكات لحريات التعبير والتظاهر وتأسيس الجمعيات والأحزاب، داعيا إلى التسريع بالإفراج عن معتقلي الرأي إضافة لتسوية وضعياتهم الاجتماعية. واعتبر خليل الإدريسي، المحامي والفاعل الحقوقي، أن يكون نقاش الاعتقال السياسي بالمغرب محتاجا لتحديد مفاهيم، معربا عن تفضيله الحديث عن "الاعتقالات التي تمت في إطار قانون مكافحة الإرهاب" باعتباره "استثنائيا صاحبته إجراءات غير قانونية وغير مألوفة على مستوى التوقيف والاعتقال والمحاكمة". ونفى الإدريسي، في معرض مداخلته ضمن نفس الندوة، وجود عدالة بالمغرب حتى يثار الكلام عن عدالة انتقالية، واصفا الحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، وهو الذي تشرف عليه الهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح، ب"الأعوج الذي تقوم به هيئة ضامة لأشخاص كانوا ضد العدالة في السابق". ذات الناشط الحقوقي والمهني القضائي قال إن مصطفى الرميد غير موقفه تجاه المعتقلين السياسيين بالسجون ، موردا أن ذات التغير جاء من تغييره موقعه دون الاستناد على مبدأ يؤمن به، "الرميد يدافع عن تركة موروثة عن الحكومة السابقة، وقد تنكر لمرجعية الشارع التي أوصلته للحكومة وطالبته بالإفراج عن معتقلي الرأي".