«شخيلدرسفايك» واحد من أحياء العاصمة السياسية لاهاي تقطنه جالية تركية ومغربية كبيرة غالبيتها من المسلمين المتشددين، ولا يجرؤ الهولنديون على دخوله مهما كلف الأمر. وصفه اليميني الهولندي المتطرف زعيم حزب الحرية فيلدرز بالحي «الداعشي» قبل ثلاثة اشهر ونيف بعدما وصلت جثث احد عشر هولندياً قتلوا في سورية، سبعة منهم من العاصمة لاهاي. فيلدرز يقول ان 73 في المئة من المسلمين في هولندا من الدواعش. منذ هذه الحادثة والحي يشهد توتراً عالياً، خصوصاً بعد مقتل احد الهولنديين المغاربة العائد من القتال في سورية على ايدي الشرطة التي بدأت تتعقب العائدين في الشارع الرئيس للحي الذي لا يبعد كثيراً من مبنى البرلمان. ظاهرة الدواعش الهولنديين قسّمت المجتمع ثلاث مجموعات: اليمين المتطرف بقيادة فيلدرز، واليسار المؤلف من احزاب صغيرة، و «داعش» التي تتمركز في هذا الحي وأحياء متفرقة في المدينة. الصدمة كانت كبيرة للمجتمع الهولندي الذي وجد بين ظهرانيه عدداً كبيراً من المتطرفين ولم يكن يشعر بخطرهم إلا بعد عودة الجثث من سورية. الأخطر ان تتظاهر مجموعة مؤلفة من 12 داعشياً تعود أصولهم الى شمال افريقيا، علناً في لاهاي وهم يحملون علم الدولة الاسلامية، بحماية الشرطة. رئيس الحكومة روته قال ان هناك فِرقاً خاصة من قوات الامن تتعقب العائدين. نهار السبت في 20 ايلول (سبتمبر) خرجت ثلاث تظاهرات تمثل كل واحدة منها مجموعة: الأولى تمثل اليمين المتطرف، والثانية اليسار، والثالثة «داعش»، ولولا قرار عمدة المدينة بعدم التظاهر في «سخلدرس فيك» لحصلت فوضى ووقع ضحايا. كان الدواعش يعرفون انهم سيكونون من الخاسرين فآثروا العودة الى بيوتهم التي تطوّقها الشرطة من كل مكان مثلما تطوق التظاهرات الاخرى وفي شكل غير مسبوق. معظم الدواعش في هولندا من طلاب الجامعات والعاطلين من العمل ولا تتجاوز أعمار اكبرهم الثلاثين، وأكثرهم من اصول مغاربية ويمثلون الجيلين الثالث والرابع من المهاجرين الذين قدموا كأيدٍ عاملة رخيصة بداية السبعينات من القرن الماضي. البرلمان الهولندي يؤكد ان هناك اكثر من مئة هولندي، بينهم عشرون امرأة في سورية والعراق، وقد وصف احمد ابو طالب عمدة مدينة روتردام، وهو من اصول مغربية امازيغية، دواعش هولندا بالخونة، فيما ينشغل البرلمان بتشريع قانون يُسقط عن الدواعش الجنسية وإعادة المشاركين في القتال مع تنظيم «الدولة» الى بلدانهم الاصلية في حال عودتهم. تتمركز غالبية دواعش هولندا في لاهاي، العاصمة السياسية، لكن حضورهم الطاغي بلحاهم الطويلة وملابسهم القصيرة هو في «شخيلدرسفايك»، حتى يشعر الداخل اليه انه خارج هولندا او اوروبا. نذكر من ماضٍ غير بعيد ان هناك مكتبة في هذا الحي وكان يديرها صديق مغربي كان يستضيف كل سنة مثقفين عرباً لمحاضرات او أمسيات شعرية. وسبق أن وجهت دعوة الى الشاعر السوري الراحل محمد الماغوط لإحياء امسية، وبعد الاعلان عنها حضر عدد من قاطني الحي وأرادوا منع قيامها، لكن مدير المكتبة استعان بالشرطة ونجحت الامسية. والامسية الاخرى التي كادت تثير فوضى كبيرة هي حينما اعلنت المكتبة عن دعوتها لاستضافة المفكر المصري احمد القمني لإلقاء محاضرة عن الشريعة، فحضر عدد كبير من المتشددين لإفشالها، لكن الشرطة حضرت مرة اخرى وفرّقتهم. بسبب هؤلاء توقفت المكتبة منذ فترة طويلة عن إقامة اي نشاط يتصل بالعرب والإسلام.