ارتفعت درجة حرارة الهواتف، يوم الأربعاء الماضي، بشكل لم يكن متوقعا لتطوق تداعيات أول “اعتداء” على وزير مغربي داخل قبة البرلمان، وقد كشف تسلسل الأحداث بعض التفاصيل الدقيقة التي لم تنتبه إليها الصحف التي توزعت بين “إدانة صهر الهمة” وبين “إدانة الوزير الوردي” بتهمة إهانة الصيادلة. ففي الوقت الذي تحفظ فيه الحسين الوردي على رفع دعوى قضائية ضد ثلاثة صيادلة يقال إنهم اعتدوا عليه، مما جعل رجال الشرطة يخلون سبيلهم، لكن الأوامر صدرت لكي يتراجع الوردي عن هذا التنازل(..)، وصدر بلاغ عن النيابة العامة في المحكمة الابتدائية الرباط “عبد السلام العيماني” يؤكد متابعتهم بتهمة الإهانة، فمن الذي أعطى الأوامر للنيابة، ولوزير الصحة حتى تتم متابعة الصيادلة؟ بعد إطلاق سراحهم بشكل مؤقت. إحدى الجرائد المتفائلة، كتبت أن جهات عليا أصرت على متابعة الصيادلة و”أن الحسين الوردي ورغم النفسية المتدهورة التي لازمته بعد الواقعة، حاول طي الملف بالتنازل عن الشكاية ضد الصيادلة الثلاثة، إلا أنه تريث في قراره بعد أن تم إخباره أن الاعتداء على وزير في “حكومة جلالة الملك يتعدى الطابع الشخصي”، وهو ما جعله يرمي ملف الاعتداء عليه من طرف الصيادلة الثلاثة في مرمى المجلس الحكومي(..). مسار القضية ككل يستدعي وقفة للتأمل، فقد قيل في البداية أن ثلاثة صيادلة، وما أدراك ما المستوى الثقافي للصيادلة، نفذوا عملية اعتداء على وزير الصحة، لتنشر بعض المواقع أن زوج أخت فؤاد الهمة، مستشار الملك، وابن عمة فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش، يوجد من بين المعتدين، وبعدها ظهر على الإنترنت شريط يظهر فيه قطب حزب الأصالة وهو يحرض بعض الصيادلة ضد الحكومة(..)، لتكتب جريدة “التجديد” الموالية لحزب العدالة والتنمية في عددها الصادر يومين بعد الحادث بأن “أعضاء بحزب البام ضمن المعتدين على وزير الصحة”. أحد المواقع المقربة من إلياس كتب أن “الشريط أخرج من سياقه وهو اجتماع داخلي لصيادلة الحزب مع قائد حزبي، ويتحدث فيه إلياس عن توجيهات الحزب لهذا القطاع(..)”، لكن هذه الفرضية لا تصمد أمام الواقع، إذا ما تسائلنا عن السبب الذي جعل إلياس يجتمع بالصيادلة خارج نطاق المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة الذي يضم بعض الصيادلة في عضويته(..) وهم مؤهلين أكثر من غيرهم. سؤال آخر يطرح نفسه في هذه القضية وهو أن الصيادلة المعنيين ببلاغ وكيل الملك، والذين أطلق سراحهم باستثناء صهر الهمة، دخلوا إلى قبة البرلمان بعد أن سهلت لهم برلمانية من حزب الأصالة والمعاصرة، مهمة الدخول، لكن بلاغ الحزب الذي طرد عضوين من الحزب تجنب الإشارة إلى هذه البرلمانية وهي صيدلانية أيضا(..) ربما كان حريا بها على الأقل الحديث باسمهم مع الوزير. جريدة سبحت عكس التيار لتؤكد أن الوردي هو من تلفظ بعبارات نابية في حق قريب الهمة، لكن مع ذلك يظل المغزى من هذه الواقعة مجهولا، في انتظار التحقيق.