فاطمه في مقتبل عمرها فقدت حياتها بين أحضان اللامسؤولين من داخل المستشفى الجهنمي محمد الخامس بمدينة الحسيمة عاصمة الريف، نتيجة مرض فتاك ينخر أبناء و بنات الريف ببرودة منذ زمن بعيد. حالة فاطمة من بين آلاف الحالات التي تعرضت لنفس المصير، الا أن موت فاطمة أخذت اتجاه آخر، بحيث تعاطف معها حتى الحجر نظرا لبراءة الطفلة و تعميم معانتها على وسائل الإعلام الإلكترونية، كما استنهضت الحس الريفي المتعاطف و المناضل. الكل يعرف واقع الصحة بالريف، كم من فاطمة تفقد حياتها بشكل يومي في المناطق القروية بعيدا عن أنظار العالم بالريف العميق؟ بسبب هذا المرض الفتاك أو بسبب أمراض أخرى، التي لم نعرف طبيعتها بعد، أو بانعدام المراكز الطبية و الأدوية، و آخر حالة موت كانت امرأة حامل من بلدة قاسطة بالريف الاوسط. مرض السرطان من بين الامراض المستعصية التي تهدد حياة الإنسان في العالم، إلا أن السرطان بالريف له ارتباط مباشر مع أسلحة الغازات السامة المستخدمة خلال حرب الريف من طرف إسبانيا و فرنسا بتواطئ مع السلطات المخزنية آنذاك. لكن السرطان الحقيقي الذي يهدد حياة الريفيين في جميع المجالات و القطاعات (الصحة، التعليم، العدل و التنمية...) ألا وهو السرطان المخزني الذى يتفشى بسرعة تفوق السرعة الضوئية، هذا السرطان الأدمي و المخزني في تهميش دائم و ممنهج للريف، بسبب السياسة العقابية ونية المركز المتخاذلة على أبناء الريف. لذا يتضح لي جليا بأنه لا يمكن وقف مرض سرطان الدم الذي فتك حياة فاطمة، سرطان الثدي او كيفما كان نوعه نتيجة الغازات السامة، الا إذا أوقفنا المد الأخطبوطي للسرطان المخزني، الذي هو حاجز و عقبة في تنمية المجتمع الريفي و تطلعاته. ذلك لا يتحقق إلا بجمع شملنا و توحيد صفوفنا على المستوى الداخلي و الخارجي، لتحديد أولويات تنمية الريف والاهداف التي نريد أن نحققها، وفق شعار "الريف ثم الريف و لا اريف بدون إريفين" في إطار الحكم الذاتي او بما يعرف بدولة الاوطونوميات تتسع للجميع، بعيدا عن الرباط و مراسليها في الريف مثل الأصالة و المعاصرة والعشار الجدد من داخل المجلس الاستشاري الجهوي لحكوك الإنسان بالمغرب. رحمك الله يا فاطمة، سعيد الفارسي من أعالي جبال مدريد