في الحوار التالي مع “الأسبوع” ينتقد احمد ويحمان المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، مبادرات التطبيع مع إسرائيل، وينبه إلى ما يسميه مخطط صهيوني يهدف إلى إنضاج الشروط لكي يتحول المغرب إلى بلد شبيه بسوريا (..)، كما يحذر من “العزف” على أوتار “جمهورية الريف” باعتبار الحديث عنها حاليا يدخل في إطار تحضير الأجواء لإشاعة الاقتتال بين المغاربة. المصدر نفسه يعتقد أن الحديث عن جمهورية الريف هو تكرار للسيناريو الذي وقع في الجزائر عندما أعلن “فرحات مهني” عن قيام “دولة القبايل” داخل الكنسيت الإسرائيلي، وناشد الدولة الإسرائيلية بالتدخل لدى الأممالمتحدة من أجل تخليص دولة “القبايل” من الهمج العروبيين والمسلمين، حسب قوله. كما يعتقد ويحمان أن توشيح زعيم اللوبي الصهيوني في المغرب “مالكوم هونلاين” وهو الرئيس التنفيذي للمنظمات اليهودية الأمريكية، هو خطأ شبيه بالخطإ الذي وقع في قضية العفو عن المجرم “دانييل كالفان”..”إحراج الملك كرئيس للدولة بمثل هذه المصائب تتحمل مسؤوليته جهة معينة يجب الكشف عنها..”، يقول ويحمان. اليكم نص الحوار س - صرحت إحدى “الشاعرات” الأمازيغيات مؤخرا بأن الذهاب إلى إسرائيل بمثابة حج مبرور، وبأن استقبال الإسرائيليين عندها شرف تحلم به، ما رأيك في هذا الكلام؟ نحن في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، نهتم أكثر بالمستويات الكبرى للتطبيع، والمداخل الرئيسية للاختراق الصهيوني، أما المستويات الدنيا والأدوات، فهي بنفسها ضحايا هذا المشروع الذي يهدد المغرب، فضلا عن أن هؤلاء الذين يسمون شعراء وأنا أعرف بعضهم وأنا أمازيغي وألقب بالشيخ في منطقتنا وفي جيلي، لأنني كنت أكتب الشعر الأمازيغي، وكنت قد أجريت عدة استجوابات مع شعراء أمازيغيين كبار منهم المرحوم ساكو مثلا.. أما عدد من هؤلاء الذين يدعون أنهم شعراء أمازيغ، فهم بالنسبة لي أميون في الأمازيغية، ولكن حيلهم تنطلي على الناس الذين لا يعرفون الأمازيغية مع الترميز الإعلامي للأبواق الصهيونية كقناة دوزيم مثلا.. س - (مقاطعا) ولكن هذه السيدة كانت تتحدث في إطار دفاعها عن استقبال الناشط الأمازيغي أحمد عصيد، لوفد إسرائيلي جاء إلى المغرب، وأنت تعرف أن عصيد جزء من حركة اليقظة المواطنة التي تترأسها القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة خديجة الرويسي… ما رأيك أولا في خرجات أحمد عصيد؟.. وهل تعتقد أننا أمام مخطط إسرائيلي..؟ في كثير من الأمور التي كان يعبر عنها أحمد عصيد على المستوى الفكري والسياسي والحقوقي، كنا نعتبر أن ما يقوله عبارة عن وجهة نظر، لكن عندما يتجرأ للدفاع عن الصهيونية والكيان الصهيوني، فإن القناع يسقط وتنكشف وراءه شخصية أخرى تسائل كل المناضلين الحقوقيين والديمقراطيين.. لأنه لا يمكن للمرء أن يكون مع الكيان الصهيوني ومع الحق الفلسطيني في نفس الآن، كما يقول المثل الفرنسي لا يمكن أن نكون مع الله ومع الشيطان في نفس الآن.. نحن نسائلهم لأنهم يحاولون أن يبرروا استقبال الوفد الصهيوني، الذي حاولوا أن يخفوا لقاءهم به لولا أن الأمور انكشفت بنشر الصور من موقع الصهيونية التي جاءت في زيارة إلى المغرب، هم قد يجيبون بأنهم يستقبلون أناسا عاديين وليسوا مسؤولين رسميين، ولكن نحن نسائلهم، أين يقطن هؤلاء الناس؟.. أليس في منازل الفلسطنيين الذين تم تهجيرهم وتشريدهم وتشتيتهم في مخيمات دول الجوار بدون هوية؟.. أليس هؤلاء الذين استقبلهم عصيد وغيره مستوطنين اعتدوا على شعب آخر.. أي حقوق للإنسان يمكن أن يتحدث عنها هؤلاء الناس؟!. س - وماذا عن الجزء الثاني من السؤال، هل تعتقد أن الأمر يتعلق بنشاط لوبي..؟ الأمر أخطر بكثير، وأغتنم هذه الفرصة لأدق ناقوس الخطر، أتمنى أن يتم إيلاء الاهتمام في الجرائد الوطنية بالخطر الذي يهدد النسيج الاجتماعي المغربي، فما يجري في المشرق من تمزيق.. حتى أننا بعد مدة قليلة سنكون ناضجين وفق هذا المشروع لنكون إزاء “إدلب” و”حماة ” و”حلب” عندنا نحن كذلك.. س - هل تقصد ما صرحت به مؤخرا حول وجود مخطط لتحويل المغرب إلى دويلات متناحرة فيما بينها؟ هذا مؤكد، ولننتبه إلى ما يروج له تحت غطاء مصطلحات تشكل طعما للشباب المتمرد بطبيعته، على غرار جمهورية الريف، التي يحضرون لها، في الفيس بوك، حيث تطورت الأمور بشكل كبير.. فالقصد بالنسبة للمشروع الصهيوني الأمريكي في منطقتنا وهي جزء مما يسمى في الإستراتيجية الأمريكية بالشرق الأوسط الكبير، وبالفوضى الخلاقة التي تحدثت عنها “كونداليزا رايس” من قبل، ونظر لها شمعون بيريز من قبل، يعني جمهورية الريف، سموها كما تشاؤون، جمهورية الريف الطالبانية أو ما تشاؤون، المهم بالنسبة لهذا المشروع هو أن تنفصل الريف، لأنهم يضمنون بعد ذلك قرنا آخر من الاقتتال الداخلي على حدود جمهورية الريف، هذا المشروع سيعيد طرح بعض الأسئلة عما إذا كانت تازة أو كرسيف جزء من المشروع.. وهذا يعني قرنا آخر من الاقتتال.. واسمحوا لي أن أذكر بما قاله أحد العقول المخططة للجيواستراتيجية الأمريكية، وهو صهيوني كبير، وزير الخارجية السابق للولايات المتحدةالأمريكية هنري كسنجر، الذي قال في مقال مطول تحت عنوان: “النظرية الجديدة للتدخل”:{لا ينبغي أن تأبه السياسة الأمريكية لهوية الدولة، هل هي ثورية أو ديكتاتورية أو غيرها، إنما فقط أن تهتم بسياسة هذه الدولة إزاء أمريكا}.. فما يتم التحضير له في المغرب هو ما أعلن عنه منذ حوالي سنة المدعو “فرحات مهني” بإعلان دولة القبائل في الجزائر انطلاقا من “الكنسيت الإسرائيلي”، وهذا الأمر مثبت على شريط فيديو مذاع على الأنترنيت.. فرحات مهني ظهر وهو ينادي الكيان الصهيوني باعتباره عضوا في الأممالمتحدة من أجل التدخل لتخليص دولة “القبائل” من الهمج العروبيين والمسلمين حسب قوله.. س - بشكل واضح، هل تعتبر أن إحياء جمهورية الريف، مخطط إسرائيلي يجري تنفيذه بالمغرب؟ ما في ذلك شك، وليس هذا المخطط الوحيد، بل إن هناك مخططا آخر يستهدف المغرب الشرقي، الذي انتشرت فيه مجموعة من الجمعيات التي تبدو في ظاهرها مهتمة بالعمل الجمعوي والتراث الثقافي الأمازيغي، لكنها تحضر في الحقيقة لأجندة صهيونية من أجل تمزيق و”تفخيخ” عرى التنوع الثقافي الذي كان دائما عاملا خصبا لهويتنا الحضارية والثقافية بالمغرب، هم يحاولون أن يجعلوا منها تناقضات للمستقبل على غرار ما يجري في المشرق. س - هل هناك جمعيات معينة تنشط في هذا الإطار؟ هناك عدة جمعيات، ونحن نتريث قبل الحديث عنها وعن أجندتها.. س - لماذا برأيك هذا الربط الدائم بين المكون الأمازيغي والأنشطة المساندة لإسرائيل؟ هذا تضليل يروج له، نحن ننبه إلى أن الاختراق يحاول أن يجعل من التنوع الثقافي والبعد الأمازيغي بوابة للتطبيع، أنا مثلا أمازيغي ورئيس “رابطة إيمازيغن من أجل فلسطين”، وأنزه الأمازيغ من هذا التطبيع الذي تقوده “كمشة” لا يمثلون شيئا في عموم الأمازيغيين الذين يعتزون برموزهم أمثال محمد بن عبد الكريم الخطابي رمز النضال التحرري في العالم، وأمثال محمد الفقيه البصري الأمازيغي الذي كان ناطقا باسم المقاومة وأعضاء جيش التحرير، والعلامة المختار السوسي ومحمد الحبيب الفرقاني..هؤلاء أيقونات العمل السياسي والثقافي بالمغرب.. وليس هذه “الكمشة” من الفقاعات ممن أعتبرهم أميين في الأمازيغية ولو ناظرناهم لوجدناهم لا يفقهون فيها شيئا. س - ولكن عصيد مثلا مستشار في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؟ هناك عدد كبير من الناس في “الإيركام” لا يفقهون شيئا، وينبغي فتح تحقيق عن الأموال التي يمكن أن تدخل في دائرة الفساد والتي تصرف لأشخاص لا يقومون بأية مهام داخل هذه الهيئة وغيرها .. نحن ندعو إلى فتح تحقيق في الأموال المرصودة للبحث العلمي في “الإيركام” وفي القناة الأمازيغية وغيرها. س - سبق أن صرحتم أنكم تقومون بإعداد لوائح للمطبعين مع إسرائيل سيتم نشرها، أين وصلت هذه اللوائح، علما أن خصومكم يعتبرونها مجرد مزايدة؟ أنا مطوق بمسؤولية، لأن رأيي داخل المرصد (مرصد مناهضة التطبيع) كان هو أن نبدأ في نشر اللوائح، لكن كان التوجه العام قد ارتأى أن نتريث حتى نعد تقريرنا السنوي في الموضوع، لا سيما وأن البعض ممن غرر بهم في هذا المشروع عبر عن ندمه، ونحن لا ندفع إلى إشاعة الفاحشة كما يقول الإسلاميون.. نحن عندنا إشارات من الذين ندموا عن توجههم هذا، نحن لن نكشف عنهم، لكننا سنكشف عن الآخرين.. ولكن يمكن لمن يريد أن يعرف بعض الأسماء أن ينطلق من المشككين في وجود هذه اللوائح وفي وجود المطبعين، في انتظار أن يحين حينها.. عملنا على بساطته، جعلهم يكشفون عن أنفسهم، كما فعل ادريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان عندما بدأ يؤول الدستور تأويلا صهيونيا عندما قال إن حوالي 900 ألف صهيوني من أصول مغربية هم مواطنون كاملو المواطنة، ولهم كامل الحقوق، ومن واجب المغاربة أن يمتنوا معهم العلاقات، ومنهم جنرالات وجلادين مسؤولين على قتل مغاربة في السويد، وفي حارة المغاربة التي تعتبر وقفا تم تهديمه على رأس المغاربة في القدس.. نحن ننبه إلى خطورة ما يجري، ومحاولة التأويل الصهيوني للمكون العبري في الدستور، فالمكون العبري يهم المغاربة الذين يقيمون بالمغرب أو اليهود المغاربة، الذين يقيمون خارج المغرب في أية دولة كانت إلا فلسطينالمحتلة.. نحن ليس لنا أي مشكل مع يهود العالم باستثناء اليهود المحتلين لأرض فلسطين.. س - من خلال كلامك يظهر أن أول المطبعين في اللوائح التي يجري التحضير لها، هو إدريس اليزمي؟ ليس وحده فقط، هناك المستشار أندري أزولاي والذي اعتبره المناضل اليهودي الأصل المحترم “جاكوب كوهين” بوابة التطبيع والاختراق الصهيوني في المغرب وغيرهم كثير.. س - كيف تقرأ هذا التنامي للتطبيع مع إسرائيل بالموازاة مع صعود حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية الذي ظل يناهض التطبيع لمدة طويلة؟ هذه مفارقة حقيقية، لأنه قبل أسابيع فقط، قال وزير التجارة والصناعة (اعمارة) والذي كان من معتقلي الجيش الصهيوني في “قافلة مرمرة”، جوابا عن سؤال طرحه الأستاذ عبد الله البقالي، بأنه لا وجود لعلاقات رسمية بين المغرب والكيان الصهيوني، بل إنه ذهب أكثر من ذلك وتكلم عن العدو الصهيوني، وإذا كان الأمر كذلك من الناحية الرسمية، فإننا نطرح الأسئلة عن هذه المبادلات التجارية التي يجري الحديث عنها، ونطرح الأسئلة عن الصهاينة الذين يدخلون إلى بلادنا.. علما أن وزيرا آخر هو سعد الدين العثماني وزير الخارجية نفى رسميا لما جاء أحد البرلمانيين الصهاينة إلى البرلمان المغربي في بيان رسمي بكونه لم يؤشر ولن يؤشر بدخول أي صهيوني إلى بلادنا.. وهذه هي المفارقة، فإذا كانت الحكومة هي المسؤولة عن سياسة البلد تنفي أي علاقات مع الكيان الصهيوني، فمن هي الجهة التي تؤشر من خلف وزير الخارجية..؟ هذا مشكل حقيقي يطرح قضية السيادة.. س - في علاقة تعاطي الحكومة مع ملف التطبيع، اقترحتم مؤخرا مشروع قانون على بعض الفرق البرلمانية من أجل تجريم التطبيع، أين وصل هذا المقترح؟ تقدمنا بمقترح قانون وتبنته أربعة فرق برلمانية وهي فرق رئيسية.. فدخلنا في العطلة الصيفية وعليه سنستأنف هذا المشروع مع الدخول السياسي الجديد، علما أن الشعب المغربي عبر عن موقفه في كل المناسبات بمسيرات.. س - تميزت التوشيحات الملكية الأخيرة بتوشيح “مالكوم هونلاين” وهو الرئيس التنفيذي للمنظمات اليهودية الأمريكية، وهو المحسوب على ما يسمى “اللوبي الصهيوني”، ما رأيك؟ يجب أن نستحضر ونحن نتحدث عن هذا التوشيح، جاء في نفس السياق الزمني الذي انفجرت فيه فضيحة العفو عن المجرم الإسباني مغتصب الأطفال دانييل كالفان، والتي فرضت الاعتذار الرسمي عنها.. فاختراق المحيط الملكي بهذه المقترحات التي تتم في العفو أو في التوشيح أو ما شابه ذلك هي مسألة لا تحتاج إلى دليل. س - إذن أنتم تربطون بين توشيح هونلاين والعفو عن دانييل باعتبارهما خطآن من نفس النوع؟ هذا اختراق للمحيط الملكي، الذي يجب أن يعاد النظر فيه، لأنه يتسبب في كوارث وطنية.. فإحراج الملك كرئيس للدولة بمثل هذه “المصائب” تتحمل مسؤوليته جهة معينة يجب الكشف عنها.. س - هل تشك في جهة معينة؟ أنا أتساءل ككل المغاربة عمن يتسبب في هذه الكوارث الوطنية لتقديم طلب العفو للملك عن مغتصب الأطفال، وتوشيح واحد من كبار الصهاينة..؟؟ س - ولكن هناك من يقول إن هذا التوشيح له منطقه، ويؤكد أن هذا اللوبي لعب دورا في قضية الصحراء؟ هذا هو نفس المنطق الذي يبرر اغتصاب الأطفال من طرف دانييل كالفان، فإذا استقام منطق العفو عن مغتصب الأطفال، يمكن أن يستقيم منطق توشيح الصهاينة.. هذا المنطق في هذا السياق منطق مقلوب، لأن الصهيونية تحاول تمزيق المغرب، ولا تدافع عن وحدته الترابية.. هذا تضليل كبير لن ينطلي على المغاربة. الصهيونية واللوبي الصهيوني مستفيدان من بعض المواقع الحساسة في البلاد، وتحاول تمزيق المغرب وتشتيته وضرب وحدته عبر إشاعة الفتنة، والدخول في استغلال التنوع الثقافي من أجل خلق التناقضات فيه، على غرار السودان الذي أصبح سودانين، وعلى غرار ما جرى في العراق الذي أصبح ثلاث دول عمليا، وكما يجري في سوريا، وكما يحاولون في ليبيا تحت ستار الفيدرالية.. والمحاولة الآن تجري مع فرحات مهني في الجزائر من داخل “الكنسيت الصهيوني”.. فليكفوا عن ترويج الأضاليل، الصهيونية تحاول تمزيق المغرب ولا تدافع عن الوحدة الترابية. س - سبق لك أن صرحت بأن المخابرات الإسرائيلية لها أعشاشها في المغرب، ماذا كنت تقصد؟ أنا لست أول من قال بهذا الأمر، بل إن ضابطا في مخابرات الكاب1 تحدث عن مشروع “إيسير هارين” وهو رئيس “الموساد” ومؤسسه.. وارجعوا إلى ما قاله أحمد البوخاري عن هذا المشروع، وأثره في المغرب إلى يومنا هذا، سنوات الرصاص كلها مرتبطة بهذا المشروع.. أكثر من ذلك، وشح رئيس دولة الكيان الصهيوني (منذ مدة ليست بالطويلة) شمعون بيريز، مسؤولا كبيرا وشكره عن الخدمات التي أسداها لدولة إسرائيل لا سيما عن سنوات خدمته بمدينة الدارالبيضاء، كما وشح رئيس الكيان الصهيوني امرأة عجوزا قد تصل إلى الثمانينيات أو التسعينيات على خدماتها الإسرائيلية لاسيما عن سنوات خدمتها بالدارالبيضاء.. س - خصومكم يتهمونكم بترويج أفكار من هذا النوع بسبب “قوميتكم”؟ المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أسسه الإسلاميون والقوميون واليساريون، الراديكاليون والمعتدلون..والأدباء والفنانون والرياضيون، لا يجب أن نغفل أن اتخاذ قرار تأسيس المرصد كان يوم تكريم اليهودي الأصيل الذي نعتز به، وأعتز بكوني أنا الذي وضعته على كرسي أسابيع قبل وفاته، وهو رجل تسعيني، وهو المرحوم إدمون عمران المليح، أيقونة النضال بغض النظر عن أصوله، شأنه شأن أبرهام السرفاتي صديقنا، وهو يهودي أيضا، وشمعون ليفي، وسيون سيدون، وجاكوب كوهين الذي سنكرمه قريبا في العاصمة، وهو يهودي يناهض الصهيونية.. ولعلمكم، فإن إدمون عمران المليح، رفض أن تترجم كتبه إلى اللغة العبرية، لأنها كما وصفها بالحرف لغة القتلة، وسمى الصهيونية “السوسة والسم” وتوجد عندنا تسجيلات بالصوت والصورة لذلك.. س - ما قراءتك الخاصة لما يجري في سوريا؟..هل هي ثورة ضد بشار أم تعتبرها مؤامرة؟ المسألة ليست مسألة أحكام قيمة سريعة، لأن الأمر يتعلق بأرواح الآلاف، وبمصير ملايين المشردين، وبالتالي فالمسؤولية كبيرة هنا، ويجب وزن الكلمات، فالأمور ليست بهذه البساطة من حيث إمكانية اختزالها في مؤامرة أو غير ذلك.. القضية في سوريا طرح في بدايتها قضية الحريات وقضية الفساد، وكان مشروعا مطروحا في بداية الحراك، وكانت المعارضة الوطنية خلف هذا الحراك، وحينها كنت قد كتبت في الصفحة الأولى من جريدة “المساء” مقالا تحت عنوان: “مع الشعب ضد النظام”، لكن بعد ذلك تحول الأمر إلى موضوع آخر بعد دخول أمريكا ووكلائها من الدول التابعة لها في المنطقة بعصابات مسلحة وبالقتل الهمجي.. فكان الذي يدفع الثمن هو الشعب السوري، الذي يتم تقتيله وتهجيره من الطرفين.. فالقصد مما يجري في سوريا هو التدمير الذاتي للطرفين، وهذا لخصه قول “هنري كسنجر”، الذي أشرنا إليه سابقا، ويمكن أن نشير كذلك إلى ما قاله رئيس المخابرات الأمريكية السابق الذي قال:”نتبنى استغلال غضب الشعوب الذي يكاد يفجر صدورهم حتى ننهك بهم الحكام، ويسهل غزوهم بعد ذلك”، هذا كلام رئيس المخابرات الأمريكية السابق، وهذا هو الهدف، تدمير سوريا كقلعة للصمود في وجه الكيان الصهيوني في المنطقة، واستغلال غضب الشعب السوري من الاستبداد والفساد، وضيق هامش الحريات والدفع بالطرفين إلى الاقتتال، وتدمير بعضهما البعض، فكلاهما سواء النظام أو الإسلاميون المتشددون هما خصمان للمشروع الأمريكي، وهذا يلخص المثل العربي،”خصمان يتنازعان، الهلاك للإثنين”، وهذا هو شعار الولاياتالمتحدةالأمريكية.. لذلك أنا مع الشعب في مواجهة النظام، ومع سوريا (الشعب والنظام) في مواجهة التدخل الأجنبي..