يزداد في شهر رمضان الحنين إلى الوطن لدى مغاربة العالم، بمن فيهم مغاربة هولندا الذين يحاولون التغلب على هذا الشوق ما استطاعوا عبر خلق أجواء رمضانية تشبه نظيرتها في البلد الأم. وإذا كانت شوارع أمستردام لا توحي تماما بحلول شهر رمضان عكس البلدان الإسلامية، فإن مغاربة هولندا وباقي الجاليات المسلمة تبذل ما في وسعها لتعيش الشهر المبارك بكل ما يجسده على المستويين الديني والثقافي وخاصة التقاليد الغذائية. ففي الأسواق والمحلات الممتازة التي يرتادها المغاربة، يسود جو يذكر نوعا ما بالوطن من خلال التجمعات الكبيرة والرفوف الممتلئة التي سرعان ما يتم إفراغها من الأطايب الآتية من عدة بلدان عربية وإسلامية، ومنها المغرب، والاستهلاك الذي يتجاوز مستوى الأيام العادية. وفي الأحياء ذات الأغلبية المسلمة بأمستردام، تضاهي الأسواق والمحلات الممتازة نظيراتها في البلدان الأصلية موفرة “الملوي” و”الشباكية” وجميع أنواع الخبز والحلويات المغربية والتركية والمصرية وأصناف التمور المتعددة، بما يعكس تنوع مدينة كأمستردام المتعددة الثقافات التي تتعايش فيها 170 جنسية. وتتأسف هدى، التي تقتني مشترياتها اليومية من أحد أسواق أمستردام، لأن “أجواء رمضان بالمغرب ليس لها مثيل لكننا نحاول العيش وفق إمكانياتنا لأننا لا نستطيع الذهاب للبلاد بسبب الالتزامات المهنية”. وصرح عبد الله، أحد التجار، أن العديد من المواطنين المغاربة يبرمجون إجازاتهم لتتزامن مع هذا الشهر الفضيل كي يكونوا بين ذويهم في المغرب “الذي تستشعر فيه رمضان بوضوح بروائحه المنبعثة من البيوت ومحلات الحلويات وأفران المدينة العتيقة”. ويقول هذا التاجر المزداد بورزازات بشوق “أكثر من ذلك، يمكنك في المغرب أن تفطر مع صوت المؤذن، مع كل ما يجسده ذلك من روعة يختص بها رمضان”.
ولأن رمضان شهر الإحسان والتضامن، تحرص الجالية المغربية، ضمن روح الانفتاح، على أن يتعرف المسلمون من باقي الأصول على العادات والتقاليد المغربية في هذا الشهر الفضيل عبر تنظيم إفطارات جماعية، على غرار الإفطار الذي نظم نهاية الأسبوع الماضي في مسجد الأمة بأمستردام. ويعتبر لحسن فرح رئيس جمعية المغاربة المسنين المنظمة للإفطار أن “هذه المبادرة تنظم كل رمضان لتمكين المغاربة من التلاقي وربط الاتصال مجددا بالأجواء الرمضانية وتبادل الآراء بشأن هموم الجالية في هولندا، خاصة ما يتعلق بالشباب والاندماج والتناغم الاجتماعي في إطار احترام التنوع داخل بلد الاستقبال”. وينخرط المغاربة، المعروفين بالكرم وروح التقاسم، في أعمال البر لفائدة المحتاجين، خاصة المهاجرين غير الشرعيين، ومنهم مسلمون يجدون في الإفطارات التي تنظمها الجالية المغربية فرصة لقضاء لحظات دفء أسري ونسيان واقعهم اليومي الصعب في أوروبا التي تعيش الأزمة. كما يحرص مغاربة هولندا، خاصة المجاورين للمساجد، على أداء صلاة التراويح، إذ أنه بمجرد رفع الأذان، يتقاطر المواطنون، من جميع الفئات، على المساجد لأداء هذه السنة الرمضانية. وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بعثت لهولندا في بداية شهر رمضان عشرين إماما لمساعدة مغاربة هولندا، على أداء فرائضهم الدينية بكل خشوع وروحانية على غرار مواطنيهم في البلد الأم.