انفصام الشخصية؟ حالة تصيب المهاجرين عموما والمغاربة منهم خصوصا بشكل ملفت للنظر، ففي هولندا أكدت الأبحاث مرارا ان النسبة المئوية للإصابة بانفصام في الشخصية داخل أوساط المهاجرين تتضاعف بخمس مرات مقارنة بالهولنديين الأصليين. وعموما ليست انفصام الشخصية هي الحالة النفسية الوحيدة الواردة لدى المهاجرين، إذ يؤكد الأخصائيون ان الاكتئاب خصوصا والقلق بشتى أنواعه، من الحالات التي تنتشر بين هؤلاء. المغاربة حين يتعلق المشكل بالجانب النفسي، يصعب على كثير من مغاربة هولندا القبول به والتوجه إلى الطبيب للعلاج، فالمشاكل النفسية تابو لم يُخترق بعد، لذلك تولي بعض الجمعيات والمؤسسات اهتماما خاصا لهذا الجانب، سيما وان هولندا تعرف حاليا عددا من الأطباء النفسانيين من اصل مغربي. كان هاجس أغلبيتهم إيجاد حل لمساعدة هؤلاء الناس من نفس الخلفية الثقافية والتربوية. من بين هؤلاء الأطباء الطبيبة النفسانية الشابة حفيظة الصغراوي، والتي تؤكد ذلك قائلة: "اخترت دراسة الطب النفسي لأني رغبت كثيرا في مساعدة الناس، فقد واجهتني مواقف مختلفة في ثقافتنا الأصلية حثتني على تحقيق اختياري وتغيير النظرة السائدة في أوساط المغاربة خصوصا الى العلاج النفسي" أسباب ثقافية تلعب الثقافة دروا أساسيا في النفور من العلاج النفسي، بحيث يلتجئ المريض أحيانا إلى طرق علاج تقليدية أو مرتبطة بطقوس الشعوذة|، لكن أبدا لا يلجأ إلى استشارة أخصائي نفساني.يعتقد هؤلاء ان معالجة الطب النفسي قد تسيء إلى سمعة المريض وأهله، فهي من المحرمات التي يتعامل معها المرء بكثير من الخجل. وتؤكد حفيظة الأمر قائلة: "لا يأتي المريض من تلقاء نفسه لطلب المساعدة النفسية إلا نادرا جدا.غالبا ما يبعث من طرف طبيب العائلة وبعد فوات الأوان، أي بعد إجراء مختلف التحليلات الطبية وارتفاع حدة الآلام الجسدية وبعد ان يكون الطبيب قد عجز عن التشخيص، فيبعث بالمريض إلينا في نهاية المطاف..بهذه الطريقة يأتينا أغلبية المرضى". قلق واكتئاب وتؤكد حفيظة الصغراوي ان القلق والاكتئاب هما الحالتان اللتان تصيبان أغلبية المرضى، كما ان هذا التشخيص هو الذي يقترن أيضا بالحالة النفسية لأغلبية مرضاها. وتؤكد الطبيبة ان المهاجرين عموما والمغاربة منهم خصوصا يخجلون من المرض النفسي وان هذا الخجل يؤدي بهم في معظم الأحيان للصمت والانطواء على النفس إلى أن تتدهور حالتهم النفسية تدهورا لا يساعد معه العلاج البسيط مما ينتهي بأغلبيتهم في الأخير إلى ان يصبح نزيلا بمصحة نفسية. دور الجمعيات تولي بعض الجمعيات الفاعلة على مستوى الهجرة اهتماما لهذا الجانب الذي يطرح باستمرار وبإلحاح. وفي هذا الإطار تنظم جمعية سيفاكس الثقافية الاجتماعية لمغاربة هولندا، اليوم/ الأحد، يوما لتوعية المهاجرين المغاربة من مختلف الأجيال لطرح الموضوع للنقاش. الطبيبة حفيظة الصغراوي مدعوة من طرف الجمعية لإلقاء محاضرة تتناول فيها مشكل التابو الذي تشكله المشاكل النفسية داخل الأسر المغربية وضرورة اختراقه من اجل السلامة النفسية والجسدية.وقد وجه لها الدعوة حامد بوسدره باسم الجمعية، حيث يقول" نقوم من حين لآخر بتقديم توعية تتعلق بالناحية الجسمانية والصحة عموما ولمن هذه هي المرة الأولى التي ننظم فيها نشاطا بهذه الصبغة النفسية، حيث ارتأينا أنه من الضرورة ان نولي الموضوع أهمية خاصة". ويؤكد حامد بوسدرة ان العديد من أفراد الجالية المغربية الذين يعانون عموما من الاكتئاب أو القلق، تواجههم عراقيل كثيرة في التعبير عما بهم وتوضيح معاناتهم النفسية. الفرق بين العقلي والنفسي تؤكد الطبيبة حفيظة الصغراوي أن الكثيرين يعتقدون أنه إذا أحيل على طبيب نفسي فان الأمر يعني لا محالة أنه أحمق، وهذه النقطة بالخصوص هي التي يجب ان توضح للناس كي لا يخجلوا من زيارة الطبيب النفسي، وتضيف الصغراوي قائلة: "وهذا ما اعرفه من خلفيتي كمغربية وهذا بالضبط ما حدد اختياري لدراسة الطب النفسي من اجل تغيير هذا الخلط. هذا الربط بين الحمق والأعراض النفسية البحتة هو ما يجب أن يرفض نهائيا.