سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قانون الهجرة يسمم العلاقة بين الأحزاب البلجيكية في ظل ألازمة الاقتصادية الحالية شركات بلجيكية ترفض التعاقد مع الأجانب والنقابات البلجيكية تتحرك لرفع دعوى قضائية ضدها
أعلنت الفيدرالية العامة لعمال بلجيكا وهي نقابة وطنية بلجيكية أنها بصدد إعداد تحقيق يثبت قيام الشركات العاملة في البلاد بانتقاء موظفيها وعمالها على أساس عرقي وهو ما يشكل انتهاكاً صارخا لمبدأ الحيادية والتنوع في التشغيل. وفي هذا الإطار صرح ايدي فان لانكر، السكرتير الفيدرالي للنقابة أن هذا الملف، الذي يجري البحث فيه حول التمييز العنصري في سوق العمل البلجيكي سيقدم للعدالة لدى اكتمال كل عناصره، مؤكداً في نفس الوقت بأن النقابة تتلقى بشكل مستمر شكاوى ضد شركات بلجيكية ترفض التعاقد مع موظفين أو عمال من أصول مهاجرة كما أن هذه الشكاوى تخص شركات، حيث سيتم نشر أسماءها في الوقت المناسب. وأضاف المسؤول النقابي أن ثلث المكاتب البلجيكية المخصصة للعمل والمكلفة بالبحث عن العمال والموظفين وتقديمهم للشركات بحسب فرص العمل المطروحة قد اعترفت بأنها تتلقى بشكل دوري تعليمات من الشركات بعدم اختيار عمال من أصول مهاجرة أو من أصحاب البشرة السوداء. ويشار، إلى أن النقابة البلجيكية كانت قد دعمت على مدى سنوات أنشطة وحملات من أجل الدفاع عن مبدأ التنوع والحيادية في سوق العمل قبل أن تتبع طريق أكثر صرامة وهو اللجوء إلى القضاء لمواجهة هذه الشركات. وجاء هذا التحرك النقابي على خلفية قرارمحكمة بلجيكية في بروكسيل عدم متابعة أحد مكاتب العمل بسبب رفضه قبول ترشيح عمال من أصول مهاجرة، مما سيسمح حسب المسؤول النقابي باستمرار إفلات الشركات ومكاتب العمل من المساءلة القانونية فيما يخص التمييز ا لعنصري في سوق العمل. المهاجر والأزمة الاقتصادية أصبحت مشكلة العمالة المهاجرة ببلجيكا تثير اليوم نقاشا سياسيّا واجتماعيّا في هذا البلد الأوربي، حيث ارتبط هذا الجدال والنقاش بالعامل الديموغرافي والأزمة الاقتصادية التي تجتاح أوربا حاليا وانعكاس ذلك على حجم النشاط الصناعيّ والاقتصاديّ والدخل القوميّ والفرديّ. ففي تقرير لمنظمة العمل الدوليّة بشأن الآثار والتبعات المترتبة على ذلك تبيّن أنّ معدل دخل الفرد في الخمسين السنة القادمة سينخفض إلى 78 بالمائة من نسبة الدخل الحالي للفرد. ولذلك يرى هذا التقرير بضرورة محاربة أشكال التمييز ضد العمال المهاجرين وإقامة علاقة تكامليّة بين الشريحة المهاجرة والسكان الأصليين في مجتمع متعدد الثقافات يستند إلى الاحترام المتبادل والتسامح الثقافيّ والفكريّ. هذه العوامل دفعت بالساسة وأصحاب التخطيط إلى إعادة النظر في سياسات استقبال العمالة المهاجرة والمهاجرين وآليات استقطابها وتوجيهها. و في نفس السياق فإن بعض المختصين في ميدان الهجرة يرون أنّ أوروبا ستبقى بحاجة إلى العمالة المهاجرة سواء علا مستواها التعليميّ أم انخفض. وفي هذا الصدد فإنّ بعض الدول الأوروبية كبلجيكاألمانيا وهولندا تبدي حساسية من ذلك بحكم تجربتها التاريخية على عكس بعض الدول الأوربية الأخرى كبريطانيا مثلا، فمنذ الثمانينيّات من القرن الماضي سجلت البطالة نسبا عالية في صفوف المهاجرين بل إن الأمر قد طال التحصيل الدراسيّ لأبنائهم أيضا. وفي سياق متصل فإن الأحزاب السياسية البلجيكية تدعو إلى تبني سياسات وآليات محددة في عملية استقدام العمال الأجانب. حيث أن حزب الخضر يعتبر الحل يكمن في نهج سياسة منظمة متكاملة ومحددة للعمالة الوافدة من الدول الأجنبية، كل ذلك من شأنه أن يساهم في حل المشكلات التي واكبت عمليات الهجرة من اندماج ولغة وغير ذلك. فهو يرى أنّ تطبيق نظام خاص لقبول المهاجر يعتمد على المؤهلات المتوفرة لديهم ويمكن أن يساعد على تنظّيم عملية الهجرة. كما يمكن أن يجعل استقطاب العمالة الوافدة عملية مقننة ومدروسة وممنهجة تتيح الفرصة للمؤهلين للقدوم إلى بلجيكا وتغلق الباب أمام الأشخاص غير المؤهلين. سياسة الهجرة في بلجيكا لطالما شكلت الهجرة إحدى نقاط الاختلاف بين الحكومات البلجيكية المتعاقبة، بما فيها، كتلة التيار المسيحي التي نجحت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي تعمل على تقوية الاندماج في المجتمع وتقنين الهجرة الوافدة. وعلى هذا الأساس فقد ظل قانون الهجرة من القضايا الرئيسة الحاضرة في البرامج الانتخابية للأحزاب البلجيكية. وتعتبر هذه البرامج مثار اختلاف بينها لا سيما فيما يتعلق بمسألة اندماج الأجانب في المجتمع. وكيفية وضع السبل التي من شأنها تسهيل هذا الاندماج. وفي نفس السياق فان الحزب الاشتراكي يرى في الهجرة حلاً لبعض المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للبلاد و الناتجة عن تناقص عدد السكان الناجم بدوره عن تراجع معدلات الولادة في المجتمع. أما المسالة الثانية فتتعلق ب «شيخوخة المجتمع»، أو غلبة كبار السن عليه. وهو أمر له تأثيرات سلبية كبيرة ليس على مستقبل النظام الاجتماعي فحسب، بل على سوق العمل خلال السنوات القادمة أيضا، مثل تقديم مسودة لقانون جديد للهجرة قبل سنوات من طرف بعض الاحزاب الفرانكفونية البلجيكية قضية اعترضت عليها بعض الأحزاب الفلامنية بدعوى تسهيل إجراءات الهجرة و أن المزيد من المهاجرين يعني المزيد من العاطلين عن العمل ومازال ملف الهجرة يسمم العلاقات بين الأحزاب السياسية البلجيكية إلى اليوم حيث من المرتقب أن يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص ملف الهجرة فبل نهاية هذا الشهر بغية تسوية أوضاع المهاجرين غير الشرعيين والوصول إلى مقاربة شمولية متكاملة حيال ملف الهجرة وفي انتظار القانون الذي قد يأتي أو لا يأتي تبقى أوضاع المهاجرين غير الشرعيين موضوع الساعة داخل الأوساط السياسية والنقابية البلجيكية. الخوف من المهاجر تشكل اليد العاملة المهاجرة عنصراً حيويا من عناصر الاقتصاد العالميّ، فالإحصائيات تشير إلى أن أكثر من 86 مليون عامل هاجروا إلى بلدان مختلفة للعمل فيها، إلا أنّ هذه العمالة المهاجرة سرعان ما تصطدم في البلدان المستقبلة لها بأنواع مختلفة من التمييز، سواء أكانت على مستوى الأجور التي يتقاضونها أم النظرة العامة إليهم بدونية واحتقار تارة وبتوجس وخيفة تارة أخرى، إذ تتجلى مبررات هذا الخوف بعيون المواطنين الأصليين بأنّ العمال المهاجرين يحتلون وظائفهم وكذلك التخوف من تفريغ المؤسسات ومراكز العمل من عمال البلاد المحليين. ولا شك أنّ هذه الظاهرة ترتبط بقضية نوعية الهرم السكاني وعلاقتها بالبطالة وإعادة الهيكلة السياسية والاجتماعية والثقافية لهذه البلد. تاريخ الهجرة في بلجيكا للهجرة في بلجيكا تاريخ طويل من حيث ارتباطها بسوق العمل. فهناك العديد من الحالات التي فتحت فيها بلجيكا أبوابها للمهاجرين من أجل الحصول على أيدي عاملة لسد النقص الموجود في منشأتها الصناعية. إن أول هجرة أيدي عاملة إلى بلجيكا ترجع إلى سنة 1955 حيث منحت المملكة البلجيكية حق الإقامة ل 44.000 شخص من تركيا والمغرب وايطاليا كحل للخروج من المشاكل الاقتصادية الكبيرة التي كانت تعاني منها بلجيكا في ذلك الحين، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. والحالة تكررت في سنوات الستينات بعد أن طلبت بلجيكا من بعض الدول بموجب اتفاق معها اليد العاملة وذلك لسد النقص الذي حدث في سوق العمل في تلك الفترة، فتوافد عليها الكثير من العمال الضيوف حيث يشكل المغاربة والأتراك الغالبية العظمى منهم . واليوم تحاول بعض الأحزاب السياسية البلجيكية وضع عدة ضوابط الهدف منها تقنين الهجرة وربطها بمتطلبات سوق العمل والنهوض بالاقتصاد الذي يعاني من البطالة. حيث ستقتصر الهجرة الجديدة في سوق العمل البلجيكي على ما يكفي لسد النقص الحاصل في قطاعات محددة. وخصوصا الأطر والكفاءات العالية في المجالات العلمية والبحث العلمي، أو من يمكنهم تقديم إسهامات في الاقتصاد والثقافة البلجيكية. الهجرة والاندماج ما زال ينظر إلى المهاجرين الأجانب من أصول مغاربية على أنّهم انكمشوا على أنفسهم بعيدا عن التواصل الحقيقي مع المجتمع البلجيكي والتفاعل مع الثقافة البلجيكية، الشيء الذي انعكس سلبا على صورة الأجانب المسلمين، و الملاحظ أن الهجرة المغاربية الأولى إلى بلجيكا كانت تنحصر في العمل في الصناعات الثقيلة كصناعات الفحم والصلب والسيارات وقد استقر القسم الأكبر منهم بالقرب من هذه التجمعات الصناعيّة الكبرى في غرب البلاد وشمالها وخصوصا في منطقة الفلاندر ومدنها الصناعية نفس الشيء بالنسبة لمنطقة والوني . ويشار إلى أنّ النمو الاقتصاديّ في بلجيكا كان قد لعب دورا كبيرا في عملية الاندماج، ففي الستينيّات والسبعينيّات مثلا يبدو أنّ المغاربة كانوا أكثر اندماجا من المهاجرين في الوقت الراهن وذلك لتدني فرص العمل وتراجع معدلات النمو الاقتصاديّ في الوقت الحالي. وبالمقابل فإنّ هناك فئة عريضة من الشباب المغربي عموما تلقوا علومهم في بلجيكا ويحتلون مراكز متقدمة في ميادين مختلفة من طبيّة وأكاديميّة مختلفة. فقد استطاع هؤلاء أن يقيموا جسرا من التواصل بين ثقافتهم الأصلية والغربية من خلال المحافظة على هويتهم الإسلامية والثقافية والاندماج مع المجتمع البلجيكي في شماله الفلامني الذي يتكلم اللغة الهولندية وجنوبه الوني الذي يتكلم اللغة الفرنسية. وفي مقابل كل هذا نجد فئة ضربت على نفسها سياجا من العزلة وأصبحت رهينة لأفكار ورؤى لا تخدم صورة الإسلام في المجتمعات الغربية. وتجدر الإشارة إلى أن قضايا الاندماج تبقى من أكثر الأمور جدلا في الساحة السياسية والاجتماعية البلجيكية. إن معرفة اللغة هي أحد الشروط الحاسمة للاندماج المهني والاجتماعي، فكلما تمكن الإنسان أكثر من لغة البلد الذي يعيش فيه بشكل مستديم كلما زادت فرصته للاندماج في وقت معقول. وفي ذلك مصلحة المهاجرين، بل أيضا من مصلحة الدولة المهاجر إليها أن يتم اكتساب اللغة تحدثا وكتابة طبقا لمعايير جودة موحدة وأهداف تعليمية محددة. بالإضافة إلى اكتساب معارف لغوية جيدة المستوى، فإن أي سياسة ناجحة تجاه الأجانب تفترض أيضا وجود اندماج مهني عن طريق التأهيل، ومواصلة التعليم، وإعادة التأهيل، والتدريب العملي، وتحسين الوضع الدراسي للشباب والنساء من الأجانب بصفة خاصة. حيث تعمل وزارة الاندماج البلجيكية والعمل على دعم التأهيل المهني، وكذلك توفير أماكن للدراسة ودورات لتحسين فرص الاندماج، وذلك عن طريق مختلف المشروعات. إن تحقيق الاندماج الاجتماعي هي مهمة تقع على كاهل المجتمع كله، والتي لا يمكن الوفاء بها إلا بالعمل المشترك من جانب المهاجرين والشعب البلجيكي عبر عملية اجتماعية معقدة. وبالرغم مما تحقق من تقدم ونجاح شبة ملحوظين في سياسة الاندماج إلا أنه لا يزال هناك كثير من النواقص، فلا يزال من الضروري القيام بمجهودات كبيرة لاسيما تجاه تحسين الحياة المشتركة بين الشعب البلجيكي والأجانب، والتعامل الحازم ضد العداء للأجانب. وبرغم كل ما تقوم به الدولة من جهود فاعلة فإن على المواطنين القيام بمشاركة ايجابية في عملية اندماج الأجانب، كما لا بد من مكافحة النشاطات المتطرفة. وفي هذا الإطار أطلقت الحكومة مبادرة كلنا واحد التي ترمي إلى تحويل ما توفره بلجيكا كدولة قانون ديمقراطية من قيم وضمانات إلى واقع ملموس، والذي يرمي أيضا لتمثيل هذه القيم والضمانات تمثيلا قويا. لذا فإنه من الضروري على كل المواطنين المساهمة الفاعلة في ذلك. الهجرة في بلجيكا وأمريكا إذا كانت قضايا الهجرة وتبعاتها تثير نقاشا سياسيا واجتماعيا في بلجيكا فإنّ الأمر يختلف تماما بالمقارنة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أصبحت اليوم القبلة الأولى للمهاجرين، إذ لا تحتل هذه الجدالات مساحة واسعة في الرأي العام الأمريكيّ بعكس ما هو عليه الحال في البلدان الأوربية. ذلك أن مركز دراسات الهجرة في واشنطن يشير إلى أن الولاياتالمتحدة تستقبل 5 مليون مهاجر كل سنة. في حين أن بلجيكا تستقبل قرابة 20.000 مهاجر سنوياً. وبالنظر إلى نسبة عدد السكان في البلدين، فإن المملكة البلجيكية تستقبل ما يناهز 2بالمائة مقارنة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية.