استطاع وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، أن يحصد إجماع النواب البرلمانيين الأعضاء بلجنة التعليم والثقافة والاتصال، على مشروع قانون الصحافة والنشر الجديد، الذي ورد خاليا من أي عقوبة حبسية سالبة للحرية، وذلك بعدما استجاب للكثير من تعديلات الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب، فضلا عن مطالب المهنيين. وفي هذا السياق، أجمع كل من وزير الاتصال، والبرلمانيين، على إلغاء بند من المادة 93 من المشروع، والذي كان يحيل على محاكمة الصحافيين والناشرين بناء على أحكام القانون الجنائي في بعض الجنح والجنايات، إذ تم إدخال تعديل جديد نص بالحرف “لا تسري أحكام القوانين الأخرى على كل ما ورد في نص صريح في هذا القانون” أي مدونة الصحافة والنشر، وأبدى الوزير عدم اعتراضه على هذا التعديل الذي تقدمت به الأغلبية. وبعد هذا التعديل لم يعد بالإمكان محاكمة الصحافيين بناء على أحكام القانون الجنائي، الذي كان يحيل عليه مشروع قانون الصحافة والنشر، في بعض الأفعال ذات الطابع الجنحي أو الجنائي، المرتكبة في مجال النشر والصحافة، الأمر الذي يفرض على القضاة لزاما تطبيق قانون الصحافة والنشر على هذه الأفعال وليس القانون الجنائي. كما أنه بموجب النص الجديد الذي تم الإجماع عليه، لم يعد بالإمكان تطبيق “الاكراه البدني” على الصحافيين الذي يعجزون عن أداء الغرامات المالية المطبقة في حقهم بسبب المخالفات المرتكبة في مجال الصحافة والنشر، ولم يعد، فضلا عن ذلك، حسب المشروع المعدل، سحب ومصادرة الصحف وحجب المواقع الإلكترونية بناء على قرار إداري كما هو وارد في القانون المعمول به حاليا، بل سيصبح حسب المشروع مرتبط بمقرر قضائي معلل. كما تم تقييد الغرامات التي يقررها القضاة ضد المؤسسات الصحافية في قضايا النشر، الأمر الذي يعني أن المحكمة سيكون عليها أن تراعي، في تقدير التعويض المعنوي والمادي لجبر الضرر الناتج عن الإساءة إلى الحياة الخاصة أو الإساءة إلى الحق في الصورة أو القذف أو السب، (أن تراعي) التناسب بين التعويض وحجم الضرر وفقا للمبادئ العامة. كما يشترط المشروع أن تأخذ بعين الاعتبار رقم معاملات المقاولة، لتقدير هذا التعويض. ونجحت الأغلبية والمعارضة بمجلس النواب في تغيير عبارة “المس” بكلمة “الإساءة”، بخصوص العقوبات التي تصدر ضد الصحافي عندما يتعلق الأمر بالإساءة إلى رؤساء الدول وغيرهم من المسؤولين الواردة صفاتهم في المادة 80، وغيرها من مواد المشروع. إذ تم التأكيد أن مصطلح “المس” فضفاض، الأمر الذي يقتضي تدقيقه في “الإساءة” التي تعني إحداث أثر معنوي أو مادي. وأصبح ينص المشروع، بعد تعديل تقدمت به الأغلبية، على أن حجز المطبوعات الأجنبية الممنوعة والأعداد المنقولة عنها يباشر من قبل ضباط الشرطة القضائية، بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة. كما أصبحت تنص المادة 6 من المشروع بعد إدخال تعديل عليها على حماية الصحافيين، من خلال التنصيص على أن تلتزم السلطات العمومية بتوفير الضمانات القانونية عوض المؤسساتية لحماية الصحافيين من الاعتداء والتهديد أثناء مزاولة مهنتهم، لمواجهة الاعتداءات المتكررة عليهم في مختلف محطات التغطية الصحفية الميدانية. كما أن الصحافي سيكون ملزما بالكشف عن مصادر الخبر، لكن لن يكون ذلك إلا بمقرر قضائي، في حالات متعلقة بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، وكذا في حالة الإساءة إلى الحياة الخاصة للأفراد، “ما لم تكن لها علاقة مباشرة بالحياة العامة”.