لاشك أن بشاعة الحدث الذي تعرضت له أميركا، وهول الصدمة الكبيرة التي أذهلتها، تسوِّغ لها أن تحرك عضلاتها في كل الاتجاهات؛ دفاعاً عن النفس، وتأكيداً للوجود، وانتقاماً من الجناة، وإعادة للاعتبار، وفرضاً للهيبة. لا شك أن ما حدث في نيويورك وواشنطن يوم الثلاثاء الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، هو حدث إنساني كبير، يهم العالم بأسره، ولسوف يشكل منعطفاً تاريخياً حاداً، يصلح لأن يؤرخ به، ومن غريب المصادفة أن يأتي في السنة الأولى من الألفية الثالثة، ليكون بداية لها، تؤرخ به. ولا شك أن من حق كل إنسان يعيش على هذه الأرض أن يدلي بدلوه في رسم حدود هذا المنعطف، ومعالم الطريق الذي سيضع الإنسانية عليه!.. فنحن نعيش عصر العولمة الذي اختزل القرى في قرية كونية واحدة، وألغى ما بينها من أبعاد وحدود، وكسر كل الحواجز والسدود، فلم يترك لقرية أن تعزل نفسها عن البشرية متقوقعة على نفسها، متمترسة من وراء جدر، حتى لو كانت هذه الجدر سد الصين، أو حائط برلين، أو الستار الحديدي لستالين. لعل المتأمل لكل هذا الحديث الواحد المتكرر في أقطاب البيت الأبيض ومعهم جحافل مرتزقة الكيان الصهيوني سيكتشف أنهم الإرهابيون بامتياز وان حديثهم عن الإرهاب ينطبق عليه المثل العربي (رمتني بدائها)، نعم، إن الإرهاب داؤهم وإنهم الإرهابيون الذين دمروا امن العالم وهدوءه. وأعطوا لنفسهم الحق وللصهاينة الحاصلين على دعمهم بأن يحولوا بعض البلدان العربية إلى خرائب بعد أن يقصفوها بأحدث الأسلحة من الجو والبحر والبر. ها هو العالم وقد تحول إلى ساحة يفرغ فيها عتاة اليمين المتصهين في أمريكا وقاعدته المتقدمة الكيان الصهيوني كل أحقادهم،، ويعاقبون الشعوب التي لا ترضى الرضوخ لمخططاتهم ومشاريعهم الماحقة في المنطقة. هي حرب إبادة تجاوزت كل ما فعلته النازية في العالم، حرب إبادة كأنّ النازية تجددت بها وتحت مسمى جديد هو القضاء على الإرهاب والإرهابيين. إن ما يحصل اليوم من عمليات إبادة في لبنان وفلسطين والعراق وافغانستان والصومال والبقية تأتي تجعل الضمير الإنساني عاجزا مشلولا اذ لا يوجد أي تكافؤ بين صواريخ القسام في غزة البدائية الصنع وبين أكثر الأسلحة فتكا التي يستعملها الكيان الصهيوني المزروع قسرا في أرضنا العربية. كيف يمكن لهذا العالم الأخرس الأبكم السكوت على ما تفعله إسرائيل في غزة وممارستها لعمليات الإبادة الشنعاء فيذهب في يوم واحد أكثر من أربعة وعشرين شهيدا مدنيا أكثرهم من الأطفال ؟! ويضاف لهذا الرقم أكثر من مئة وخمسين جريحا. من يصدق أن كل هذا من أجل جندي صهيوني اختطفه المقاومون ليساوموا عليه؟ أما لبنان فهو الجرح المريع في ضمير كل إنسان عربي، لبنان الذي يجري ردم كل ما عليه بأعتى الأسلحة وبدلا من قيام أمريكا بإيقاف هذه المجزرة ,نراها ترفض في مؤتمر روما أي مطالبة لإسرائيل بإيقاف عدوانها، وقرأت (إسرائيل) الرسالة واعتبرتها تأييدا لما تقوم به بهجومها النازي على لبنان الأمر الذي جعل الاتحاد الأوروبي (يعترض) على هذه القراءة إذ هي قراءة أمريكية صهيونية! ولكن ماذا يجدي هذا الاعتراض والطائرات الأمريكية تحمل شحنتين من القنابل (الغبية) المسيرة بالليزر من أجل أن تتواصل الجريمة وتتسع دائرة الخراب والتدمير ويتحول لبنان البلد العربي الأكثر جمالا إلى خراب! إن الحقد الصهيوني سيتواصل وستكون الأيام القادمة أكثر رعبا بفضل قنابل الليزر هذه التي لن يتوانى الصهاينة عن استعمالها فهم مخلوقات تجردت من كل قيم إنسانية وتحولت إلى وحوش للقتل والموت. لقد سبق لهم أن ضربوا منزلا واحدا فقط في غزة بقنابل زنة ثلاثة وعشرين طنا. فتصوروا حجم الحقد الذي يصبونه علينا؟ إن الصهاينة اليوم هم في حالة من الهيستيريا والجنون لم يعرفوها ولم يتوقعوها وهم يذوقون ذل الهزيمة. وجيشهم الذي كان ينقل كل معاركه السابقة إلي الأرض العربية لتدور فوقها بدلا من المساحة التي يحتلها ها هي صواريخ المقاومة اللبنانية تدك مدنه التي كان يظنها آمنة فأصبح نصف سكان الكيان الصهيوني في الملاجئ. لقد علمتهم هذه المقاومة النبيلة معني الخوف والهلع والبكاء وقد كانوا يظنون أنهم بمنأي عن كل هذا بهمة (جيش الدفاع) الصهيوني الذي لا يقهر فانقهر واُذل ودفع الثمن. إن حرب أمريكا والكيان الصهيوني علينا، على أرضنا وشعبنا وتاريخنا وحضارتنا ومسلماتنا بل وحتى على الدول القطرية التي رضينا بها رغم أننا أصبحنا بها كتركة قسمتها (سايكس بيكو)، حتى هذه الدول مهددة إلى تقسيمات اصغر فأصغر ومع هذه التقسيمات عوامل حروب طائفية وعنصرية لا نهاية لها. إن التضامن العربي مع المقاومتين في فلسطين ولبنان ومعهما المقاومة العراقية يحمل الدليل على أن المشروع الصهيو امريكي لم ينجح لحد الآن. وان حزب الله الذي يتشكل من طائفة اسلامية معينة يجد وتجد قيادته الدعم من كل العرب والمسلمين، وهذا يفند كل محاولات زرع الفتنة الطائفية وجعل أبناء البلد الواحد يقتلون بعضهم، ولبنان نفسه قد خبر مثل هذه التجربة في حرب طائفية طويلة دفع ثمنها غاليا ومع هذا وهو في عنف هذه الحرب لم يسلم من الاجتياح الصهيوني عام 1982. يوم الحشر هذا لا بد من أن ينتهي بانتصار أصحاب الحق الذين يدافعون بشهامة وشرف ونبل حتى الشهادة عن وطنهم وأهلهم. أيت عميرة : سعيد الدين بن سيهمو