أفاد مصدر مطلع، أن مجموعة من النشطاء الجمعويين ب "تودما"،بالتعاون مع إحدى المنظمات العاملة في الحقل الحقوقي الوطني والدولي ينكبون على إعداد تقرير شامل لما أسموه "التهميش " الذي تعاني منه منطقتهم، بسبب إقصائها من المخططات التنموية والاجتماعية، من قبيل: إنجاز البنية التحتية الفلاحية والطرقية والصحية والبيئية. ففي مجال البنية التحتية الضرورية لحفظ وتخزين مياه الأمطار، أورد الخطوط العريضة للتقرير، أنه لم يخصص لها ولو نزر يسير لإنشاء مجمع مائي يستجيب لمتطلبات النهوض بعملية إنقاذ أشجار اللوز والزيتون المهددة بالتلف التام، رغم أن المديرية الإقليمية للفلاحة قد وقعت منذ سنوات اتفاقية مع اتحاد جمعيات ودواوير تودما للتنمية والتعاون والبيئة الناشط في المجال التنموي بالمنطقة، لإنجاز مجمعات مائية وبناء المدرجات لصيانة التربة من التدهور، غير أن شيئا من هذه الاتفاقية لم يظهر إلى الوجود، بحسب الوثيقة. أما في مجال البنية التحتية الطرقية، أشار التقرير إلى أنه يوجد بتودما مسلك "غير معبد و غير مبلط" يربط ما يفوق (14 ) أربعة عشر دوارا بالعالم الخارجي، تتسبب السيول الجارفة خلال كل فصل شتاء، في انقطاعه بشكل تام و لمدة تتجاوز أحيانا أسبوعا، مما يرغم السكان بالاعتماد على أنفسهم ووسائلهم البدائية على التدخل لترميم " المسلك " باستعمال التربة المحمولة من الحقول الزراعية، ليفكوا عنهم العزلة التي تكاد تكون قاتلة، و "هو سلوك اضطراري لا محيد عنه رغم أنه يشكل خطورة على المجال البيئي للمنطقة"، يورد التقرير. ولتجاوز هذا المشكل بادرت مجموعة من جمعيات المجتمع المدني إلى دق ناقوس الخطر، ووجهت عدة عرائض إلى العديد من المصالح الإدارية منها الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة ورئيس الجهة والمدير الإقليمي للفلاحة بأكَادير والمدير الإقليمي للتجهيز لاشتوكة إنزكَان، تطلب منها التدخل العاجل لإيقاف نزيف التربة الزراعية وذلك بمد السكان بمواد بديلة ذات القدرة على الصمود أمام عوامل التعرية المختلفة بما يسمح لإنجاز عملية تبليط بالإسمنت أو تعبيده بالإسفلت دون أن يصدر حتى الآن أي رد عن هذه الإدارات. التقرير الذي حمل عنوان: تودما – تنالت، مزيدا من تهميش المهمشين، أثار في تناوله لتعثرات التنمية بالمنطقة في شقه الاجتماعي، إلى وضعية الفراغ المهول الذي تعاني منه نساء "تودما"، رغم كونهن بذلن جهدا كبيرا لتأسيس التعاونية النسوية لتثمين المواد المحلية بمركز تودما، غير أنهن اصطدمن مرة أخرى بعائق التنقل المنتظم إلى مقر التعاونية قصد ممارسة نشاطهن، بسبب عجزهن على قطع مسافة تناهز عشرين كيلومترا يوميا، مشيا على الأقدام جيئة وذهابا عبر هذا المسلك المتسم بالوعورة و الخطورة التي يشكلها تواجد الخنزير البري بالمنطقة. وفي جانب آخر،أوضح التقرير أن قطاع الصحة، لازال يُعاني الخصاص والنقص المهولين، ذلك بأن سوق "الاثنين تودما" الذي يشكل مركزا لتودما، و جانبا من دواوير إساكَن المجاورة، لا يتوفر إطلاقا على مركز صحي، الشيء الذي يضع صحة المواطن بالمنطقة في كف عفريت، خاصة منهم المرضى والمصابين بمختلف الآفات الطارئة كلذغات الثعابين و لسعات العقارب... . وبالنسبة للمشاكل التي تهدد البيئة، أورد التقرير بأنه إضافة إلى مشكل تدهور التربة بسبب اضطرار السكان إلى استعمالها في ترميم المسلك الطرقي، وعدم صيانة المدرجات، كما سبق ذكره، هناك تدهور خطير للغطاء النباتي، خاصة الأعشاب الطبية و العطرية، التي تتعرض للإستغلال المفرط من طرف التجار المضاربين الذين يستغلون فقر السكان وحاجتهم، فيدفعون بهم إلى التسابق نحو قطف تلك الأعشاب بشكل عشوائي و قبل الأوان،و يبيعها في الأسواق بأثمنة بخسة، في غياب سياسة رسمية ترمي إلى توعية السكان بخطورة ما يقدمون عليه، وإعطائهم موردا بديلا لكسب الرزق، يراعي شروط التنمية المستدامة، يقول التقرير. وأنهت الهيئات الموقعة على التقرير، الذي سيُرفع إلى العديد من المنظمات الدولية، بالإشارة إلى أن منطقة تودما لم تعد سوى منتزها للتسلية يرتاده ممارسو القنص، الذين يؤدون مبالغ مهمة للحصول على رخص الصيد l'amodiation de droit de chasse ، لفائدة المندوبية السامية للمياه و الغابات، أما السكان الأصليون فهم إلى مزيد من التهجير، وفق ما صورته الجمعيات عن المنطقة من أوضاع أقل ما يُمكن أن يقال عنها أنها "قاتمة".