في إطار أنشطتها التواصلية والتكوينية والإشعاعية نظم فرع أكادير للجمعية الوطنية لمديرات ومديري التعليم الابتدائي بالمغرب لقاء تداوليا حضره إلى جانب منخرطي الجمعية بأكادير،ممثل عن الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين وممثل النيابة الإقليمية للوزارة بنيابة أكادير إداوتنان وثلة من أطر التفتيش التربوي ورئيس فيدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ. واستهل عبد العاطي الاصفر،رئيس قسم الشؤون التربوية بالأكاديمية هذا اللقاء بعرض تطرق فيه، بداية إلى مفهوم الزمن المدرسي من الناحية البيداغوجية وإلى أهميته الكبرى وانعكاسه المباشر على ظروف التعلم وشروطه وكذا إلى المجالات العلمية ذات التأثير في تدبير الزمن المدرسي، داعيا إلى ضرورة تمكين المؤسسة التعليمية من هامش الحرية الذي يتيح لها التصرف في الأحياز الزمنية حتى تحقق التفاعل الإيجابي مع محيطها المباشر بمكوناته المختلفة، من آباء ومؤسسات اقتصادية واجتماعية، وهيئات المجتمع المدني وغيرها، بشفافية وديمقراطية، وباستحضار المعطيات العلمية والدراسات المحلية مشيرا إلى الجوانب التربوية التي تهم تدبير الزمن المدرسي لبلوغ الأهداف المتوخاة والتي تراعي بالخصوص التطور النفسي والبيولوجي للمتعلم وتهتم بالظروف والشروط الاقتصادية والاجتماعية للمتعلمين والمساهمة في التجديد التربوي ومراعاة الأداء الذهني للمتعلم دون إغفال الظواهر السلبية واستثمار الموارد البشرية والبيداغوجية التي يوفرها المجتمع لتدبير الناشئة، مذكرا بتأثير تدبير الزمن المدرسي على الكلفة والمردودية وعلى الإيقاع الاقتصادي وعلى نمط العيش . - وتابع ممثل الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، في هذا اللقاء الأول من نوعه، مداخلته بالتركيز على النتائج العلمية المتوصل إليها لتدبير الزمن المدرسي بشكل إيجابي يخدم مصلحة التلميذ من حيث التحصيل والمردودية وذالك باستحضار توزيع المواد على الحصص الزمنية اليومية لخصوصيات كل مادة و ضرورة برمجة المواد التي تتطلب العمليات الذهنية في أوقات اليقظة المرتفعة .وأشار الاصفر إلى أن برمجة توقيت المواد التي تتطلب عملية الاسترجاع « الذاكرة القصيرة" في الحصص الأولى، في الوقت الذي يجب أن تنجز فيه المواد التي تتطلب « الذاكرة الطويلة" في الأوقات التي تنخفض فيها اليقظة والانتباه . - واختتم المسؤول التربوي بالجهة عرضه بتأكيده على بعض التدابير البيداغوجية لتدبير الزمن المدرسي لتعويض حصص التغيب من قبيل الاحتفاظ بالتلميذات والتلاميذ داخل المؤسسة في حالة تغيب المدرسين والمدرسات وذالك بتعويض ساعات غياب المدرسات والمدرسين باعتماد مختلف الصيغ المتاحة و تعزيز المصاحبة التربوية للمدرسات والمدرسين من أجل الاستغلال الأمثل للزمن المدرسي للمتعلمات والمتعلمين و برمجة حصص استدراكية في حالات التوقف الاضطراري الناجم عن الاضطرابات المناخية أو غيرها وكذا تكثيف الزيارات البيداغوجية التفقدية وإنجاز تقارير بشأنها واستثمار معطياتها و عقد اجتماعات دورية للدراسة والتشاور مع توفير بنك للحلول والبدائل. من جانبه،ركز الأستاذ عبد الله الخراط عن الجمعية المنظمة للقاء عرضه في البداية على المداخل المرتبطة بالزمن المدرسي من قبيل الفشل الدراسي ونجاعة التعلمات وأدوار الحياة المدرسية من رياضة وأندية تربوية ومكتبة مدرسية معرجا على التجربة الفرنسية التي يندرج مشروع زمنها المدرسي في إطار إصلاح منظومة التربية والتكوين المعروف ب"إعادة بناء المدرسة ".قبل أن يعود إلى التجربة المغربية وإلى الإطار القانوني الذي يتحكم في تدبير الزمن المدرسي بداية بالمذكرتين الوزاريتين ، رقم 128 بتاريخ 5 غشت 1992، و 155 بتاريخ 28 شتنبر 1993. الهادفتين إلى تكييف استعمالات الزمن مع خصوصيات الوسط القروي،ثم مذكرة أخرى رقم 12/98 بتاريخ 13-7-1998 في موضوع تكييف الدراسة مع خصوصيات الوسط القروي، وقد وضعت هذه المذكرة شروطا للتكييف، تمثلت في اقتصار التكييف على الوسط القروي و وجود مبررات موضوعية تفرض إعادة النظر في التوقيت الرسمي، مثل: بعد المدرسة عن السكن، وحالة الطقس والجو، والوضعية الجغرافية للوحدة المدرسية المعنية ومراعاة البنية المادية للمؤسسة والتقيد بالغلاف الزمني الأسبوعي وكذا بالحصص المقررة رسميا. وتطرق الخراط الذي يشتغل كمدير بإحدى المجموعات المدرسية بالعالم القروي التابعة لنيابة أكادير إداوتنان إلى الزمن المدرسي حسب منظور الميثاق الوطني للتربية والتكوين ،قبل أن ينتقل إلى المذكرة 122 المنظمة للإيقاعات الزمنية المدرسية و الصادرة في غشت 2009 في موضوع تدبير الزمن المدرسي بسلك التعليم الابتدائي والمندرجة ضمن البرنامج الاستعجالي والمرتكزة على توزيع الغلاف الزمني تبعا للإيقاعات الذهنية اليومية للمتعلمات والمتعلمين وعلى توزيع الحصص الدراسية بما يراعي تغيير الإيقاعات الذهنية تبعا لأيام الأسبوع وتوزيع المواد الدراسية تبعا لعلاقتها بالإيقاعات اليومية و تمديد الغلاف الزمني الخاص بكل حصة دراسية ليتراوح ما أمكن ذلك بين 40 و50 دقيقة مع مراعاة خصوصية بعض المواد الدراسية .وأضاف المتحدث بأن المذكرة أكدت على ضرورة توفير الظروف المناسبة للمتعلمات والمتعلمين ما بين الفترتين الصباحية والمسائية، خاصة في المناطق التي يبعد فيها موقع المؤسسة عن السكن.بعد ذالك،يضيف الخراط، أقدمت الوزارة على إصدار مذكرة أخرى لاغية لسابقتها وتحمل رقم 2156*2 بتاريخ 4 شتنبر 2012 وهي المرجع الحالي لتنظيم الزمن المدرسي، وتنص على اتباع المقاييس الدولية المعمول بها في أغلب الدول في تدبير الزمن المدرسي،إلا أنها،يقول المتحدث، شابتها شوائب كثيرة خاصة في الشق المتعلق بعدم مراعاتها للبنية التحتية لجل المؤسسات خاصة في عدد القاعات الخاصة بالتدريس والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بفحوى المذكرة في علاقتها بعدد المدرسين في المؤسسة . واختتم ممثل الإدارة التربوية بالإقليم عرضه بالتذكير بالفوضى التي يعرفها تدبير الزمن المدرسي خاصة في العالم القروي حيث يشتغل المدرسون حسب الأهواء وحسب البرامج الشخصية وحسب المزاج بحيث يتم اعتماد التوقيت المكيف تارة وجزء من الوزاري مشفوع بفحوى المذكرات الملغاة تارة أخرى وفي أحايين كثيرة ، يتم "اعتقال"التلاميذ لأزيد من 6 ساعات متتالية في اليوم،بل أكثر من ذالك تم الوقوف على جداول حصص ل5 أساتذة في إحدى الفرعيات بالعالم القروي يعملون في أربع قاعات وفي توقيت واحد،كيف ذالك؟يتساءل المتحدث الذي طالب من المسؤولين على الشأن التربوي بالإقليم وبالجهة إلى التدخل العاجل وبشكل صارم إلى إعادة الأمور إلى نصابها. كلمة هيئة التفتيش والمراقبة التربوية كانت أيضا حاضرة من خلال عرض الأستاذ محمد طامة الذي حاول معالجة الزمن المدرسي وزمن التعلم بين الضوابط القانونية وضبابية الممارسات الميدانية حيث أشار بدوره إلى غياب احترام منطوق المذكرات الوزارية المنظمة لتدبير الزمن المدرسي إذ لازالت الصيغ المعمول بها وفق المذكرات الصادرة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي يتم تداولها في العديد من المؤسسات التعليمية خاصة في السلك الابتدائي . وكان عرض طامة قد ركز على الدراسة المقارنة لمسار تدبير الزمن المدرسي خلال العقدين الأخيرين ووقف على أهم مميزات كل صيغة من الصيغ المعتمدة من طرف الوزارة الوصية محددا سلبيات وإيجابيات كل واحدة من حيث مراعاتها للجانب السيكولوجي والمعرفي التحصيلي للمتعلم، الذي اعتبره المتحدث الحلقة الأهم في تخطيط أي مشروع محدد للزمن المدرسي. وفي ختام هذا المنتدى التشاوري الذي احتضنه مقر التضامن الجامعي بأكادير مساء يوم الجمعة الماضي ،فسح المجال للحاضرين لإخراج كل ما في جعبهم من تساؤلات واستفسارات وملاحظات حول الموضوع المطروح للنقاش ،انبرى لها المحاضرون الذين اعتبروا هذا اللقاء بمثابة اللبنة الأولى لتأسيس لعمل تشاركي تشاوري في كل القضايا التي تهم المنظومة التربوية بالجهة وبالأقاليم التابعة لها.