أيها السياسيون، يا من تتحدثون باسمنا، ونعلق الآمال على كلامكم، وفي كل مرة تخلفون الوعد، ومع ذلك نصدقكم. يا من تتفاوضون باسمنا وتوقعون بالنيابة عنا، يا أصحاب البذل الأنيقة والأحذية اللامعة والممتلكات والسيارات والأرصدة، ندرك أنكم تقتسمون الصبر معنا، فنحن نصبر على الألم وضيق ذات اليد وأنت بصدوركم التي وسعتنا تتفهمون معاناتنا وآلامنا. أيها السياسيون :دقيقة من فضلكم، أنظروا إلى المقاهي التي امتلأت عن آخرها، إيذانا بأن كل شيء على مايرام، والشوارع التي اكتظت بجحافل العاطلين والمتسكعين واللصوص، بل حتى من تسمونهم ساكنة نشيطة جلهم يقتات على ما بقي له من ديون البنك، ويجدد امله في التغيير نهاية كل شهر ميلادي، أما أنتم فجلكم يعيش بتعبئة مضاعفة عشر مرات بالمجان، ولا تحسون حر الشمس إلا كطيور الحسون المغردة في أقفاصها الجميلة وقد نالت الغذاء والكساء والدواء. ما أجمل أن تكون غبيا وسط هؤلاء الماكرين !!! أنتم كالمتفرجون في عرض سينمائي أو مسرحي، حجزتم أمكنة بيننا، كل ما مَثل الآخرون صِحتم وسَبَبْتم وناضلتم، لكن حين يأتي عليكم الدور تقمصتم شخصية أخرى وابتلعتم ألسنتكم وحبستم أنفاسكم وأصبحتم ماهرين في حساب الكلمات. شكرا لكم لقد فعلتم كل شيء، لكن للأسف لم تحققوا أي شيء، إصلاحاتكم إجراءات تسحق الفقراء والمهمشين والمستضعفين والعاطلين واللامنتمين، كلكم تدعون اليوم المكاشفة والشفافية، لكن في كل يوم تزداد مساحة الزبونية والمحسوبية، لذلك نطمئنكم فنحن لن نفضح فسادا ولا رشوة إلا باذن كتابي منكم، لن نحتج ولن نرفض إلا مارفضتم، فقط نلتمس منكم أن تقتنوا لنا أراض تستوعب قبور المنتحرين والمحترقين بالبنزين والراكبين أمواج البحر، ابنوا سجونا أكثر للمجرمين والمنحرفين والمغتصبين والقتلة والمارقين عن دينكم. كنا نعتقد أنكم ستقتبسون الاصلاح من أساتذتكم الغربيين، فتتخلون يوما عن سياراتكم وتزاحموننا في الحافلات والطاكسيات، وأنكم ستتنازلون عن تعويضات شهر واحد في السنة، كنت أعتقد أنكم ستقتبسون من الغرب احترامهم للمواعيد وللقانون وستحثون الناس على الاخلاص في أعمالهم، أو أنكم ستستثمرون في النهوض بالتعليم والبحث العلمي وفي الموارد البشرية، لكن تحبون في الغرب فقط ادماج المرأة وحق التمرد على القيم. تصبحون على خير يا اهل بلدي، فالكل يحلم بغد أفضل، غدٍ كأمس البلاد التي رفعت من شأن مواطنيها، لكن، نسيت أننا نحن أيضا نحتاج من يعلمنا كيف نكون مواطنين صالحين؟