عندما نتناول بالدراسة فنانا مبدعا أو كاتبا أو شاعرا فغالبا ما نميل إلي البحث عن إبداعاته وعن أهم كتبه التي ألفها أو أقوال تميز بها وفي هذا الصدد سوف نقوم بدراسة تلك الشخصية من أعمال و منجزات يختص بها عن باقي ما يشتركون معه في نفس الميادين إلا أننا سوف نركز علي الميدان الشعري بأبعاده الفنية الجمالية من جهة وأخري دلالية مضمونية من جهة أخري وفي هدا البحث سوف نقوم بدراسة ديوان : tga tguri tislit ig as iÄ imilcil لكاتبه عياد ألحيان انه بطل من أبطال الشعر الأمازيغي امتطي مطية البوح بطريقة فريدة تزاوج بين الغموض و الوضوح هو حقا شاعر جرئ سخر لنفسه آليات الشعر بمعانيها القيمة هي صور جمالية وغيرها من حلل التفنن إن علي مستوي الدال أو المدلول هدا ما سوف نراه من خلال تحليلينا هذا . المرأة الأمازيغية شعار الشاعر في أسفل غلاف الديوان، والموت، الحزن، المعاناة، الألم، المأساة، الظلام...هي علامات ملازمة للون الأسود لون الغلاف، إنه فعلا لون متميز جعله الكاتب علامة لديوانه فكانت هي الميزة فيه، لون مطروح بعمق جعلنا نتوقف أمامه لعلنا نكتشف أبعاده النفسية للشاعر، هل هو حزن أم ألم ومعاناة؟ إلا أنني أفرجت عن هذا السؤال لتمعني الشديد في الغلاف، لأشاهد لونا أخر كسر اللون الأسود ومنحني الأمل إنه اللون الأبيض، وإذا تمعنت في الغلاف جيدا ستعرف حقيقة أنه الليل و نور القمر أنقلتا قلب الشاعر وفطرته ليعانق عالم البوح والإبداع ليعكس فيه همه بل هم مجتمعه فكانت علامات ميزة الواقع بأحلامه وأوجاعها وأتعابها. "الكلمة عروس و الليل لها إميلشيل" هي عنوان لهذا الديوان الشعري تتسابق الأسئلة حوله لأذهاننا عن المراد منه و علاقته بلب الديوان وعن الإيحاءات التي توحي بها في إطار علاقتها بالقضية الشعرية لقد جعلنا نقف وقفة طويلة أمام هذا العنوان لنتأمل معانيه والغاية منه، لقد أصبحت الكلمة عروس تتباهى بنفسها و يجهزها الشاعر بأبهى الحلي بل يزينها لتصبح فائقة الجمال، إلا أن الليل جعلها ملازمة لأسطورة إميلشيل الحزينة، الليل أصبح عائقا أمام الكلمة لقد قيدها و جعل نهايتها نهاية مأسوية مصيرها الظلام، الحقيقة أيضا علاقة وطيدة بين الكلمة و الليل. شاعر الدجى حملت الأبيات طباعا إحساسي مشحونا بعواطف جياشة يستمدها الشاعر من الليل والذي كان أساسيا في جل قصائده، بل تغنى به وجعل منه الصديق الوفي لأسراره، بل الأكثر من ذلك أنه جعل منه صديقا ملازما في جل قصائده إلا أنه كان يعاتبه دائما بسبب قسوته وجبروته الكبيرتين، إذ نجد أن الشاعر يمزج بين معاناته الذاتية مع الليل ومعاناة الإنسان عموما لأنه دائما ما يكون طويلا عند المريض، بل إن الشاعر رغم كل المعاناة التي يعانيها هو وغيره، دائما ما كان يطلب من الليل أن يقيد النهار لكي لا يعود، لأن دائما ما يكون النهار كاذبا، وذلك في قوله في إحدى القصائد: iÄ a bu tillas dl iyi s ifssi azal ad ur ifsi ssdus as iskraf ad awn ur iffrtl ar anv ittknad لقد كان الشاعر دائما وفيا لليل، لم يذكر الصباح إلا في موضع واحد وذلك في القصيدة الرابعة عشر من الديوان، لقد اعتبره الشاعر صديقه الوفي و المقرب بل جعل منه أنيسا في وحدته، بل أكثر من ذلك أنه جعل من السماء ملاذا له، ومن القمر خلاصا، لهذا جعل اسمه مرتبطا بأطول قصيدة في الديوان تحت عنوان، تازيري أو القمر، والجميل جدا في القصيدة كيف أن الشاعر قد صاغ فكرة غياب القمر وما الأوضاع السلبية التي سيترتب عن ذلك، سيصبح النجم يتيما، وسيكون الإنسان وحيدا إلا درجة انه سيفقد قدرة التعبير، بل ستختفي الحياة على وجه البسيطة إذا اختفى القمر، لقد حظي هذا الأخير عند الشاعر بمكانة عظيمة لأنه أمله بل الأحرى من ذلك أن لا حياة بدونه، إلا درجة أن الشاعر وضع مقتطفا من القصيدة في خلفية الديوان، وهذا دليل على تعلقه الشديد بالقمر وذلك في قوله: taziri ml iyi iv d ur tvlit manik ad rad ig ignna v iÄ ann illasn iv nn tssukit manik ad rad ig uzkka يظل الليل صديق الشاعر،ويظل ملهمه في مشاعره وبث شكواه ..فالشاعر أكثر قرباً من الليل ، فلقد استطاع وصفه ومناجاته في قصائده فأبدع في الليل شعراً وكأنه يحدثه ويتغنى معه في قصائده، ولعل القمر هنا يأتي وقد اعتلى عرش المشاعر له، ومن هنا أصبح الليل للشاعر هو المثل الأعلى يناديه ويرسل إليه الشكوى وهو أنه لايوجد شيء غير الليل أنيس له في وحدته وهيامه و الشاعر هنا يشكو من جراح الليل وهمومه وسكونه ويصور ذلك في قصائده بأعذب الصور، وهو في نفس الوقت يبث شكواه عبره وله، وفي أبيات أخرى يشكو من طول الليل الذي يستغرق فيه الشاعر ويحس بطوله وبطئه عليه ولكن رغم ذلك فهو لا يرغب في مفارقته، لأنه يتلذذ بالليل في كتابته للنص الشعري، فهو يستوحي منه الأفكار ويرسم الصور في خيالٍ جميل يجذب القارئ. فالسماء والليل والنجوم والقمر كلها أدوات توحي له بالرومانسية، ولكن الفرق يكمن في كون الشاعر له مميزاته الخاصة التي بها يستطيع الوصول وبدقة إلى مبتغاه من خلال التصوير في النص الشعري تتجسد فيه معاني مختلفة ومشاعر متعددة وآهات وخيال يريد الوصول بها إلى روح القارئ .. نحن بلاشك نشارك الليل والنجوم والقمر والنسمات الرقيقة تلك التي تداعب أحاسيسنا لنذهب بعيداً بخيال واسع ، غير أن هناك من يستطيع أن يصل بهذا الخيال إلى أبعد وهو الشاعر عياد ألحيان يظل إذن الليل والقمر ملهمين أساسيين للشاعر، الليل بهدوئه وسكونه ورومانسيته، والقمر بجماله وشموخه، فالموعد مع الليل والقمر هو دائماً الأجمل للشاعر، فهو صديقه ومخلصه غير أن الليل لم يكن بوفي له. طيف المرأة كثير من الشعراء تغنوا بالمرأة و كتبوا عنها لما تحمله من مشاعر و هواجس جميلة، و الشاعر هنا في هذا الديوان أعطى للمرأة حقا وافرا في أشعاره، لقد تغنى بها واعتبارها أساس الحياة، بل إنه أعطى لها قيمة مضافة، لم يهمشها إنها تيمة أساسية، لها قوتها وصيتها في شعره، ولقد أنسن الشاعر الشيء المجرد وفي هذه الأنسنة خص المرأة أن تكون الصورة فتحضر كمشبه له أو مستعار منه وذلك في قوله في أحد القصائد و التي كانت تحت عنوان "تكوري" أو "الكلمة": vmiv I tfassin n tguri lpnna Alliv ar zuzzurnt s ufulki S tsguni Çulv asnt timiwa Alliv ar tsaddum s tiÇilt تحضر المرأة في هذه القصيدة الشعرية بحلة مجازية، إذ تفنن الشاعر في غرس وجود المرأة بطريقة غير مباشرة، فالمرأة تحتاج دائما لتزين من أجل إبراز جمالها، و الشاعر هنا زين الكلمة لتخرج للقارئ في أبهى صورها. و لقد أعطى الشاعر قيمة كبيرة للمرأة، فهو قادر ليفعل المستحيل من أجلها، بل ليعطي حياته لها بل أكثر من ذلك روحه، بل إنه يستطيع أن يسافر عبر الزمن ليسرق مال قارون و علي بابا فهي التي تدخل السرور و الابتسامة إلى محياه، وتبعد عنه الآلام، بل إنه متشبث بها كثيرا، إلا أنها دائما ما كانت تغدر به و تتركه مع الظلام و الصمت، وذلك في قوله في قصيدته "أور د تغليت" : tmäuËu tvufi kakln usuf maca lap km is akæ nvuf tnvubu didm yat tumrt ur nssn mani v nn zugnt v tillas, ur illi amr ifssi إن الشاعر في جل قصائده قد أعطى قيمة عليا للمرأة، بل إنه استوفى حقها كل الإستوفاء، شاعر وفي للمرأة بامتياز، فإن جل قصائده التي تتحدث عن الأنثى، محملة بأسرار كثيرة وتحضن في طياتها الكثير الذي لا يعد ولا يحصى من الحب و الحنين ومن الجميل جدا في القصيدة كيف أن الشاعر قد صاغ هذه الفكرة في قالب يلفه نوع من الإبهام أحيانا وفي أحيان أخرى تكون مباشرة، ولقد كانت عناية الشاعر بالمرأة وتصويرها تصويرا إحساسي واهتم بها اهتماما، إذ احتلت مساحة كبيرة في شعره، فالمرأة هناك موضوع قائم بنفسه، يسعى الشاعر إلى توضيحه من خلال التحليل أو التركيب والكشف عن الإحساسات الدفينة وبيان العلاقة القائمة بينهما، وهي هنا مستوى من مستويات القصائد، متداخلة في موضوعات عدة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وهي رمز أو معلم من معالم الحياة، يستخدمه الشاعر في مواجهة معالم أخرى في بناء قصيدته بناء عضويا دراميا متكاملا وهنا نقول أن موضوع المرأة عند الشاعر قد أخدت مكانة كبرى، إلا أن الملاحظ أن في بعض القصائد الأخرى اندمجت مع موضوعات أخرى أو عبر عنها من خلال الرمزية. هذا هو المضمون أما عن الأسلوب فالشاعر عبر عن جل الأفكار هذه بأسلوب غني و مركز بعبارات متناقضة تارة كقوله الشمس..الضباب.، .الأيام... السنين، الليل... النهار وتارة أخرى كلمات يجمعها معجم واحد منها نجد التعب..العناء. إنه معجم متنوع يمزج التفاؤل بالألم، ولقد تميزت كتابات الشاعر بأسلوب رائع ولغة متميزة قوية علي جميع مستوياتها وتزخر إبداعاته بأسلوب غني وفني جمالي قادر علي تصوير الواقع وإيصاله فكرته بشكل فريد ومميز تشد إليها عاطفة القارئ وحسه الذوقي فيتذوق تلك اللغة ليهيم بها وفيها في عالم من صنع الشاعر بقوة ورصانة لغته المسبوكة المتينة ولقد تميزت لغة الشاعر بالبساطة والسهولة لكنها أحيانا يكتنفها نوع من الغموض في المعني وتجنب المقترض اللغوي حيث اعتمد علي رصيده اللغوي دون تكلف أو شحن وقد توجت نصوصه بسمات إبداعية جمالية أهمها الاستعارة و تلك المرادفات التي تغني النص وطباقات تزيد من أسلوبه لقد حول الكلمات البسيطة إلي معاني كبيرة. لقد تبنت هده القصائد صوت المجتمع أحيانا وعبر عنها الشاعر بعاطفة صادقة قوية خرجت من ظلم إلي قلب القارئ لتستلهمه هده الأبيات إلي الشوق والبحث عن النفس و يتماشي ذلك مع موسيقي النص ليعطينا جوا مشحونا بالنضال أحيانا وأحيانا بالألم و الحزن والخوف جراء الواقع المعيشي للمجتمع، لكن الشاعر وبدون مبالغة وبكل موضوعية، أوصل صوته وإحساسه إلى القارئ بعيدا عن التكلف و التصنع للشعر، لقد أبدع وأحسن الإبداع ، أوصل صوته وهو في ظلمة الليل إلى القارئ بطريقة فريدة و متميزة، والدارس لديوانه الأول "واسا إكنوان" سيدرك من خلال مفرداته شفافية روحه ورقة مشاعره، و يمكن أن يصرح أن محور الحب، المرأة و الظلام هو المسيطر على إبداعاته.