عندما نكون عالقين في عنق الزجاجة، لا نحن داخلها ولا خارجها، حينها تكون الدقيقة قرنا من الزمن.. وعقرب الساعة عمود رخام ثقييييل عاجز عن الحركة، كلما هم بالحركة عادت به الخطى للوراء.. رمضان و العطلة.. حيث يتزامن الشهر الفضيل مع العطلة الصيفية التي يحن إليها الناس.. والشهر الفضيل الذي يحن إليه كل مسلم وينتظره بأحر من الجمر.. هاهو قد أتى مصاحبا العطلة الصيفية، هذه الأخيرة التي تكون عادة للسفر إلى الأهل و الأحباب. رمضان شهر الطاعات، والعبادات المكثفة، شهر التسابق إلى المساجد والصدقات وكل ما يقرب إلى الله ... والعطلة فترة الاستجمام، والاستمتاع، وتمضية الاوقات في السفر من منطقة لأخرى. قد يبدوان للكثير أمرين متناقضين فيحير بين المكوث في المنزل و السفر. أما إذا رجحت الكفة الأولى فخير كثير، بحيث يتفرغ الإنسان لتمضية الشهر الكريم بالكيفية التي يشاء وعلى الطريقة التي يختارها، فيمارس ما لذ له أو طاب من سنن دون تشويش من الغير، ويتصرف كما يشاء في ممارسة هواياته وما يحلو له من أعمال محببه يمارسها في أوقات فراغه، بعيدا عن النوم و الكسل وقاضيا على الملل الذي يخنق الكثيرين. اما إذا رجحت الكفة الثانية، فهنا يصبح المرء في عنق الزجاجة، يعد الثواني والدقائق كأنها حبات الحصى على شاطئ الملل المقيت ...هذا يحب أن يغرق في نومه طوال اليوم ...هذا كل همه هو الجوع .. والأخرى كل ما يملأ عينيها هو المطبخ و أعمال البيت .. وهذا إن تناديه ينهار صارخا على حافة الإنفجار .. وذاك لا شاغل له سوى التلفاز. هنا صدقا يكون الانسان العملي المعتاد على تنويع نشاطاته و ملء فراغاته في عنق الزجاجة، يعتصر الملل قلبه كل ثانية و يكبل الضيق كل عضو فيه كأن جبال الدنيا قد أقيمت فوقه، لا لإنه صائم ولا لأن الجوع قد غلبه ، لا ولا .. فكل ما في الأمر أنه يحسب كل خطواته وكل حرف يلفظه حتى لا يثير قنبلة قد تنفجر في أي حين. والموضوع كله يصب في حالة التقاء الموجب بالسالب ، أما إذا التقى الخمول بعمه الكسل فالموضوع متجاوز إذ لا يقع أدنى مشكل .. وما أكثر هذه الحالة.. وكذلك إذا التقى العمل والنشاط بتوأمه الحركية والتنويع فأمر آخر.. لكن نادرا ما يحصل ذلك.. فكثير من القوم في هذا الشهر الكريم لا يفكر إلا في فراغ بطنه و الاستغراق في النوم حتى العصر إن لم يكن أكثر.