شهدت البيضاء، أخيرا، حدثا آخر بطلته قاضية بمحكمة ابتدائية، وضحيته شرطي مرور، بعد أن انهالت عليه بالسب والشتم وضربته بحقيبة يدوية في وجهه، ما خلف استياء العديد من المواطنين. وعلمت «الصباح»، من مصادر عاينت واقعة الاعتداء على شرطي المرور، أن الحادث بدأ حينما توقفت القاضية فجأة بشارع أولاد زيان، ما دفع سائق حافلة للنقل الحضري إلى الضغط بقوة على الفرامل لتفادي الاصطدام بسيارتها، فسقط العديد من ركاب الحافلة أو اصطدموا مع زجاجها الأمامي، قبل أن ينزلوا من الحافلة ويلوموا سائقة السيارة على تصرفها، فيما انهال عليها البعض بالسب والشتم. وقال شهود عيان إن شرطي المرور كان غير بعيد عن المكان ينظم حركة السير، قبل أن ينتبه إلى الحادث ليتوجه إلى مكان وقوعه ويطلب من سائقة السيارة – القاضية التي كانت رفقة ابنتها، ركنها بجوار الطوار، فكان رد فعلها قويا بعد أن صاحت في وجهه معاتبة إياه على عدم التدخل لحمايتها، ما أثار حفيظة شرطي المرور والمواطنين الذين نزلوا من الحافلة وبعض المارة الذين دفعهم فضولهم إلى استطلاع على ما يجري. وطلب شرطي المرور من السائقة، التي لم تطلعه على هويتها، تسليمه وثائق السيارة فرفضت قبل أن تخبره أنها قاضية، لتنطلق عبارات الاستهجان من المواطنين الذين وجهوا إليها اللوم، خاصة أن من المفروض أنها أول من يسهر على احترام القانون ويحرس على احترام رجل أمن بزي رسمي. وتحول الحادث إلى وقفة ردد خلالها المواطنون شعارات مطالبة بتطبيق القانون، إذ هتف الجميع مرات عديدة «الشعب يريد تطبيق القانون» في إشارة إلى عدم التسامح مع القاضية التي أهانت رجل الأمن. وعبر العديد من المواطنين عن استعدادهم للإدلاء بشهادتهم في الموضوع إذا ما طلب منهم ذلك، كما سلم بعضهم بطاقة تعريفه الوطنية إلى الشرطي في خطوة معبرة عن تضامنهم معه، ما أربك القاضية التي استنجدت بهاتفها المحمول لربط الاتصال ببعض المقربين وإخبارهم بما جرى. وقالت المصادر ذاتها إن شرطي المرور تشبث بتطبيق القانون وأصر على تحرير محضر، لتتدخل بعض عناصر الأمن ويتم نقل الجميع إلى مركز الأمن بالفداء، ليلحق بهم بعض المواطنين الذين أصروا على مساندة رجل الأمن. وأصيبت القاضية وابنتها بحالة اندهاش وخوف كبيرين، وتحدثت المصادر ذاتها عن أن ابنة القاضية لم تتحمل الموقف فشرعت في البكاء، قبل أن تتدخل العديد من الجهات، مطالبة شرطي المرور بالتنازل عن متابعة القاضية التي انتابتها حالة ندم على رد فعلها المتسرع. ووجد الشرطي، تضيف المصادر ذاتها، نفسه مجبرا، بحكم كثرة الاتصالات الهاتفية التي استعطفته ليتنازل عن حقه في متابعتها أمام القضاء، على السماح للقاضية التي اعتذرت بدورها وأكدت أنها لم تكن تعتزم إصابته بحقيبتها، وأن ذلك كان عن طريق الخطأ.