أمرت النيابة العامة بالدار البيضاء، مساء أمس الخميس، بوضع رشيد نيني، مدير نشر جريدة «المساء» رهن الحراسة النظرية في حالة اعتقال على خلفية مقالات تضمنت أخبارا معظمها. استندت فيه الجريدة إما إلى تقارير رسمية أو إلى مصادر خاصة . وجاء هذا القرار بعد بلاغ شديد اللهجة كال فيه الوكيل العام للملك عبد الله البلغيثي تهما ثقيلة إلى رشيد نيني، ضمنها تهمة «المساس بأمن وسلامة الوطن والمواطنين»، وهي التهمة التي اعتبرها المحامي خالد السفياني في اتصال مع «المساء» قرارا سياسيا يرمي أصحابه التضييق على الجريدة. واستغرب السفياني كيف أن بلاغ وكيل الملك استكثر على مدير الجريدة أن ينتقد أداء مؤسسات عمومية أو أن يدعو إلى إسقاط قانون الإرهاب. وقال السفياني إنه ليس رشيد نيني وحده من يدعو إلى إسقاط قانون الإرهاب، وإنما هناك العديد من الأصوات التي تطالب بإسقاطه وأنا واحد منهم». وجاء أيضا في بلاغ الوكيل العام أن النيابة العامة قررت إغلاق الحدود في وجه رشيد نيني، فيما اعتبر أكثر من مصدر أن هذا القرار لم يكن ضروريا باعتبار أن رشيد نيني تتوفر فيه كل الضمانات المطلوبة، خاصة أنه يدير مؤسسة إعلامية تصدر العديد من المطبوعات وتشغل المئات من اليد العاملة. يذكر أن اعتقال رشيد نيني جاء بعد أن استدعته الفرقة الوطنية في حدود الساعة الثالثة أمس الخميس، وظل هاتفه مشغلا وعلى تواصل بالجريدة قبل أن يتم إطفاء أرقام هواتفه لتخبر «الجريدة» رسميا من طرف عنصر من الفرقة الوطنية أن «رشيد نيني في حالة اعتقال». وفي سياق متصل قضى رشيد نيني، مدير نشر جريدة «المساء»، أول أمس الثلاثاء، أكثر من 6 ساعات في «ضيافة» الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء على خلفية مقالات وأعمدة نشرتها الجريدة في أعدادها الأخيرة، استنادا، إما إلى تقارير رسمية كتقارير المجلس الأعلى للحسابات أو استنادا إلى مصادر خاصة. واستمع عنصران من المكتب الوطني لمكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية، التابع للفرقة المذكورة بحضور رئيسها عبد الحق الخيام إلى رشيد نيني في جلسة صباحية بدأت من الساعة ال11 لتنتهي في حدود الثانية بعد الزوال، فيما بدأت الجلسة المسائية في حدود الساعة الثالثة لتنتهي في حدود الساعة السادسة مساء. وجاء الاستماع إلى رشيد نيني بعد أمر من الوكيل العام للملك عبد الله البلغيتي، فيما تركزت أسئلة عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في جلسة الاستماع إلى مدير «المساء» حول ملفات وأخبار نشرت بالجريدة وقضايا أخرى أثيرت في عمود «شوف تشوف». وتوقفت أسئلة عناصر الفرقة الوطنية، على الخصوص عند قضية العميد محمد جلماد، الرئيس السابق للمنطقة الأمنية بالناظور، المعتقل حاليا بدون محاكمة في ملف بارون المخدرات نجيب ازعيمي بتهمة محاولة الإرشاء، كما توقفت الأسئلة عند مضامين الملف السياسي، التي نشرتها الجريدة في عدد الاثنين المنصرم حول معتقل تمارة «السري». وحاولت العناصر الأمنية التي استمعت إلى رشيد نيني معرفة المصادر التي يستند إليها هذا الأخير في تحرير أعمدته وأخباره، وكان الرد بهذه الصيغة «أنا صحافي ولا يمكن لي أن أكشف عن مصادري انسجاما مع أخلاقيات وتقاليد مهنة الصحافة». واعتبر أكثر من مصدر أن الاستماع إلى مدير «المساء» في قضايا تحدثت عنها تقارير رسمية يعد تضييقا على حرية الصحافة المستقلة الحقيقية، وأشارت مصادرنا في هذا السياق إلى التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، الذي تضمن ملفات فساد في منتهى الخطورة كان على النيابة العامة أن تستدعي المتهمين فيها بدل استدعاء «المساء»، فيما قالت مصادر أخرى إن استدعاء مدير «المساء» في مثل هذه الملفات التي تحدثت عنها تقارير رسمية، الغرض منه هو إسكات صوت هذه الجريدة التي وضعها القراء المغاربة لمدة أربع سنوات على التوالي في المرتبة الأولى. ولمحت مصادرنا في هذا السياق إلى وجود حملة إعلامية وقضائية وأمنية مسعورة تقودها جهات ولوبيات أصبحت متضايقة من «المساء» وخطها التحريري المزعج وتريد الانتقام منها بأي طريقة.