جمال البوقعة فنان موسيقي هاوي، إطار بوزارة الثقافة وباحث بسلك الدكتوراه تخصص النقوش الصخرية بجامعة ابن زهر بأكادير، عشق المجال الموسيقى منذ صغره، بفضل حنكته واحترافيته وإتقانه لمجموعة من روائع الروايس، استطاع أن ينال رضى جمهور ولجنة تحكيم المهرجان الوطني لفن الروايس بمدينة الدشيرة الجهادية في دورته الثامنة، حيث تم تتويجه بالجائزة الأولى في المسابقة الخاصة بفن الروايس. رغبته الكبيرة بولوج عالم الموسيقى جعلته ينخرط كعضو فاعل في فرقة “مجموعة أدرار أمارك”. في هذا الحوار سنقربكم من هذه الفرقة الموسيقية، بداياتها ومشروعها الفني. – السيد البوقعة عرفنا بمجموعتكم “أدرار أمارك”، وكيف جاءتكم فكرة ولوج المجال الموسيقي؟ في البداية، أصالة عن نفسي ونيابة عن زملائي أعضاء مجموعة أدرار أمارك، أرحب بكم وأحييكم على هذه المبادرة الطيبة التي تروم التعريف بمجموعتنا. جوابا على سؤالكم، أود أن أشير إلى أن مجموعة أدرار أمارك هي فرقة فنية، تمارس الفن الموسيقي المتعدد الأنماط، تنشط كثيرا بإقليم تيزنيت، وتحديدا بدائرة تافراوت. يعود تأسيس أولى لبناتها إلى سنة 2012، وكانت مكونة من ثلاثة أعضاء رئيسيين.اهتمام المجموعة في بداياتها كان في الحقيقة منصبا على الاشتغال في المناسبات والمحافل، خصوصا تلك المرتبطة بالأعراس وحفلات أعياد الميلاد، وأيضا تنشيط بعض الجلسات الفنية التي تكتسي طابعا خصوصيا (أٌقصد: حفلات العشاء التي تقام عادة لرفع ستار مؤتمر أو لقاء وغير ذلك من المناسبات والأنشطة). علاقة بالاسم، فقد اتخذت المجموعة اسم (أدرار أمارك) كناية عن فنون الجبل، خصوصا العناصر الفنية التي تزخر بها المناطق الجبلية بسوس وتنبعث منها، والأنماط الفرجوية التي تمارس فيها أيضا، قس على ذلك فن الروايس وأحواش وغيرها من المكونات الفرجوية. والغاية من اتخاذ هذا الاسم تكمن في التعريف بالقيم الفنية التي تكسيها جبال سوس، والثروة والطراوة الفنيتين بهذه الربوع من بلدنا العزيز، وكمثال على ذلك مدينة تافراوت جوهرة سوس والجنوب. واختيار هذا الاسم أيضا نابع من تأثرنا بالجبل على وجه التحديد، فكلنا ننتمي لمناطق جبلية وتجمعنا نفس الثقافة، وتشبّعنا خلال مساراتنا تقريبا بنفس القيم، والقاسم المشترك الرئيسي بيننا هو تعلقنا بالفن الأمازيغي.وبخصوص ولوج الميدان الفني، لم يكن وليد اللحظة، فأعضاء المجموعة كلهم مارسوا الموسيقى والفن عزفا وغناء منذ سن مبكرة، كما استطاعوا مداعبة الآلات الموسيقية بمختلف أنواعها لأزيد من عقد ونصف من الزمن. فكلنا ترعرعنا في بيوت تعشق الفن الأمازيغي، وتبتهل بأغاني ومعزوفات الرواد على وجه التحديد. – حدثنا عن جديدكم الفني؟ صراحة، الجديد الفني الذي نحن بصدد إخراجه للوجود، هو جزء من مشروع فني كبير نسعى لإنجازه وتحقيقه الوقع المتوخى منه على المدى المتوسط، ويتمثل في إعادة أداء معزوفات موسيقية عريقة لفنانين (الروايس) قدامى (منهم من قضى نحبه، رحمة الله عليهم، ومنهم من ينتظر، أطال الله في عمرهم ومتعهم بالصحة والعافية) بأساليب جديدة، عبارة عن إعادة توزيع باعتماد آليات ووسائل وآلات عصرية كالبيانو، مع الاحتفاظ بطبيعة الحال على الطابع التقليدي من خلال توظيف آلالات الموسيقية كالرباب ولوتار. وفي هذا الجانب، اسمحوا لي أن أعرف بزملائي، كل فرد حسب وظيفته داخل المجموعة، فبالإضافة إلى عبد ربه (عازف على آلة لوتار)، يتواجد الشاب خالد أيت الحسان (عازف على آلة الرباب) والشاب محمد أمين (عازف على آلة البيانو) وتناط بهما أيضا مهمة التوضيب والتركيب الفني عبر صنع إيقاعات وتهيئة مؤثرات ملائمة ذات جودة عالية، وكذلك توضيب المعزوفات التي نؤديها، ويمتاز أيضا أعضاء هذه المجموعة الفتية بخاصية العزف على آلات وترية أخرى نوظفها من حين لآخر (بانجو، كمان، عود…إلخ). – هل تفكرون في الاحتراف وولوج عالم الموسيقى من أبوابه الواسعة؟ أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال يجب أن تنطلق أولا من القناعة الجيدة بما نقوم به، وهل فعلا نحن مقتنعون مما ننجزه من أعمال فنية؟ ولهذا، سأقول بأن التفكير في تطوير المستوى هو أمر من الضروري أن يتسلح به كل فنان كيفما كان نوع الفن الذي يزاوله، فالتطور هو أساس الاستمرار، ولا يمكن أن نحقق صيرورة لفننا من دون التفكير في التطور والاستفادة من الأعمال التي قمنا بها سابقا (مثلا) لكي نقف عند ما يجب أن نستدركه بغية التألق والإبداع أكثر. وحجز مكانة (لم لا) في الساحة الفنية الراهنة.نعم، وبكل تأكيد، فنحن نرغب بشدة في تطوير مستوياتنا في الميدان الفني، ولا ننكر رغبتنا في ولوج عالم الموسيقى، رغم ما يتطلبه بلوغ هذا المستوى من تكثيف للجهود وما يقتضيه أيضا من صبر وتحمل. وفي هذا السياق لا نخفيكم أيضا مدى حاجتنا الماسة للأخذ بأيدينا من أجل تحقيق المراد، وهنا أقصد ضرورة مجاورة الفنانين الكبار والمحترفين والمبدعين والنهل من مناهلهم، لأن الميدان الفني (خصوصا موسيقى الروايس) في الأصل منبع لا ينضب، وله أودية وتيارات عديدة (مدارس بالتعبير الفني) والنهل منه واجب على كل فنان مبتدئ يراوده حلم الاحتراف. – ماهي الرسالة التي ترغبون في إيصالها لجمهوركم عبر أعمالكم الموسيقية؟ سؤال وجيه، طبعا لكل فنان رسالة معينة يرغب في تمريرها عن طريق فنه وبأسلوبه الخاص، وباعتبارنا شباب مولوعين بالفن والموسيقى الأمازيغيين، فنحن نتطلع إلى كسب قلوب الجمهور كأول قصد، ونيل استحسانه من خلال أعمالنا، خصوصا فيما يتعلق بإعادة توزيع الأغاني القديمة وترك بصمات حديثة في طرق وأساليب طرحها وإيصالها لعامة الناس. ثانيا، نريد أن نوصل إلى الجمهور والرأي العام بأن الفن الأمازيغي هو ديوان خاص يجمعنا، ودليل (يدلّنا) للهوية والثقافة الأمازيغتين، لهذا، فرسالتنا تكمن في الحث على العودة إلى أنماطنا الفرجوية القديمة (خصوصا الموسيقى) وإحياء المعزوفات القديمة التي خلفها لنا الرواد، والعمل أيضا لضمان انبعاث جديد للموسيقى عبر إضفاء تحسينات (نسبية) تضمن لنا المحافظة على الفن العريق، ونساهم بالتالي في إعادة الاعتبار إليه، فكيفما كان الحال، فقبل أن يكون فنا، فهو أيضا موروث لامادي ينم عن ثقافة محلية قائمة بذاتها يجب علينا احترمها ورد الاعتبار إليه. https://www.youtube.com/channel/UCr_ksABVJ4aN4rj6GTRMd1Q