كم كنتِ شامخة يا بيروت ! كم حاربت الجهل بمطابعك في قوم يكادون ينسون جميلك ! وكم أحببتُ أن أقرأ عبارة إصداراتك المعهودة " طبع في بيروت " عبر الزمن ! ! كم قاومتِ الأعداء من كل صوب ! ، ويا أسفاه على زمان جفت فيه دماء الشهامة في الجيران !! ، وعزاؤنا أن التاريخ لا يرحم ، لكن صمودك يا عروسة الشام حتما سيلد من سيرحمكِ ويدافع عن كرامتِك ، ويلفظ حتما من لا غيرة عن عرضه يا ابنة العرب !! ويحق لكل غيور أن يتساءل جهرا ، هل بعث الأمس الدموي ليكرر نفسه في فاجعتك اليوم ؟ أم هبت رياح المَغْولة من جديد ؟ أم هو نسخة من " الهَوْلكة " التي اقتحمت بغداد وحاصرتها مدة 12 يوما ؟ أم هي نسخة من الجرائم الانسانية كما في مكتبة قرطبة وغرناطة وطليطلة وإشبيلية وبلنسية وسرقسطة ، وفي مكتبة طرابلساللبنانية ؟؟؟ أسئلة كلها أججت قريحة شعراء من سوس بعد الانفجار ا لكبير والخطير الذي شهده ميناء بيروت عاصمة لبنان وعروس الشام يوم 4 غشت 2020 ، دمر خلاله الميناء بكامله ، كما امتد الدمار إلى عدد من شوارع المدينة التي تحولت عماراتها الشاهقة ومبانيها الأنيقة ومؤسساتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى ركام وحطام في مشهد مؤثر يبعث الأسى في النفوس ويملأ القلوب كمدا … سوس العالمة تتألم لحال بيروت … وبقافية موحدة وفي قصيدة مشتركة عبرت ثلة من الشعراء السوسيين المغاربة عن أسفهم لهذه الفاجعة الموجعة التي حلت بهذا البلد العربي الشقيق فعمقت جراحه وزادت آلامه . بحرقة بالغة يصف الفقيه والشاعر محمد مستقيم شوارع بيروت الخالية من كل شيء بعد ما حلت بها فاجعة الدمار ، وتساءل شاعرنا عن مصير المطابع التي اشتهرت بها بيروت منذ زمان وأضحت ترابا ، وحدائقها التي أثثت المدينة بالاخضرار بل أضحى هزارها بومة لا تصدر منه الأصوات الجميلة المعهودة منه من ذي قبل ..وهو يقول : أضحت شوارعك الجميلة بلقعاً وتحولت تلك القصور يبابا أين المطابع والمكاتب دمرت فبدت لنا بعد الدمار ترابا ؟ وجنانك الغناء عاد هزارها بعد الفجيعة بومة وغرابا دول العروبة والشآم تجرعتْ فيما دهاكِ من الأسى أكوابا أسفي على لبنان طال عناؤه وتسلسلت آلامه أحقابا مزقته أيدي الطامعين وشتَّتتْ أبناءه وبناتِه أحزابا ويعلو صوت الشاعر التغماوي محمد بن عمر الخطاب واصفا بيروت بفحمة زال جمالها وذاب بعد أن شواها اللهيب ، داعيا أمة الاسلام إلى العودة للهدى ونبذ الخلاف ليعود مجد المسلمين كما كان …حيث قال : من أرض بيروت سمعت غرابا يبكي الخراب يردد التنعابا ماذا دهى بيروت صارت فحمة أدنت قيامتها ؟ تجوز حسابا دثرت منازلها وذاب بهاؤها وشوى اللهيب جمالها الخلابا بيروت وجهك بالفجيعة أسودٌ وسناءُ بدركِ بعد رزئك غابا ندب الصحاب بشعرهم أطلالها وبكوا رزيتها بدمع سابا فنهدت ُ أقفوهم أصوغ مراثيا أبكي ديارا دمرت وشبابا ياسائسي بيروت كنتم نقمة وكسيتم خزيا وجئتم عابا لم تحرسوا لبنان من أعدائه بل عثتم وسْط الذئاب ذئابا بيروت كانت جنة ومثابة فأحلتموها بالخلاف عذابا يا أمة الإسلام عودوا للهدى وتوحدوا وتعانقوا أحبابا بدأت أفاعي الشر تُخرج رأسها فتح الخراب لسمها أبوابا حدنا عن الدين الحنيف فنابنا غِيَرُ الزمان وفتَّنا أحزابا كنا رؤوسا في السياسة والعلى فأصارنا خذلاننا أذنابا لكن أرى فجر الخلاص مُبشراً وأرى رجالا حازمين صلابا سيعود مجد المسلمين بعزمهم وسيكسرون لمن طغى الأنيابا الله ناصر دينه ومعزه وهوى شعار الخائنين وخابا كل الشعارات التي يعلونها ظهرت لمن خدعَ السراب سرابا عروس الشام أضحت خرابا … ويعرج الشاعر محند إيهوم على الجانب الأمني المتردي ببيروت مما سهل تدميرها وخرابها ، كما استبيحت حقوق العرب وسكن الخراب ديارهم وأضحى كلامهم الكثير ضبابا وبذاك غاب السلام بأرض بيروت ..قائلا : بيروت أمنك هجروه فغابا وجمالك الفتان صار خرابا قد فجروك بكيدهم فلبست من ثوب الحرائق والأذى جلبابا أبناء يعرب لا يُبَشرُ حالهم ونصيبهم في الأمن صار سرابا سكن الخراب ديارهم فتشتتوا وغدا كلامهم الكثير ضبابا في كل وقت تستباح حقوقهم وبأرضهم غاب السلام وخابا بيروت ربكِ ليس يغفل فاطلبي نصرا مبينا يفضح الأذنابا أبقاك ربي يا جريحة حية وأعاد أمنا ينعش الألبابا وتساءل الشاعر محمد زنداك مشدوها عما أصاب بيروت بعد أن بدت له مشوهة لبشاعة ما أصابها من تدمير لم يشهد لبنان مثله عبر التاريخ ، وعزاؤه أن هذه المدينة الجميلة أضحت اليوم مقبرة ولبست ثياب الحداد ، أما الأعداء فيرى الشاعر أنهم سرهم ما حل ببيروت ..قائلا : ماذا دهاك فإن وجهك لم يعد كالأمس ينضح رقةً وشبابا ؟ زارتك أطياف المساءة بغتة فغدت محاسنك العظام ترابا أنَّتْ قلوب العاشقين إذ اكتوت بسعير جرحك حين سال شِعابا أما العداة الشامتون فقد رأوا في ما دهاكِ المنظر الجذَّابا قد كنت تستلقين في شطِّ الهوى وتداعبين الأهل والأصحابا تهدين للدنيا أكاليل السنا وتمهدين لأنْسها الأسبابا فاليوم قد أضحيت مقبرة المنى ولبستِ من نسج الحداد ثيابا وشبه الشاعر جامع بوعدي المصيبة التي حلت ببيروت بحقول بركان التي لا تترك خلفها إلا الرماد والخراب ، مذكرا أن لبنان بهذا الدمار أضحى محاصرا من كل الجهات مما حدا بالأعداء أن يظهروا أنيابهم بشراسة لتشتيتها ، وهو ما يلمسه المتلقي من قول الشاعر بوعدي : آهات هذا القطر يتلو بعضها بعضا ويفزع هولها الألبابا كحقول بركان وهل تلقى بها إلا رمادا حالكا وخرابا ؟ لبنان من كل الجهات محاصر وعداته قد أبرزوا الأنيابا من حامت الأخطار حول حصونه فليحترسْ وليغلق الأبوابا واستهجن الشاعر السوسي أحمد يحيى ما تعرضت له عروس الشام ، مشيدا بصمود هذه المدينة الجميلة ، وستستعيد جمالها ولا مجال لليأس والحزن ..قائلا : قد كنت بالأمس القريب مرابعا تسبي بلطف هوائها الأصحابا ما شئتَ من علم يضوع كأنه وشي المطارف حلية وسخابا عجب لبهجتك الجميلة إنها ذبلت وكان شبابها قد شابا لا تقنطي إن القنوط وسيلة تدني إليك متاعبا .. وصعابا وكأن ساحتك الجميلة قد غدت بالأمن سادت جيئة وذهابا بيروت مدينة الابتلاءات … وأشاد الشاعرالحسن إداكتيك ببيروت التي ما زالت منارة العلم يُستضاء بها وأن هذا السلوك الجبان لن ينال من مجدها وشموخها عبر التاريخ ، حيث يقول : غابت ملامحك التي تهدينها خمرا تلذ وتستساغ شرابا بيروت هذا الشعر يبدي حزنه إذ ما عراك اليوم جل مصابا فلئن رزئت فبدر مجدك لم يزل يرقى يعانق في السماء سحابا كنت المنارة تستضيئ بهامها شم الأنوف مكاتبا وكتابا فاربأ بهمتك التي أوليتها أوتيتها شررا تدك صعابا وتذيب صم الشامخات إلى العلا عليا تنازل في السباق عرابا واستغرب الشاعر محمد لاماني متسائلا عما دهى بيروت أكان عملا مدبرا أم عقابا ؟ ومع ذلك يقول لاماني فالجفون أذرفت دموعا وتألمت القلوب لهذا المصاب الجلل ..قائلا : هل ما أصابكِ يا جميلةُ قسمةٌ أم كان أمراً مبرما وعقابا ؟ بكتْ الجفون لما دهاك تأسفاً وتذوق القلبُ الجريح عذابا وفوض الشاعر أحمد بوسالم أمره لله جراء ما حل ببيروت التي وصف أرضها بالجنان وأضحت اليوم خرابا ، وعزا ذلك إلى عمل أهل الغواية الذين يتلذذون بالخراب ..حيث يقول : فابعث إله العالمين لعصرنا من يبتغي رد الجواب صوابا يا رب هذا الدهر جُل رؤوسه أهل الغواية ينشرون خرابا دكوا بلادا كالجنان وخربوا مدنا فصارت بلقعا ويبابا بعد العراق وبعد جِلِّقَ هذه بيروتُ عادت جمرة ولهابا وعزا الشاعر أحمد الراجي ما أصاب عاصمة لبنان إلى نيران التعصب ودمر الإرث الخلاب الذي يعد مفخرة لأرض لبنان ، وتساءل الراجي بدوره عن ذنب بحر أحاط بجماله المدينة حتى ينعت بالارهاب ؟ ، وقد أدى ذلك إلى القضاء على التعايش بين أبناء هذا البلد الجميل …قائلا : بيروت داهمك الذئاب وأحرقتْ نار التعصب إرثكِ الخلابا إن المُساوم إذْ رماكِ بسهمه خسر التجارة ..والبيوع…وخابا ماذا جنى بحرٌ أحاطك حُسنُهُ حتى يعانقَ موجه الإرهابا ؟! قُتل التعايشُ فيكِ بين طوائِفٍ يُبكي تصدُّعُ شملِها الأصحابا وتعجب الشاعر إبراهيم بولكسوت متسائلا عن استئناف إراقة الدماء ببيروت بعد أن عاشت ويلات الحروب التي أودت بأرواح بريئة ؟ ، وكيف يتحول حزنك يا بيروت لدى البعض إلى سرور ؟ ثم ينشر في جوانبك الإرهاب …قائلا : رقأتْ دماؤك بعد نزفك حقبة ما بالها تستأنفُ التِّسكابا ؟ منْ ذا يسر إذا رآك حزينة ؟ ويبث في أنحائك الإرهابا ؟ وختم الشاعر عبدالله خطاب هذه القصيدة المشتركة بأسف عميق مفاده أن بحر بيروت تحول إلى شهب نارية أتت على حصون متينة وقباب ، كما تأسف على ساسة هذا الزمان تلقي السؤال ولا تجيد جوابا مقنعا ..حيث يقول : أنَّى تحوّل ماء بحرك فجأةً شهبا تدُك"ُ من الحصون قبابا إنا لفي زمن سياسة أهله تُلقِي السؤالَ ولا تُجيد جوابا من شدة البلوى دعا سفهاؤه " مستعمراً " أن يضرب الأطنابا