أمام المحن المتراكمة التي لحقت وتلحق ببلد لبنان الحضارة، والتاريخ، وبياض الثلج، ونسيم البحر، وطيبة التربة، وعراقة الجدور، واستراتيجية الجغرافيا. يقف العالم مذهولا لحجم الدمار، الذي تعرضت له العاصمة الهادئة، الصاخبة بيروت، دمار خلف عشرات الشهداء والضحايا، ودمر مأوى الآلاف الأسر من أهل العاصمة، فشرد الكثير. إذ تحول الجمال العمراني إلى أطلال مأساوية بكل المقاييس، مما جعل العالم بأسره خصوصا من يقدر ويعي قيمة السلام والحب الذي يترعرع في قلوب أهل بيروت المسالمة، هذا العالم اندهش مما حدث في هذا البلد المتوسطي، الذي يحظى بمكانة خاصة عند الشعوب التواقة للتعايش، والخير والحب المتبادل، بين جميع الطوائف والأديان، على أساس إسمه الاحترام المتبادل ،والتقدير وخدمة المصالح العليا للبنانيين على حد سواء، بيد أن أعداء التعايش وحساد الديمقراطية، أصبح همهم الوحيد هو جعل اللبنانيين يعيشون في خوف دائم، وحالة اللائطمئنان المسترسلة، في محيط تتقاذفه الاديولوجيات والمصالح المتضاربة غربا وشرقا ، شمالا وجنوبا، فأصبح اللبنانيون المقيمون والمغتربون في حيرة من أمر بلادهم، هذه البلاد التي تعد كنزا طبيعيا خلابا، بيد أن هذا الكنز، يتعرض باستمرار لأطماع من قوى إقليمية ودولية تحاول اخضاع هذا البلد بأية وسيلة، أو الدفع به نحو هاوية التموقعات المفضية لتصفية الحسابات، أو الانجرار إلى صراعات هو في غنى عنها، فدخل البلد في متاهة الاصطفافات بين دول تبحث عن مصالحها الخاصة قبل مصلحة أهل بلد بياض الثلج الجميل. فهذا البلد(لبنان)، نكن له في بلاد المغرب محبة خاصة، وتقديرا ومحبة دائمة وثابتة، والدليل على ذلك ما قام به جلالة الملك ملك المغرب محمد السادس، بإعطائه أمرا مستعجلا لإرسال مساعدات عاجلة لهذا البلد، الذي خربته الحروب الطائفية المقيتة، والكل يتذكر دور المملكة المغربية في هندسة المصالحة اللبنانية، ووضع حد للحرب الأهلية العبثية التى أنهكت شعب لبنان المثقف، الكبير، في قلوب وعقول من يقدر الفسيفساء الجميلة لتنوع الشعب اللبناني. فما تعرضت له العاصمة بيروت، من خراب مقيت، وما يتعرض له الشعب اللبناني، من تدخلات سافرة، على كل الأصعدة، ناهيك عن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية التي لازال يتخبط فيها هذا البلد العريق، يعد جريمة في حق هذا البلد الجميل، الذي يعد رمزا للتعايش بين الأديان، والطوائف المختلفة، فحبذا لو سارعت الدول العربية والاسلامية إلى الوقوف مع أهل بيروت بصفة خاصة، وأهل لبنان لصفة عامة، بغية تقديم دعم مباشر للبنانيين، الذين فقدوا مأواهم ووظائفهم بهدف القيام من جديد، فلبنان والشعب اللبناني يحتاج لمن يسعفة ويحميه من شر التدخلات التي لا تكاد تنتهي! والتي تعرقل مسار تنمية بلاده، كما يحتاج لدعم من كل من ينادي بالأخوة الإنسانية وحقوق الإنسان والسلم العالمي. كان الله في عون اللبنانيين، فصبر جميل، فلبنان سوف تنهض بشموخ تاريخها، ومحبة القلب الجميل من أهلها.