خطورة خلية حد السوالم تكمن في تنامي "الاستقطاب الأسري" كرافد جارف للتطرف والتجنيد (الشرقاوي حبوب)    42 ألف شكاية وضعت على طاولة النيابة العامة بطنجة خلال سنة 2024    خروج 66 فلسطينيا حالة صحية متردية من سجون الإحتلال    اغلاق المجال الجوي البلجيكي بسبب عطل تقني    البطولة: الرجاء البيضاوي يواصل إهدار النقاط بتعادل مخيب للآمال أمام أولمبيك آسفي    رحيمي ينقذ نادي العين من الخسارة    توقعات احول الطقس ليوم غد الجمعة.. امطار وثلوج بعدد من المناطق    فاتح شعبان يوم غد الجمعة بالمغرب    مشروع الربط المائي بين وادي المخازن ودار خروفة يقترب من الإنجاز لتزويد طنجة ب100 مليون متر مكعب سنويًا    سبيك: "بروباغندا مغرضة" تسعى للتشكيك في تفكيك الخلايا الإرهابية    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    زياش إلى الدحيل القطري    رئاسة الأغلبية تؤكد التزامها بتنفيذ الإصلاحات وتعزيز التعاون الحكومي    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات تواصل تنفيذ برنامجها السنوي لتنقية شبكة التطهير السائل    الوداد يضم لاعبا فرنسيا ويستعير آخر من جنوب إفريقيا    الوداد يعزز صفوفه بالحارس مهدي بنعبيد    ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: المغرب يعتمد خيارا واضحا لتدبير إنساني للحدود    أمر تنفيذي من "ترامب" ضد الطلاب الأجانب الذين احتجوا مناصرة لفلسطين    بايتاس: "التراشق والشيطنة" لا يخدم مكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية حققت 80% من أهدافها    أخنوش يتباحث مع وزير الخارجية اليمني و الأخير يجدد دعم بلاده لمغربية الصحراء    أداء إيجابي ببورصة الدار البيضاء    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قرب واشنطن    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    قرعة دوري أبطال أوروبا غدا الجمعة.. وصراع ناري محتمل بين الريال والسيتي    الشرطة المواطنة في خدمة الطفولة: ولاية أمن الدار البيضاء تحقق حلم الطفل ريان    ارتفاع مفاجئ وتسجل مستويات قياسية في أسعار البيض    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    استقرار أسعار الذهب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يحقّق أرقامًا قياسية في صادرات عصير البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي    الشرع يستقبل أمير قطر في دمشق    ""تويوتا" تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية للعام الخامس على التوالي    الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يبقي سعر الفائدة دون تغيير    حاجيات الأبناك من السيولة تبلغ 123,9 مليار درهم في 2024    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    الجيش الإسرائيلي يعلن تسلّم الرهينة الإسرائيلية في قطاع غزة آغام بيرغر    أمطار رعدية غزيرة تجتاح مدينة طنجة وتغرق شوارعها    أمير قطر يصل لدمشق في أول زيارة لزعيم دولة منذ سقوط بشار الأسد    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل : لماذا رشح حزب العدالة و التنمية القباج و الوزاني ؟
نشر في شورى بريس يوم 06 - 09 - 2016

مع نهاية العطلة الصيفية وبداية انخفاض درجة الحرارة، ارتفعت حرارة الانتخابات، واشتعلت “سوق الاستقطاب والتزكيات” من أجل كسب أم المعارك؛ الانتخابات التشريعية ليوم السابع من أكتوبر. هذه الانتخابات التي تُجرى لثاني مرة في ظل دستور 2011 الذي قيل أنه دستور جاء لتلبية مطالب الشارع المغربي، وتُجرى أيضا في ظل أجواء انتخابوية تحتوي على كل بهارات التشويق والانتظار، خاصة بعد التقريع المباشر الذي وجهه الملك لرئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية عبد الاله بنكيران في خطاب عيد العرش الاخير.
قبل خطاب عيد العرش وبعده تبين بشكل ملموس أن القصر الملكي لم يعد في حاجة الى بنكيران ولا الى حزبه، بالنسبة اليه البيجيدي استنفذ دوره وعليه أن يتنحى جانبا ليعود اصدقاء الملك ليتحكموا في كل شيء. ورغم كل الود والحب الذي يعبر عنه بنكيران وحزبه بمناسبة أو بدون مناسبة للملك، إلا أن هذا الأخير لم يعد في حاجة إليهم، بالنسبة إليه مرحلتهم المؤقتة المرتبطة بحراك 2011 قد انتهت وعليهم أن يعودوا إلى مقاعدهم الخلفية، لكن يبدو أن البيجيدي لم يستسغ هذا المصير، وقرر “التمرد” على رغبة صاحب الجلالة؛ هو لا ولن يستطيع معارضة الملك لكن يحاول أن يكيّف الامر على أنه معارضة للتحكم ورغبات التحكم، فالملك نفسه لم يخرج بشكل رسمي ليقول أن العدالة والتنمية غير صالح للمغرب، بل اختار أن يمرر ذلك من خلال قنوات اخرى، مثل الوزرات السيادية التي يتحكم فيها هو كليا كوزارة الداخلية، التي اشعلت الصراع مع حزب البيجيدي ورئيس لحكومة مؤخرا في عدد من الملفات، وصلت الى حدّ اصدار بلاغات تتحرش بالبيجيدي وبنكيران.
في ميزان توسيع الهامش الديموقراطي لا يساوي شيئا صراع البيجيدي مع اصدقاء الملك، انه صراع من داخل النسق، هو صراع يصدق عليه التوصيف السياسي لليسار الجذري، هو صراع وتصدع داخل بنية التحالف الطبقي المسيطر واداوته. اذن، سواء آلت الغلبة للبيجيدي أو لاصدقاء الملك والبام فالامر سيان، سيبقى الملك هو وحده الحَكم واليه تُرجع كل الامور، وسيبقى الفساد يعيث كما يشاء، وفي كلتا الحالتين سيعمل الحزب الفائز على خدمة مصاصي الدماء وتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي.
إذن البيجيدي هذه المرة لم يخضع لادوات الملك، وقرر التمرد والمواجهة مع اصدقاء الملك لكي يبين لهذا الاخير أنه جدير بأن يثق به، وجدير به أن يتخلى عن اصدقائه ويعوضهم باخوان بنكيران، ولذلك تعامل مع الضربات الاخير التي حاول الملك توجيهها للحزب من أجل شلّ قدراته على الحشد للفوز بانتخابات السابع من أكتوبر بنوع من الذكاء والبراغماتية.
ترشيح القباج، ضربة استباقية ضذ تحالف السلفيين مع أصدقاء الملك
قِيل وكُتِب الكثير حول تزكية البيجيدي لاحد زعامات التيار السلفي حمد القباج للترشح باسم العدالة والتنمية في مقاطعة “كيليز” بمراكش، لكن رغم كل ما قيل فهذا القرار الذي أقدم عليه البيجيدي هو قرار ذكي، ويبين أن حزب العدالة والتنمية فهم جيدا سياسة المخزن وصار جزء لا يتجزأ منها.
إن اقدام البيجيدي على ترشيح أحد رموز السلفية ليست الغاية الوحيدة من وراء ذلك هو كسب المقاعد البرلمانية، بل إن ترشيح القباج هو ترشيح سياسي ليس المستهدف منه مقاطعة “كيليز” فقط، بل مستهدف منه اتباع السلفين في المغرب كله، وهو ايضا قرار سياسي استباقي ومن أجل قطع الطريق على الهمة واصدقائه في حزب البام من توظيف السلفيين ضد حكومة البيجيدي، كما حدث في مصر حين دعم السلفيون السيسي والعسكر ضد الاخوان، اذن لقطع الطريق على هذا السيناريو اختار البيجيدي تقديم احد رموز السلفية للانتخابات درءا لاي حشد محتمل من طرف البام للسلفين ضد البيجيدي خاصة في ظل التقارب الذي بات واضحا بين بعض رموز السلفيين والبام مؤخرا،(انضمام ابو حفص للكتابة في جريدة “اخر ساعة” المحسوبة على البام، وحرص الفيزازي على حضور أغلب انشطة حزب البام واداواته؛ نموذج حفل افتتاح مهرجان تويزا حيث جلس الفيزازي في المقاعد الامامية الى جانب مرشح البام بطنجة “فؤاد العماري”).
لهذا كله خمّن البيجيدي أن معسكر فؤاد عالي الهمة قد يلجأ في أي لحظة إلى حشد السلفين ضد العدالة والتنمية، وحتى يتقي هذا الاخير “شر” هذه الخطة، استبق الامور وقرر تزكية القباج بمراكش من أجل قطع الطريق على توظيف السلفيين ضده، ولضمان اصوات ولو جزء منهم، وهو يعرف جيدا قدرتهم على التعبئة والحشد لهذا المرشح أو ذاك. لذلك فالغاية وراء ترشيح القباج ليست هي الحصول على مقاعد اضافية بل هي الرغبة في استمالة اصوات السلفيين في المغرب كله وضربة استباقية لكل محاولة ترشيح البام او الاحزاب المقربة منه لاحد السلفيين.
ترشيح الوزاني بالحسيمة مناورة سياسية
من بين الموضوعات التي اثارت الكثير من النقاش والتفاعل أيضاً، موضوع ترشيح البيجيدي لنجيب الوزاني امين عام حزب العهد بدائرة الحسيمة، التي تعتبر دائرة محفّظة باسم البام، خاصة أن الانتخابات الجماعية والجهوية الاخيرة، بينت أن البام اضحى قوة انتخابية دون منازع في الحسيمة، اذ هي المدينة الوحيدة في المغرب الذي انتزع البام مجال تسيرها الجماعي في الوقت الذي آلت فيه جل المدن المغربية الاخرى لحزب العدالة والتنمية
إن ترشيح الوزاني في الحسيمة هي رغبة جامحة من البيجيدي لمزاحمة البام في معقله، فبالنظر الى نتائج الانتخابات الجماعية الاخيرة والانتخابات التشريعية لنونبر 2011، فإن الحالة الوحيدة الممكنة للبيجيدي ليزاحم البام في الحسيمة هي أن يستقطب الكتلة الناخبة للوزاني الى صفه، بغير هذا يصعب جدا على البيجيدي أن بظفر بمقعد برلماني عن مدينة الحسيمة، أما الان فقد صار من شبه المؤكد أن ينال البيجيدي مقعدا اضافيا من الحسيمة عبر مرشحه الجديد نجيب الوزاني، كما بات من شبه المؤكد عدم فوز البام بمقعدين عن المدينة، وكما أن حليفه الانتخابي حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يقود لائحته عبد الحق أمغار بات مهددا بفقدان مقعده البرلماني، في المقابل صارت للوزاني فرصة ذهبية للانتقام من البام والانتقام لدينامو الحزب ومموله الرئيس سعيد شعو. هكذا تلاقت ارادة البيجيدي مع ارادة الوزاني الذي يسعى إلى أن يبين لأصحاب “الحل والعقد” أن الياس العماري ليس وحده زعيم منطقة الريف.
البيجيدي والبرغماتية السياسية
من خلال تحركات البيجيدي مؤخرا، ومحاولة استمالة اصوات بعيدة عنه ايديولوجيا لترشيحها ضمن قوائمه، يظهر أن الحزب يراهن بقوة على العودة إلى تسير الشأن السياسي ورئاسة الحكومة، كما يتبين أن البيجيدي اختار المواجهة بخصوص تحقيق حلمه ورهانه السياسي الكبير، المتمثل في ابعاد شلة اصدقاء الملك، والادعاء انهم هم اصل الداء، من أجل طردهم وتعويضهم ب “إخوان بتكيران”. كما يتبين من جهة أخرى رغبة الحزب في دفع تهمة كونه جزبا يعبر عن مصالح جماعة ولا يعبر عن مصالح أمة، وهي التهمة التي طالما ردّدها الياس العماري في حواراته الصحافية، ومن أجل دحض هذه التهمة، قرّر الحزب ترشيح فعاليات سياسية وشبابية بعيدة ايديولوجيا عن ايديولوجية الحزب لكنهم متفقون معه في مواجهة التحكم، اذن الرد على تهم الياس العماري هو اظهار ان العديد من الفعاليات السياسية المختلفة تسعى إلى مواجهة التحكم وأن حزب العدالة والتنمية ليس حزب جماعة بل هو هو جزب كل من يقف في وجه التحكم.
خلاصة:
إن حزب العدالة والتنمية مصرّ كل الاصرار على كسب الانتخابات التشريعية المقبلة، لغرض اساس وجوهري بالنسبة إليه، وهو أن يُفحم الملك ويُقنعه بأن البيجيدي هو الاصلح له من أجل استمرار الملكية التنفيذية وتمددها، ولكي يبين أن رهان الملك على الهمة وحزب البام هو رهان فاشل وغير مجدٍ. إنها في اخر المطاف رغبة في وضع الملك أمام امر الواقع من أجل قبوله باخوان بنكيران.
هذا الوضع، وهذا الصراع المأسور داخل دائرة الصراع الثنائي بين البام والبيجيدي، لن يُفيد في شيء ولن يعمل قيد أنملة على المضي في طريق تكريس الديموقراطية، انه صراع من أجل تغيير الكراسي ليس إلاّ، لو كان للبيجيدي ذرة رغبة في التغيير لاستغل أبسط الامكانات المتاحة، لكنه فضّل أن يعمل على ارضاء الملك قبل أن يفكر في تطبيق القانون ولا تنزيل الدستور.
إن الرهان على حزب العدالة والتنمية لتوسيع الهامش الديموقراطي هو رهان على الريح، البيجيدي كان واضحا منذ الحراك، رفض منطق الصراع مع الملك واختار منطق التسول والتذلل له لعل وعسى، وحتى عندما تلقى صفعات متوالية من طرف الملك اختار أن يحني رأسه ويشحذ مخالبه لمواجهة اصدقاء الملك وليس الوقوف في وجه الملك نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.