عرف المغرب خلال العشر سنوات الأخيرة تحولات هامة في علاقاته الدولية، سواء على مستوى الفاعلين أو على مستوى التوجهات الاستراتيجية لسياسته الخارجية، فقد توسعت شبكة التمثيليات الدبلوماسية، بحيث افتتحت أكثر من ثلاثين سفارة و قنصلية خلال هذه الفترة، كما تعززت تمثيلية المغرب في المنظمات الدولية، رافقت هذه السياسة سياسة تقارب مع الاتحاد الأوربي من خلال حصوله على الوضع المتقدم، و مع دول افريقيا جنوب الصحراء، و مع دول أمريكا اللاتينية، مما أعطى للمغرب وضعا أكثر أهمية في المسرح الدولي، لكن هذا التوجه يطرح مجموعة من التحديات المتعلقة بتدبير مسألتين: مسألة السيادة الوطنية التي تعد عنصرا أساسيا في السياسة الدولية للمغرب و تدبير الأمن القانوني كمطلب محوري في علاقاته الدولية، مما يفسح المجال لأسئلة مرتبطة بسمو القوانين و المعاهدات الدولية و ملائمة القوانين الداخلية مع القوانين و المعاهدات الدولية، أول صعوبة يمكن أن نصادفها هنا هي تعدد حقول البحث مما يطرح مسألة المنهج، لذلك يجب أن نطلق أولا من ضبط و تحديد المفاهيم و العلاقات بينها مع التأكيد على أهمية المقاربة التاريخية، قبل فهم السياق العام و الخاص للعلاقات الدولية المغرب، و ذلك للإجابة على الأسئلة التالية: ما هي أم التوجهات و المحددات في الساسة و العلاقات الدولية المغربية؟ كيف تطرح مسألة الأمن القانوني في العلاقات الدولية المغربية؟ العلاقة بين القانون و السيادة؟ و كيف تعالج هاتان المسألتان على مستوى التشريع و الممارسو الخطاب؟ هذه الأسئلة الفرعية ستساعدنا على الإجابة على السؤال المركزي : ماهي رهانات السيادة و ماهو الجواب الذي يقدمه المغرب على أسئلة الأمن القانوني في سياق علاقاته الدولية؟
ملامح من السياسة و العلاقات الدولية المغربية: يحتل المغرب وضعا جيوستراتيجيا يحمل الكثير من الامتيازات، فهو يقع في ملتقى الطرق بين افريقيا جنوب الصحراء و العالم العربي و أوربا، فيما تشكل الحدود مصدر قلق سواء مع إسبانيا أو مع الجزائر أو ما يتعلق بمسألة الصحراء المغربية أو ترسيم الحدود البحرية ... العلاقات و السياسة الدولية المغربية تحركهما أمران أساسيان: حل مسألة الوحدة الترابية، و البحث عن تعزيز موقعه على المستوى الإقليمي، الأمر الذي يفسر مثلا تنسيقه الأمني مع إسبانيا و أوربا بشكل عام في مسألة الهجرة السرية و محاربة الإرهاب، لهذا ليس هناك أي تأثير للاعتبارات الإيديولوجية أو الدينية. كما أنه ينهج سبيلا مشابها لما قامت به أوربا التي حلت مشاكلها السياسية من خلال التكامل الاقتصادي، و هناك أمثلة كثيرة على ذلك. السياق العام : المشاكل العابرة للحدود الاعتماد المتبادل وقصور الدولة في مواجهة المشاكل العابرة للحدود التطور التكنولوجي الاعتماد المتبادل الاقتصادي المشاكل المرتبطة بالسكان: الفقر والهجرة والصحة المشاكل البيئية وضرورة العمل المشترك الأمن القومي: المخاطر النووية، الإرهاب والجريمة المنظمة + ص 257 الانفتاح السياسي و الحقوقي أدى إلى سياسة منفتحة: بدأ المغرب مرحلة من الانفتاح السياسي منذ التسعينات، مع التعديلات الدستورية و إنشاء هيئة الإنصاف و المصالحة و بعد الربيع العربي جاء دستور 2011 الأمر الذي ساهم في تحسين صورة المغرب ، بالرغم من مجموعة من بعض الانتقادات التي تتعلق أحيانا بحرية الإعلام و أحيانا أخرى بحقوق المرأة ووضع القضاء و قانون الشغل على مستوى السياسة الخارجية رافق هذا الانفتاح سياسة خارجية أكثر انفتاحا، بحيث لوحظ أن المغرب لم يعد يربط علاقاته الخارجية بملف الصحراء، بل صار يسعى إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية و الثقافية مع الدول الافريقية على الرغم من أنه خرج من منظمة الوحدة الإفريقية احتجاجا على قبولها عضوية البوليزاريو، نفس الأمر ينطبق على علاقات المغرب مع اسبانيا، بحيث لم تؤثر الخلافات السياسية على نمو العلاقات التجارية ( ارتفعت المبادلات التجارية سنة 2003 بحوالي 20% و تطورت بعد ذلك لتصبح اسبانيا ابتداء من سنة 2003 أول شريك تجاري للمغرب، و التعاون في مسألة الهجرة السرية و التعاون الأمني في مسألة الإرهاب،(ففي يوليوز 2001 وقع المغرب مع إسبانيا اتفاقية تهم مراقبة الحدود في وقت كانت العلاقات الثنائية تشهد توترا، كما سمح سنة 2002 ل 64 مركب صيد إسباني بالعمل في المياه المغربية، نفس الشيء ينطبق على التعاون الأمني، الذي شهد تعزيزا بين البلدين في أوقات صعبة من علاقات البلدين ( قضية جزيرة ليلى)ففي نفس السنة اتفق البلدان على التعاون في ترحيل القاصرين من المهاجرين السريين نحو المغرب، كما و قع المغرب اتفاقيات مماثلة مع الدول الأوربية تتعلق بتدبير موضوع الهجرة و إدماج المهاجرين مقابل تعزيز مراقبة الحدود. هذه الأمثلة تبين أن المغرب يدبر علاقاته الخارجية بشكل مختلف يعطي أهمية لمسائل الوحدة الترابية لكن هذه الأهمية تصبح نسبية أمام التعاون الاقتصادي و الأمني و يسلط الضوء على الطابع البراغماتي للسياسة الدولية المغربية. نفس هذا الانفتاح -و إن بدرجة أقل- يمكن أن يسجل في علاقات المغرب مع الجزائر، و نلاحظ هذا في نمو العلاقات التجارية الثنائية خاصة في مجال الطاقة، كما كانت هناك محاولات لتعاون أمني في منطقة الساحل لكنها باءت بالفشل، و أفرزت تباينا و منافسة بين البلدين في تدبير هذه المسألة . على المستوى المغاربي نلاحظ نفس التوجه، أي السعي للاندماج الاقتصادي و التعاون الأمني (إنشاء بنك مغاربي للاستثمار و التجارة الخارجية باستثمار 150 مليون دولار بالتساوي بين الدول الخمس الأعضاء) لكن على العموم يبقى التعاون على هذا المستوى محتشما ويحكمه و الحذر. - البحث عن تحالفات و افق جديدة: الهندروسيا.. - البحث عن دور الوسيط: ليبيا ، فلسطين -العلاقات مع الدول الاسلامية:-منظمة المؤتمر الاسلامي-لجنة القدس-بيت مال القدس الموقف من الأوضاع في سوريا استفادة المغرب من الأوضاع غير المستقرة في بعض الدول العربية الاتفاق الاستراتيجي مع دول الخليج لصالح تدخل عسكري في سوريا التقارب مع مصر اولويات متشابهة بين البلدين: الوساطة في حل مسألة الشرق الأوسط، الوساطة في سوريا، تشجيع الاستثمارات و تشجيع الاعتدال الديني، الصورة التي يحاول المغرب تسويقها: صورة ملكية مستقرة لكن حديثة منفتحة ديموقراطية و هوية اسلامية قوية و معتدلة الأمر الذي يتقاطع مع سياسة الجامعة العربية، و خاصة في الموقف المتسم بالواقعية من إسرائيل العلاقات مع تركيا العلاقات مع امريكا العلاقات مع أوربا أسيا وسائل السياسة الخارجية المغربية الاقتصاد التمثيلية الدبلوماسية الثقافة والدين القوة الناعمة الخلاصة: - العلاقات و السياسة الدولية المغربية تحركهما أمران أساسيان: حل مسألة الوحدة الترابية، و البحث عن تعزيز موقعه على المستوى الإقليمي - أصبح المغرب يتجه شيئا فشيئا إلى اتخاذ مواقف واضحة من مجموعة من القضايا - أن المغرب يدبر علاقاته الخارجية بشكل مختلف يعطي أهمية لمسائل الوحدة الترابية و الخصوصيات الثقافية، لكن هذه الأهمية تصبح نسبية أمام التعاون الاقتصادي و الأمني و يسلط الضوء على الطابع البراغماتي للسياسة الدولية المغربية - أن المغرب يدبر علاقاته الخارجية وفق منظور يعطي الأولوية لمسألة السيادة لكن بمقاربة حديثة، يتضح ذلك من خلال الجهوية و مقترح الحكم الذاتي ومن خلال تدبيره للعلاقات مع اسبانيا و الجزائر. الحاجة إلى تحديد وضبط المفاهيم إذا كانت المقاربة التقليدية للسيادة تعطيها مجموعة من الخصائص كالإطلاقية و عدم التجزؤ و الاستمرار، فإنها اهتمت كذلك بتحديد صلاحياتها على المستوى العملي وهكذا نجد أن جون بودان مثلا قام بتحديد مضامين السيادة في كتابه "La méthode de l'histoire " ولخصها في سلطة تعيين الموظفين والحكام السامين وتحديد مهامهم و إصدار وإلغاء القوانين و إعلان الحرب وإحلال السلم و إصدار الأحكام النهائية و حق الموت والحياة، كما قام في كتابه " الجمهورية " بتقديم ترتيب لهذه الوظائف ليجعل الوظيفة التشريعية في المقدمة، ثم جعل الوظائف والمضامين الأخرى في ظل المضمون الأسمى الذي هو وضع القانون، أما جون جاك روسو فاعتبر أن المفهوم الحقيقي للسيادة يكمن في الإرادة العامة، و اتفق مع بودان في وضع الصلاحية التشريعية في قلب صلاحيات السيادة، فالقانون هو التعبير عن هذه الإرادة العامة، وهي إرادة لا يمكن التنازل عنها، و قال بأنه يمكن تفويض ممارسة السلطة والصلاحيات، أما الإرادة العامة فلا يمكن تفويضها. فالسيادة هي أساس لممارسة الدولة لصلاحياتها، لأن تمتع الدولة بالسيادة يعني ممارسة الدولة لهذه الصلاحيات داخليا و خارجيا، إلا أن الواقع كما أشرنا سابقا يفرض على الدولة التنازل أو تفويض بعض منها لصالح فاعلين آخرين، الشيء الذي يراه الكثيرون كفقدان للسيادة. فالسيادة كبنية و أساس لممارسة السلطة تختلف عن الصلاحيات التي تمارس باسمها، و تشبث الدولة في واقع الممارسة بالمبدأ التقليدي الذي لا يسمح بتفويض أية من صلاحيات السيادة سيبدو أمرا غير واقعي، و هذه المقاربة الحديثة للسيادة هي التي تبنتها الدولة الأوربية من خلال اختيارها لطريق الاندماج. و قد انتبه المجلس الدستوري الفرنسي لهذا الأمر في أحد قراراته[1] حين ميز بين تحديد السيادة و نقل السيادة معتبرا تحديد السيادة أمرا مقبولا لتوافقه مع نص ديباجة الدستور الفرنسي، أما نقل السيادة فهو مرفوض لتعارضه مع مبدأ سيادة الأمة، نتيجة لهذا يكون انتخاب أعضاء البرلمان الأوربي بالاقتراع المباشر غير ذي أثر على السيادة الفرنسية. كما تبنى في قرارات أخرى مبدأ "حماية الشروط الأساسية لممارسة السيادة" و التي لخصها في احترام مؤسسات الجمهورية و استمرار حياة الأمة و ضمان حريات المواطنين، و عززها بثلاثة معايير لتقييم المساس بالسيادة أو نقل السيادة: و هي مساس مجال نقل السيادة الحقوق الملكية للدولة، و الدرجة التي يبلغها نقل السيادة، و كيفية ممارسة الصلاحيات المنقولة: هل يؤدي نقل الصلاحيات إلى ممارستها بشكل لا نهائي أم أن من حق الدول استرجاع صلاحياتها؟ فنقل صلاحيات السيادة أو تفويضها لم يعد مرفوضا من وجهة نظر الاجتهاد الدستوري من ناحية المبدأ، ما لم يؤد إلى المساس بالشروط الأساسية لممارسة السيادة، كحق الدولة في استرجاع صلاحياتها متى قررت ذلك، فالتنازل و التفويض بهذا المعني يصبح نتاجا لإرادة صاحب السيادة، و بذلك يصبح التمييز بين التخلي عن السيادة و التخلي أو نقل بعض صلاحياتها مفيدا في فهم السيادة كنظرية قادرة على الاستجابة لمتطلبات الحكامة الجيدة، بعيدا عن مقاربتها التقليدية التي تعتبرها كلا لا يتجزأ بصلاحيات غير قابلة للتفويض أو التنازل.
مفهوم الأمن القانوني مفهوم السيادة تعريف السيادة: السيادة بمعنى سلطة الدولة السيادة كخاصية من خصائص السلطة السيادة كفكرة تاريخية خصائص السيادة السيادة القانونية و السيادة السياسية السيادة الداخلية و السيادة الخارجية إعادة النظر في تصورنا لمفهوم السيادة و كيفية استخدامه و العمل على توسيعه و إغنائه تساعد على فهم أدق لقضايا السياسة الدولية. حيث يجب التمييز بين السيادة و السلطان، و بين السيادة كحق و السيادة كواقع، و بين السيادة و صلاحياتها، والسيادة ككل غير قابل للتجزيء و السيادة كتركيبة يمكن التنازل عن جزء من صلاحياتها للتفاعل مع الواقع. إن السيادة لا يمكن القول بإمكان زوالها بمجرد أن سلطان و قدرة الدولة الحاملة للسيادة قد تراجعت أو تم اخترقها أو التنازل عن بعض صلاحياتها سواء بمحض الإرادة أو في غيابها. السيادة بوصفها ادعاء في حق احتكار السلطة لم تعن بالضرورة انه لدى الدول القوة ذاتها لفرض سيادتها؛ فقدرة الدولة على فرض سيادتها داخليا و خارجيا كانت و لازالت في حالة تغير عبر الزمان و المكان، و ترتبط بعناصر مادية تتعلق بالوسائل التي تتوفر عليها الدولة لفرض أولوياتها. سيكون من المفيد تصور السيادة مفاهيميا على أنها لا تشير إلى درجة سيطرة الدولة فحسب، بل تشير أيضا إلى " سلطة الدولة ". فمما لا شك فيه أن سيطرة الدولة تضاءلت بشكل كبير مع مرور الوقت و في كثير من المناطق و القضايا، بينما نجد أن السيادة كادعاء لامتلاك السلطة العليا قد استمر لفترة تزيد على ثلاثة قرون. و من هنا يجب التمييز بين السيادة و درجة السيطرة و التحكم أي السلطان. و هذا التمييز ضروري لتفادي الاستدلال بتراجع درجة التحكم على مجموعة من الأصعدة للجزم بنهاية السيادة: * إن تراجع قدرة الدولة في التحكم في القرار على المستوى المركزي داخليا لا يعد، كما يدعي بعض الدارسين، فقدانا للسيادة، لأن في العديد من الحالات تختار الدولة من منطلق سيادتها تفويض اختصاصات كبيرة في مجالات متعددة لكيانات محلية في إطار النظام اللامركزي و الديمقراطية المحلية، و هو خيار ترى فيه العديد من الدول تقوية و دعما لسيادتها و ليس العكس. و هنا يمكن أن نأخذ الولاياتالمتحدةالأمريكية ذات النظام الفيدرالي كتجسيد قوي لهذا الطرح؛ * إن أي عجز يطال قدرة الدولة في السيطرة على تعاملاتها مع الخارج يمكن أن يعتبر مساسا بسيادة الدولة و فقدانا لها، حيث يتم فهم السيادة بالمفهوم التقليدي على أنها هي التحكم المطلق في التحركات الخارجية للدولة و عدم السماح بأي اختراق أو تعامل لا يحظى بموافقة الدولة. من هذا المنطلق، يعتبر العديد أن انخراط الدول في المنظمات الدولية و الإقليمية و الاتحادات الاقتصادية يعد دليلا على تآكل سيادة الدولة كفاعل أساسي في السياسة الدولية، و هذا ما لا يستقيم و منطق المجتمع الدولي الذي يتأسس على الاعتماد المتبادل بين الدول ذات السيادة. اليوم كما الأمس تاريخ العلاقات الدولية هو تاريخ تفاعل سيادات في مستويات متعددة : السلم، التعاون، التبادل التجاري، الحرب... وصحيح أن هذا التفاعل قد يكون في صالح طرف على حساب طرف أو أطراف أخرى، ولكن هذا لا يعني أن الدول الرابحة قد تنامت سيادتها على حساب سيادة الآخرين، و إنما الأمر يتعلق بسلطان و قدرة الدولة على الاستفادة من تفاعل السيادات. و هنا تبرز السيادة كحق يعطي لكل دولة إمكانية تطوير قدرتها على التفاعل مع محيطها أي الواقع الدولي. وبناء عليه فإن عدم القدرة على ممارسة الحق أو حتى عدم ممارسته لا يعني بأي حال من الأحوال انتفاء هذا الحق أو عدم وجوده: فالدولة ذات السيادة مثلا لها الحق في استغلال الأجواء الدولية و الصعود إلى القمر و اكتشافه، إلا أنه ليس لكل الدول لها القدرة على ذلك، و عدم قدرتها تلك لا يعني انتفاء سيادتها على أجواءها الوطنية كما أنها لا تتنازل كلية عن هذا الحق لصالح دولة تمتلك المؤهلات، كما تجدر الإشارة إلى أن ممارسة السيادة كحق مشروطة بعدة شروط و ضوابط و اعتبارات، و انتفاء تلك الشروط لا يعني البتة انتفاء السيادة. فإذا كان ميثاق الأممالمتحدة يعترف لكل دولة بحق السيادة فتصبح هذه الدولة كيانا مستقلا تلزمه الاتفاقيات و الالتزامات التي يعقدها مع باقي أطراف المجتمع الدولي لا يعد نفيا لهذا الحق أو القول بأن الدولة لم تعد لها سيادة، فالحق شيء وممارسته شيء آخر. و إذا كانت المواطنة تتأسس على حقوق و واجبات المواطن، فانه في ظل ما بات يعرف بالمواطنة العالمية يمكن القول أن إقرار حق السيادة للدولة يعني أيضا أن لها واجبات تجاه الدول التي اعترفت لها بهذا الحق. فرغم أن الدول المستعمرة فقدت لفترة معينة الحرية في ممارسة هذا الحق إلا أن ذلك لا يعني أن السيادة كحق قد انتفت و لم يعد له وجود، حيث إن السيادة كحق كانت هي أساس مطالبة الدول المستعمرة بحقها في تقرير المصير و استرجاع السيادة. ومن هنا قد يساعدنا هذا التمييز بين السيادة كحق و السيادة كواقع تمارس فيه الدولة لصلاحياتها في الرد على الذين يقولون بالاختفاء النهائي للسيادة، فاستشرافنا لمستقبل مفهوم السيادة يتأسس على هذا التمييز.
و أخيرا فإن الإدارة الوطنية السليمة لأي بلد لم يعد من الممكن فصلها عن السياق العالمي و الإقليمي بسبب الترابط و الاعتماد المتبادل، وبقدر ما تستطيع الدولة المشاركة بفعالية و نجاح في بناء إطار للتعاون الإقليمي و العالمي وبالتالي بقدر ما تساهم -من خلال سياساتها الإقليمية البناءة- في تحسين فرص التنمية لها و للمجتمعات المحيطة بها، تحظى بقدر أكبر من المصداقية وتزداد فرص حصولها على الشرعية العالمية. وتفترض هذه المساهمة نشاطا فعالا وحضورا دوليا مستمرا للمساهمة في حل المشاكل الدولية كما تفترض مشاركة جدية وبذل جهد وتضحيات فعلية من أجل تحقيق القيم والأهداف العالمية المشتركة، وقبل ذلك المساهمة في بلورة هذه القيم والمبادئ التي لا يقوم من دونها مجتمع دولي موحد و متكامل و متعاون ومتواصل[2]. دون أن يعني ذلك تبني سياسات الهيمنة الدولية والانفراد بالقرار العالمي، أو عقلية الاتكال والتبعية التي تميل إليها بعض الدول.
الأمن القانوني في المغرب بين النص و التطبيق: نتطرق لمسألة الأمن القانوني من خلال جانبين: مسألة الملاءمة و مسألة السمو أو العلاقة بين الداخلي و الدولي الأمن القانوني هو من مبادئ دولة الحق و القانون، يتحقق حين تضمن التشريعات مجموعة من المعايير: المساواة الوضوح و سهولة الولوج الانسجام و عدم التناقض استقرار علاقات التعاقد التوقعية ضمان الحقوق المكتسبة احترام المراكز القانونية عدم رجعية القوانين يهدف الأمن القانوني إلى - ملاءمة التشريعات مع الدستور و مع القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني، الأمر الذي يضمن عدم تعرض المواطنين لمساس بحرياتهم و حقوقهم، و عدم المساس بمصداقية الدولة و تشريعاتها. -بناء دولة الحق و القانون حيث يخضع الجميع حتى الدولة نفسها للقانون سواء تعلق الأمر بالقانون الداخلي أو العام . استقلالية القضاء و المساواة أمامه فصل السلطات استقلالية القضاء الشفافية القانونية و المسطرية الأمن القانوني في المغرب غير منصوص عليه في الدستور، إلا أن هذا لا يعني غياب هذا المبدأ في التشريع المغربي، فعلى التشريعات مثلا أن تحترم سمو القاعدة الدستورية، و احترام دور البرلمان كمشرع أساسي و الحكومة كمشرع استثنائي، هناك كذلك مبدأ الرقابة على دستورية القوانين : الرقابة السياسية التي يمارسها البرلمان و الرقابة القضائية التي يمارسها القضاء الدستوري مكانة الاتفاقيات الدولية في التشريع المغربي يتبنى المغرب مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الداخلية: قانون الجنسية المادة 1 قانون تسليم المجرمين المادة 1 قانون حقوق التأليف و الحقوق المجاورة المادة 68 قانون المحاماة المادة 5 الذي يسمح بممارسة المحاماة للمغاربة أو رعايا و أخيرا فإن دستور 2011 ينص صراحة في ديباجته على سمو المعاهدات الدولية المصادق عليها على التشريعات الداخلية. في نطاق أحكام الدستور و و قوانين المملكة و هويتها الراسخة إضافة لهذا نورد كذلك التعهد بالاتزام بما تقتضيه مواثيق المنظمات الدولية من حقوق وواجبات التشبث بحقوق الإنسان الكونية ترجيح الاتفاقيات الدولية الالتزام بملاءمة التشريعات الوطنية مع الالتزامات الدولية للمغرب حماية حقوق المغاربة المقيمين بالخارج المساواة بين الجنسين حق المشاركة السياسية للأجانب المقيمين بالمغرب إدراج مقتضيات تتعلق بحقوق الإنسان بالدستور بعد المصادقة عليها في اتفاقيات دولية إلا أن هذا لا يعني سمو الاتفاقيات على الدستور إضافة لهذا وضع دستور 2011 ضمانات لمبدأ السمو: 1- اختصاص التوقيع و الصادقة للملك مع التنصيص على بعض المعاهدات التي يعود اختصاص المصادقة عليها للبرلمان ( السلم و الاتحاد ورسم الحدود و معاهدات التجارة و المعاهدات المكلفة ماليا و و المعاهدات المستلزمة لتدابير تشريعية و و المعاهدات المتعلقة بحقوق المواطنين العامة و الخاصة) 2- الرقابة الدستورية 3- نظام المراقبة القبلية من طرف المحكمة الدستورية الحاجة لتدعيم الأمن القانوني في الممارسة: صدر مؤخرا تقرير عن مؤسسة la fondation pour le droit continental قدم تصنيفا للدول على ضوء مؤشرات الأمن القانوني جعل المغرب في مواقع متقدمة من حيث ترسانته القانونية. انتقادات موجهة للمغرب من حيث التنافسية و مجال الأعمال و الشفافية و الإدارة و قوانين الشغل و القضاء... الخلاصات: - العلاقات و السياسة الدولية المغربية تحركهما أمران أساسيان: حل مسألة الوحدة الترابية، و البحث عن تعزيز موقعه على المستوى الإقليمي - أصبح المغرب يتجه شيئا فشيئا إلى اتخاذ مواقف واضحة من مجموعة من القضايا - أن المغرب يدبر علاقاته الخارجية بشكل مختلف يعطي أهمية لمسائل الوحدة الترابية و الخصوصيات الثقافية، مع الأخذ بالاعتبار التعاون الاقتصادي و الأمني و يسلط الضوء على الطابع البراغماتي للسياسة الدولية المغربية - أن المغرب يدبر علاقاته الخارجية وفق منظور يعطي الأولوية لمسألة السيادة لكن بمقاربة حديثة، يتضح ذلك من خلال الجهوية و مقترح الحكم الذاتي ومن خلال تدبيره للعلاقات مع اسبانيا و الجزائر. - سمو المعاهدات الدولية على القاعدة القانونية الداخلية دون أن تسمو على الدستور - تقدم المغرب من حيث الترسانة القانونية التي تحترم معايير الأمن القانوني لكنها على مستوى التطبيق تصطدم بمجوعة من الإكراهات. - السيادة وحقوق الإنسان - السيادة والمسؤولية