إن دراسة التخصصات التي تنتمي إلى حقول العلوم الإنسانية، من قبيل الفلسفة، والتاريخ والآداب وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها، ليس مجرد كماليات تجعل منا أكثر توازنا في دراساتنا باطلاعنا عليها؛ بل هي أكثر من ذلك، إنها مشروع لإنتاج وصناعة أمة أكثر ازدهارا ورخاء وأمنا، وأكثر محافظة على هويتها. ومن هنا حتمية هاته العلوم، باعتبارها آليات نحافظ من خلالها على جوهر إنسانيتنا التي لا نزال نحتفظ بها وسط هذا العالم، ولكي نسترد ما ضاع. فهي تساعدنا على التكيف وعلى الإبداع، كونها مصدر قوة الفرد والمجتمع. ومن هذا المنطلق انخرطت شعبة الفلسفة وعلم الإجتماع وعلم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل بدورها في هذا المشروع العلمي، فكانت ولازالت من بين اهتماماتها الأساس تكوين الطالب وجعله فاعلا في المجال الفكري والثقافي، عن طريق مجموعة تكوينات البيداغوجية والمعرفية عبر مستويات مختلفة والمعروفة بنظام LMD أي إجازة ماستر دكتوراه. وهكذا، بعد تولي الأستاذ الدكتور المعتصم الشارف منصب رئيس شعبة الفلسفة وعلم الإجتماع وعلم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مرتيل، وهو ينتمي إلى هيئة التدريس بالشعبة ويشغل أستاذ الفلسفة السياسية بنفس الكلية. أخد على عاتقه تأطير طلبة الشعبة وتحفيزهم للعمل الثقافي ضمن بوثقه تعليمية تشاركية مع بقية الفاعلين من هيئة التعليم، وفي انسجام مع الإطار الإداري المشرف على الكلية، حيث عبر عن مضمون الفعل التواصلي والتثقيفي في كلمة له قال فيها: "نعمل جنبا إلى جنب شعبة وأساتذة وطلبة بتفان وتضحية ونكران للذات في نشر وتقاسم المعرفة وتطوير وتسهيل عملية التواصل في أفضل الظروف". ودائما في محاولة منه لتقديم الجديد للشعبة منذ توليه ولاية رئاستها، قدم العديد من الاستراتيجيات الجديدة من أجل الرقي بالشعبة وبمسار الطالب بهدف إتمام مسلسل الإصلاح الذي بدأه رئيس الشعبة السابق السيد مصطفى حنفي، وذلك لتجاوز الإكراهات التي تواجه الشعبة على مستوى تدبير الموارد البشرية والمسألة البيداغوجية، حيث تعاني الشعبة من مشكل الإكتضاض وقلة الأطر. ومن الأولويات التي كانت على عاتقه منذ حينها، هي تزويد الشعبة بالأطر الكافية للتدريس، وفتح مسار تكويني آخر في وجه الطلبة لاستكمال مسارهم الدراسي وتطوير مهاراتهم، بالإضافة إلى نهجه إستراتيجية فعالة في علاج مشكلة الإكتضاض، والمشاكل التي ينتج عنها خاصة في فترات الامتحانات، وتجاوز العشوائية التي كانت تمر فيها أجواء الإمتحان، كما اتخذ تدابير صارمة للحد من أزمة ظاهرة الغش في الامتحانات والتي أعطت أكلها. كل ذلك وفق عمل تشاركي يبلور جهود كل المهتمين بمجال التكوين الأكاديمي وهكذا انخرطت الشعبة في مشاريع ماستر علم الاجتماع، حيث توجت الجهود بفتح ماستران في علم الاجتماع، ماستر الديناميات الإجتماعية المجال وظواهر السلطة، وماستر التنظيمات الإجتماعية واستراتيجيات التغير، اللذان انطلقا في تكوينهما للطلبة في جل المستويات.حيث يهدف ماستر التنظيمات الإجتماعية واستراتيجيات التغير إلى تزويد الطلبة بالمهارات الأساس في مجال إدارة الموارد البشرية، وإعدادهم إعدادا جيدا للتعامل مع إدارة مجموعة واسعة من الناس، فضلا على تعلم كيفية إدارة التنمية وتشجيع الموظف. بالإضافة إلى ترسيخ وتطوير مكتسبات تكوين الطالب، فيما يتصل بالمعرفة السوسيولوجية المتعلقة بالتنظيمات الاجتماعية وتنمية الموارد البشرية، وتأهيله كعنصر بشري باعتباره ركيزة لكل تنمية. ومن الأهداف المنشودة أيضا من خلال هذا النوع من التكوين، تأهيل الطالب لاستيعاب أهم قضايا التنظيم والتدبير، مع تحمله للمسؤولية الإدارية، وتمكينه من التعرف على أهم الاستحقاقات المعرفية المتصلة بها. ثم تطوير المكتسبات المنهجية والتقنية للطالب بما يؤهله لانجاز الدراسات والأبحاث السوسيولوجية الميدانية، التي أصبحت المجتمعات المتقدمة تعتمدها في رسم معالم التنمية الشمولية. كما أن هذه التكوينات تفتح أمام الطالب فرص التعرف على أصناف التنظيمات الاجتماعية والكيفية التي يمكن بها تدبير الموارد البشرية بالتنظيمات والمؤسسات، وكذا على أنواع الفاعلين الاجتماعين دوي العلاقة بهذه المؤسسات والأدوار التي يقومون بها، مع تمكين الطالب من الوسائل التي يمكن من خلالها تدبير التنظيمات والإشراف عليها، وتطوير العمليات المتصلة بها وتزويد الطالب بكل المعارف التي تجعله قادرا على تأسيس وإنشاء تنظيمات ومؤسسات يكون قادرا على تدبير مكوناتها البشرية. وأخيرا فإن هذه التكوينات الأكاديمية تزويد الطالب بكل المعارف والتقنيات التي تجعله قادرا على التفاوض وتدبير النزاعات المتصلة بعالم الشغل. وإلى جانب هذا التكوين العالي، تم إنشاء ماستر الديناميات الإجتماعية المجال وظواهر السلطة، وقد وضع بهدف التحكم في تقنيات البحث السوسيولوجي والتعرف على الديناميات الاجتماعية والمجالية ونظريات السلطة في المجتمع المعاصر والتعرف على صيرورات إعداد القرارات ضمن علاقات السلطة ومختلف الفاعلين والمتدخلين؛ أهدافهم ورهاناتهم وفهم اللامركزية كآلية التحكم في المجال وفهم العلاقات بين المحلي والوطني وبنيات السلطة التي تتشكل في ظل هذه الصيرورة ومعرفة أعماق المجتمع المغربي، من خلال فهم البنيات التقليدية والاجتماعية وتحولاتها والأبعاد المجالية لبنيات السلطة وظواهرها. وبهذا يلاحظ بشكل جلي أن شعبة الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس، قد وضعت أرضية صلبة لمجال التكوين الأكاديمي المنتج والفعال، منخرطة بشكل فعال ضمن الأهداف المسطرة لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان.