من تاريخ شفشاون: حوّالة الزاوية التهامية الوزانيةالشفشاونية و إثبات هوية نسبتها و انتماء أوقافها (3) الرسم المصحوب أسفله مستنسخ من الصفحة 91 من حوّالة الزاوية التهامية الوزانيةالشفشاونية و يعد من أول الرسوم المدونة بها في حقبة الحماية و استقرارها و إرسائها لتنظيم إداري جديد من أبرز سيماته فرض الرسوم الجبائية على شاكلة الرسم الملصق في يمين الوثيقة. هذا الرسم العدلي المحرر في تاريخ "سادس عشري ربيع الثاني عام اثنين و خمسين و ثلاثمائة و ألف وفاق 19 غشت 1933" دونه من إنشائه و بخطه العدل حينه السيد الحسن بن الحاج محمد العمارتي حيث ختمه بإمضائه (لاحقا سيتولى خطة القضاء بشفشاون) و بعطف العدل السيد محمد بن محمد بن عبدالرحمان الحضري و بإثبات القاضي الشريف سيدي محمد بن محمد بن محمد العلمي القوسي الإدريسي الحسني. فحوى هذه الوثيقة الشرعية شهادة العدلين المذكورين و بتزكية من القاضي أن "الحمد لله بعد ما ورد الإذن من سيادة الصدر الأعظم الحالي (كان وقتها السيد أحمد الغنمية و هو منصب بمثابة رئيس الوزراء حاليا) بتاريخ سادس عشري من ربيع النبوي عام تاريخه لفضيلة من يجب أسماه الله (المقصود قاضي المدينة) بإمضاء المناقلة في الخربة المنسوبة للزاوية التهامية الوزانيةالشفشاونية الكائنة هي أي الخربة بحومة الخرازين من شفشاون بالحانوت المنسوبة و المعروفة للطالب السيد الحسين العمارتي الكائنة بطرف العطارين(تسمية كانت تطلق على الممر التجاري وسط حومة السويقة في قديم الوثائق) المكتنفة بين حانوتي الرحموني و حبس مسجد الشرفاء(سيدي الحاج الشريف) حضر الشريف سيدي إدريس بن سيدي عبدالله الوزاني نيابة عن جانب أوقاف الزاوية المذكورة مع الحسين العمارتي المذكور بأن دفع الشريف المذكور العمارتي المذكور..." الفائدة الأولى المستخلصة من مضمون الرسم هي أن العدل المحرر له السيد الحسن بن الحاج محمد العمارتي هو الأخ التوأم للسيد الحسين المعني بالمناقلة (سيتولى لاحقا الحسبة بشفشاون) و كلاهما يثبتان ،إن كان الأمر يحتاج لإثبات، الهوية التهامية الوزانية للزاوية سيرًا على النهج السليم لأسلافهما و على رأسهم الحاج محمد بن محمد بن محمد العمرتي الذي أولج الطريقة التهامية الوزانية في شفشاون و دعمها بتشييد زاوية لها في مطلع القرن الثالث عشر الهجري على الأرجح. الفائدة الثانية المستنتجة من متن الرسم مرتبطة بدلالة حضور الشريف سيدي إدريس بن عبدالله الوزاني (لعل نسبه الكامل المتصل إدريس بن عبدالسلام بن عبدالله بن الطيب أُلحق بجده العلامة المؤرخ لشهرته صاحب كتاب "الروض المنيف في التعريف بأولاد مولاي عبدالله الشريف) بصفته "نائبا عن جانب أوقاف الزاوية المذكورة" ،أي التهامية الوزانيةالشفشاونية ، و بقدومه من مدينة وزان حيث داره و قراره و تحمله مشقة السفر و عنائه و مخاطره (على ظهور البغال) في الثلاثينيات من القرن الماضي و تجاوزه الحدود بين المنطقة الفرنسية و الإسبانية ليشهد المناقلة. مغزى حضور الشريف الوزاني متعلق أساسا بالمناقلة لأنها إجراء استثنائي يمس مكونات ملك الوقف التهامي الوزانيالشفشاوني و تتخطى الإجراءات التسييرية العادية التي يتخذها مقدم الزاوية دون الحاجة للرجوع إلى النائب عن الوقف لأن تولي تسييره و صيانته لا يفضي إلى تملكه . الفائدة الثالث مستمدة من فن الصناعة العدلية الصرفة، فقد تلافى العدل السيد الحسن العمارتي في هذا الرسم تحلية أخيه السيد الحسين بصفة مقدم الزاوية التهامية الوزانيةالشفشاونية رغم أنه أثبتها له بخط يراعه (أشار إلى حضور والديهما الحاج محمد بن الحاج عبدالكريم ) في رسم سابق بتاريخ 27 جمادى الثانية 1351 ذي طبيعة تسييرية محضة لحضور الشريف الوزاني نائبا عن الوقف التهامي الوزاني. الفائدة الرابعة في الإذن الضروري من جانب الصدر الأعظم بتطوان لإجراء المناقلة بشفشاون نظرا لأهمية الأوقاف في الموروث الشرعي و الاجتماعي و الثقافي و حرصا على سلامتها و حمايتها من التلاعبات و صيانتها من السطو. قيمة هذه الوثيقة كالعشرات من مثيلاتها المدونة في حوّالة الزاوية التهامية الوزانيةالشفشاونية تتجلى في إثبات النسبة التهامية الوزانية للزاوية و أوقافها و في تبديد أي ادعاء باطل من حيث هويتها و زعْم زائف من حيث تاريخ تأسيسها حملته اللوحة الحالية المُعرفة بها بعد استبدال الأصلية .