ازداد سيدي عبد اللطيف الوزاني التهامي يوم الخامس عشر من دجنبر 1937 بزاوية أجداده (دار الضمانة) بوادراس الواقعة بأحواز تطوان ، و ينحدر نسب الشريف من عائلة معروفة بالعلم و الجهاد من سلالة مولاي إدريس الأول و مولاي عبد الله الشريف . وهو سيدي عبد اللطيف بن سيدي أحمد بن سيدي محمد بن سيدي التهامي المجاهد بن سيدي محمد بن سيدي عبد الله العارف بالله المرابط سيدي محمد بن مولاي العربي بن القطب مولاي التهامي بن القطب مولاي محمد بن القطب الأكبر و الغوث الأشهر مولاي عبد الله الشريف الوزاني . حفظ رحمه الله القران في سن مبكرة برواية ورش (عن نافع عن طريق الأزرق) ثم بعد ذلك قرأ قراءة (الامام نافع) بروايتي (ورش) و (قالون) بمقتضى نظم (ابن بري) رحمه الله (الدرر اللوامع في مقر الامام نافع). ثم قرأ الأصول السبعة من طريق الشاطبية . و الكل على يد الفقيه المجاهد المرحوم السيد محمد الدحروش و كذلك على يد والده السيد أحمد رحمه الله . ثم قرأ النحو (بالاجرومية) شرح الأزهري، و ابن النجا، و من بعدهما (متممات الحطاب) ثم ألفية ابن مالك بشرح المكودي و التعليقات عليه، ختمها رحمه الله ختمات . ثم قرأ أوضح المسالك لابن هشام بشرح الأزهري و حاشية يس ، وقرأ الفقه بنظم ابن عاشر بشرح ميارة الصغير، و الكبير. ثم تعاليق و حواشي الطالب ابن الحاج، و المهدي الوزاني . كما قرأ مع نفس الفقيه السيد (محمد الدحروش)، التوحيد بنظمه، و كذلك بالسنوسية، شرح ام البراهين، و مطالعة المقدمات، ثم الفرائض بشرح الخرشي و حاشية السيد احمد بن الخياط. و حفظ مختصر خليل (الذي كان يقرأه في مجالس منتظمة مثل حزب القرآن)، وتحفة ابن عاصم و اللامية للزقاق، و غيرها من متون النحو، و الفقه و البلاغة و العروض. التحق رحمه الله بالمعهد الديني بتطوان بالسنة الثالثة (وما أدراك ما هي يومئذ)، درس فيها (نصف) رسالة أبي زيد بشرح أبي الحسن الصغير، وما عليه من حاشية، و نصف ألفية ابن مالك و منظومة البيان للشيخ ابن الطيب بن كيران. مع مواد أخرى، حسابا، و جغرافية، و تاريخا. في السنة الرابعة ختم الفية ابن مالك، و رسالة ابن أبي زيد، و لامية الأفعال، و التوحيد بمختلف المؤلفات مع مواد عصرية، فنال شهادة ابتدائية. في السنة الرابعة ختم ألفية ابن مالك، ورسالة ابن أبي زيد، ولامية الأفعال، والتوحيد، بمختلف المؤلفات مع مواد عصرية، فنال شهادة ابتدائية. في السنة الأولى ثانوي، درس النصف الأول من تحفة ابن عاصم بشرحي التاودي و التسولي مع ربع مختصر الشيخ خليل في العبادات بشرح الدردير، و كتاب الإيمان و العلم من صحيح البخاري بشرح القصطلاني. و نظم السلم للاخضري. و النصف الأول من أوضح المسالك ابن هشام، من الأول إلى أفعال التفضيل، إلى جانب مواد أخرى علمية، وهكذا حتى متم شهادة الباكالوريا. بعد الحصول على الباكالوريا، نال شهادة (التوجيهية) من جامعة ابن يوسف بمراكش، ثم تحول الى العلوم العصرية، فدخل كلية الحقوق (قسم القانون العام و العلوم السياسية) فتخرج بالإجازة سنة 1964، و درس لغات اجنبية منها، الانجليزية، و الفرنسية، و الاسبانية، و غيرها. في هذه الأثناء- و طيلة الدراسة بالنظام الرسمي- تلقن دروسا أخرى في الأدب (دواوين الشعراء)، (الأمالي لابن علي القالي)، (البيان و التبيين- للجاحظ و تحقيق السندبي)، (الحماسة و المعلقات) و غيرها من كتب الأدب العربي. كما تلقن دروس البلاغة (مختصر السكاكي) بشروحه الأربعة المعلومة، و من قبل الأخضري، الجوهر المكنون و الحديث، و التفسير، و الفقه عبادات، و معاملات. التحق بدبلوم الدراسات العليا (شعبة القانون الخاص)،وكان آنئذ يزاول مهنة المحاماة، ثم التحق بدبلوم الدراسات العليا (القانون العام). التحق رحمه الله بمهنة المحاماة منذ سنة 1966، و عرف في هذا المجال بصناعة بياض يديه باستقامته و نزاهته و مصداقيته، مدافعا عن المظلومين و ناصحا للظالمين، وكان يقف في المجال الحقوقي محليا ووطنيا إلى جانب الطبقة المقهورة و المهمشة. و حظي في مجال المحاماة بالقبول لدى المجلس الأعلى للقضاء. كان رحمه الله عضوا في رابطة علماء المغرب منذ السبعينات (أيام المرحوم سيدي عبد الله كنون)، و بقي فيها إلى غاية انتهائها، و ابدالها بالرابطة المحمدية. مارس الخطابة والإمامة بأمانة و علم بمجلس محمد الخامس بتطوان طيلة 14 سنة منذ نشأته و قد ساهم رحمه الله شخصيا في بنائه ضمن أنشطة جمعية الثقافة الإسلامية، و توقف عن الخطابة فيه بعد تلقد رئاسة المجلس العلمي بطنجة. كان عضوا في المجلس العلمي بتطوان و منه بطنجة، ثم عضوا بالمجلس العلمي الأعلى. اشتهر رحمه الله بعلمه الغزير و تبحره في شتى ضروبه و أصوله و تفرعاته، و ساعدته في الإنفتاح على الحضارات و الثقافات الأخرى اللغات الأجنبية التي كان يجيدها و يحاضر بها في محافل رسمية في الداخل و الخارج. عمل أستاذا محاضرا في كلية أصول الدين بتطوان، و شارك رحمه الله في انشطة جمعوية، و علمية، و ثقافية، و كان له حضور فعال في مؤتمرات دوية ووطنية. و حاضر و ناظر فيها مشاهير الساسة و العلماء الأوروبيون و العرب، في مجالات فكرية، و علمية، و دينية، مدافعا عن وجهة نظره بالدليل و البرهان العلميين و المنطقيين. و مارس السياسة (في عز أيامها) بحكمة و حنكة، و كانت تربطه بصناع القرار ببداية الاستقلال من أهل السياسة و الفكر علاقة خاصة. و كان ملما إلماما عميقا بالقضايا و الإشكالات الوطنية و الدولية وله فيها رأي ثاقب و سديد. كان رحمه الله يشارك في إغناء النقاش و الحوار داخل الأوساط العلمية و الفكرية و المثقفة، و منها المجالس العلمية، و يدلي في تواضع تام بأفكار و اقتراحات جديدة و جادة تهم مسألة الاجتهاد في قضايا الدين و الدولة و المجتمع، مبتعدا في كل محاولاته التجديدية عن المحاكاة و التقليد و الإمعية مستكنفا عن الخوض فيما يثير الفتن و التنازع. مسألة الاجتهاد في قضايا الدين و الدولة و المجتمع، مبتعدا في كل محاولاته التجديدية عن المحاكاة و التقليد و الإمعية مستنكفا عن الخوض فيما يثير الفتن و التنازع. و في علاقته بالزاوية الوزانية اختاره في العقد الأخير مئات الشرفاء الوزانيين على الصعيد الوطني ليكون "نقيبا" رسميا "للأشراف الوزانيين"، إلا أنه رفض ذلك بتواضع نظرا لانشغالاته و كثرة مهامه، و استمر رحمه الله عنصرا فاعلا و مكافحا في حقل التصوف السني عامة، و في إطار أنشطة و مسار الزاوية الوزانية خصوصا. و أما في علاقته بربه، فكان له برنامج تربوي مكثف، و أجمع في هذا الباب كل من يعرفه و خاصة أهله و أقارباؤه، أنه كان كثير الصيام، كثير القيام، خشوعا في صلاته، يمضي جل وقته ذاكرا لله تاليا لكتابه و مصليا على رسول الله صلى الله عليه و سلم. و كان يدعو الله بلا ملل لصالح الامة ملتمسا منه سبحانه ان يطهر مطعمه و مشربه من الحرام و الشبهات. ثم يقضي القسط الأخر عاكفا على القراءة و البحث و التفكر و الاطلاع و الكتابة و له أرشسف خطي لبحوث كثيرة أنجزها ، لم تر نور النشر و لم تخضع للترتيب و التبويب بعد . كان رحمه الله متحليا بالصفات الحميدة من تواضع و تسامح و تناصح و إكرام ، ابتلي في آخر عمره بمرض مفاجئ و غامض الأسباب ألم به وهو في أوج عطائه متقلدا مسؤولية رئاسة المجلس العلمي بطنجة ، الذي أسهم في إطاره في إغناء و إثراء الحقل الديني من منظور و موقع منفتح و عالم . و عمل في هذا المجلس بصدق و تفان و اجتهاد متمسكا في سلوكه العام قولا و عملا و تنظيرا بما عرف به المغاربة من تعلق بالمذهب المالكي و العقيدة الأشعرية و التصوف الجنيدي . اختاره المولى عز و جل الى جواره صبيحة يوم 28 محرم 1430 الموافق ل25 يناير 2009 بالمستشفى الدولي زيد بن سلطان بالرباط ، و خلف رحمه الله 4 أبناء مهذبين و متخلقين من أم شريفة النسب طيبة الأعراق . و شيعت جنازة سيدي عبداللطيف رحمه الله في موكب مهيب بعد الصلاة عليه في مسجد الحسن الثاني بتطوان ، وووري الثرى بحضور علية القوم و عامة الناس بزاوية أجداده مولاي محمد ، جنب أخيه سيدي محمد العالم الفاضل ، بالطرانكات شارع عبد اللطيف المدوري بتطوان .