انطلقت اليوم الجمعة 14 يونيو 2019 فعاليات المهرجان الدولي لفروسية ماطا تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، والذي بلغ هذه السنة الدورة التاسعة من تنظيم الجمعية العلمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي تحت شعار ماطا “تراث ثقافي وإرث عالمي“، حيث كان في مقدمة الحضور عامل إقليمالعرائش، و نقيب الشرفاء العلميين، ورئيس المجلس الإقليمي ونواب برلمانيين وعدة شخصيات أخرى من مختلف بقاع العالم حجوا إلى مهرجان ماطا بمدشر زنييد جماعة أربعاء عياشة دائرة مولاي عبد السلام ابن مشيش. وأكد مدير المهرجان ، على أن “الاحتفاء بهذا الموروث الإنساني النبيل الذي بني على قيم أخلاقية عالية في المنافسة والرياضة الشريفة التي جملتها كتب التراث وتعد بحق من القيم الإنسانية المشتركة ونعني هنا الفرس ورمزيته في تراثنا المغربي والتراث الإنساني العالمي وقد استطعت الجمعية العلمية في كل هذه الدورات المحافظة على هذا الإرث الوطني والموروث الجبلي الشعبي العائد أصله إلى حقب تاريخية قديمة وهي من أقدس الأعراف عند ساكنة المنطقة نظرا لروابط الروحية الكبرى التي تمثله لدى ساكنة الإقليم الجبلي فهذا التراث اللامادي الذي يقام كل سنة من فصل الربيع هذه الفترة التي لم يرتبط بها عبثا بل لها طبع خاص ومفهوم عميق يتعلق بالمعتقد الشعبي الذي تنبني عليه أسطورة ماطا وتقدره ساكنة القبائل الجبلية بل له محبون وزوار من داخل أرض المغرب وخارجه ولديه قواسم مشتركة عديدة مع باقي الرياضات الشعبية في بلدان العالم مثل كازاخستان وأوزباكستان وعدة دول أخرى وتنفرد ماطا عن هذه الرياضات كلها أن المنافسة فيها تكون شريفة ولها رمزية إنسانية نبيلة هي الدفاع عن المرأة والحفاظ على أصالة الخيل والفارس”. وأضاف المتحدث ذاته، أن هذا التراث الوطني والإرث الإنساني ظل محافظا على دورخ التاريخي ووصل إشعاعه إلى أفق عالمية بعيدة استطاعت تحقيقها الجمعية العالمية العروسية للعمل الاجتماعي والثقافي المنظمة لهذا المهرجان الذي يحتوي على فضاءات متنوعة من منتوجات فلاحية وصنع تقليدية التي سيكون إقليمالداخلة هو ضيف شرفها هذه السنة. و قال أحد المنظمين، “إن العرائش ونواحيها تعد بحق ملتقى الحضارات والقارات الثلاث إفريقيا وأروبا واسيا جذبت بفضل موقعها الجغرافي وأراضيها سهولا وجبالا أنظار أمم شتى القرطاجيون والرومان والأتراك والإسبان والبرتغاليون فلا عجب إذا كان اهتمام المؤرخين والباحثين بها كبيرا فقد كتب عنها باليونانية والاسبانية والفرنسية والانجليزية هذا فضلا عما كتبه المؤرخون والدارسون في مختلف العصور والى يومنا هذا، والحق أن هذه المنطقة بفضل تاريخها الطويل وبزخم الأحداث التي وقعت فيها وبتراثها العلمي والفني جديرة بان تكون موضوعا لأنواع شتى من الفنون. وتقع فروسية ماط على رأس ما يجب استثماره في هذا المجال لقيمته التاريخية ولغنى دلالته الإنسانية وهذا ما سنقف عنده”. وأشار المتحدث ذاته، على أن “للفروسية في المغرب تاريخ عريق قد لا تشاركه فيه بنفس القدر إلا بعض الشعوب الأسيوية وقد اشتهر منها في المغرب نمطان نمط ذاع أو اشتهر في مناطق الغرب وهو قائم إلى اليوم يطلق عليه اسم التبوريدة وذلك لاستعمالهم البارود في فروسيتهم والنمط الثاني هو الذائع في نواحي العرائش وما جاورها ويطلق عليه اسم ماطا والمتأمل في النمطين لا يجد صعوبة في نسبها إلى الظروف التاريخية التي عاشتها القبائل المغربية ذلك أن الشواطئ المغربية وما جاورها كانت عرضة لحملات شعوب من خارج المغرب برغبة الاحتلال” . وأردف ذات المصدر، “أن فروسية ماطا يقوم أساسها على العمل على نجدة وإغاثة وإنقاذ المرأة وتخليصها من مختطفيها كما سيتضح، والمرأة كانت أكثر عرضة للاختطاف ومن ثم فان أساس هذه الفروسية كما قلنا يقوم تخليصها من يد مختطفيها ويحدثنا التاريخ أن شواطئ أصيلةوالعرائش جذبت بموقعها وأراضيها أطماع الايبريين وغيرهم وكان أفراد منهم يخرجون من مواقعهم إلى القبائل المجاورة للإغارة عليها واختطاف نسائها وعليه فان القرائن التاريخية وغيرها تشير بقوة إلى الأصل التاريخي لهذا الضرب من الفروسية على هذا النمط”. ويقوم نظام ماطا على الضرب من الفروسية على ثلاثة أركان الفارس والحصان والعروس وهي دمية تصنع من مواد مختلفة بسيطة وتزين وتجمل بحيث تصبح دمية ترمز إلى العروس أي إلى المرأة المختطفة يشارك فيها فرسان من مجموعة من القرى اعدوا نفسهم وخيولهم لذلك يصطفون صفا واحدا وتسلم الدمية العروس إلى فارس منهم ينطلق أولا ثم يتبعه فرسان آخرون وكل من الفرسان يجد في السير ليلحق به و ينتزع منه العروس الدمية وذلك في ضرب من الفروسية نادر فقد يضطر حامل العروس إلى الميلان يمينا وشمالا لمنع الفارس الأخر من الإمساك به وفي حالة نجاح الفارس الذي يرتمي عليه لانتزاع العروس وتخليصها فإذا ما افلح في ذلك لحق به فارس أخر وهكذا، والفارس الموفق هو الذي يعود وبيديه العروس بعد قطع أشواط فتتلقاه زغاريد الفتيات المعجبات به وبفروسيته وشجاعته. وعند افتتاح المباراة يتهيأ الجميع للاستمتاع بها ومن المناسب أن نشير أن الإقبال على مشاهدتها والاستمتاع بها كثير من هذه النواحي وحتى من خارجها. وتنطلق المباراة بعد اصطفاف الفرسان ولكل فارس نخوة في نفسه ويرى في فرسه القدرة على المشاركة وعلى النصر فينطلق فارس حاملا الدمية العروس ويحتدم الصراع اذ يتبعه غيره من الفرسان وكل يحدث نفسه للظفر بالدمية وكل يرغب في انتزاعها من يد من ياخذها و يستمر الحال كذلك في الجوالات اذ قد تنتقل العروس او الدمية من يد الى يد بانتزاعها منه وذلك كله في ضرب من الفروسية التي تتميز بشجاعة الفارس وصلابة فرسه والفارس المنتصر هو الذي يعود وبيديه العروس ممتطيا فرسه في نخوة عارمة تستقبله الزغاريد. وحسب أحد المنظمين، فإن هذا بحد ذاته رسالة إنسانية تحمل في طياتها قيم نبيلة منها نجدة المرأة وهي سمة إنسانية كبرى وقيمة حضارية عظيمة تسجل لهذا التراث الوطني، وحرصا على الاحتفاظ به ورغبة في استثماره اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا حافظت الجمعية العلمية ونقابة الشرفاء العلميين على إقامة هذا الموسم سنويا وفي نفس هذا الفصل فصل الربيع، مضيفا أن المهرجان يؤكد دورة بعد دورة على أهميته الثقافية نظرا لما يزخر به من طاقات ولما ينصح به من قيم ولما يعد به من فوائد شتى لا تخص مكانا واحدا ولا مجتمعا واحدا ولا امة واحدة إذ أن القيم الإنسانية النبيلة عامة مثل الخير والمحبة والنجدة والإغاثة والرفق والتضامن والتكافل . وقد عملت المؤسسة على أن يكون هذا الموسم موسم إقامة فروسية ماطا محققا لأغراض شتى اقتصادية واجتماعية وثقافية بحيث يندرج ضمن العمل على التنمية بكامل مقوماتها انطلاقا من القبيلة التي ينظم فيها الموسم ومشاركة الأقاليم الأخرى وقد عملت الجمعية العلمية رغبة منها في إعطاء بعد جديد لهذا الموسم. وذلك بإقامة معرض للمنتوجات الفلاحية ومنتوجات الصناعة التقليدية لأقاليم المملكة. وتحتضن قبيلة بني عروس ودائرة المولى عبد السلام ابن مشيش دورات هذا الموروث الثقافي الذي له أصل وامتداد تاريخي عريق وهنيئا للجمعية العلمية بمساهماتها في الحفاظ على هذه الرياضة الشريفة التي لها رابط روحي وتقوم على دعائم أساسية من قبل الفخر والاعتزاز بالنفس والخيل وتعتمد عباقي الرياضات على الحدة والمنافسة والحرب النفسية.