محمد خيي : الكاتب الإقليمي لحزب العدالة والتنمية بطنجة أصيلة ورئيس مقاطعة بني مكادة ونائب برلماني "لا يستقيم ان نقول اي شيئ كما لو ان شيئا لم يقع ، فعندما تكون الخسائر كبيرة و الحرائق المشتعلة قد تمكنت من الظفر بمرادها و ألسنة اللهب قد أتت على مساحات واسعة من الثمار اليانعة و التهمت حصاد سنوات من العمل و التعب ، وعندما تكون التكلفة المفترض ان يؤديها مسار الإصلاح باهظة جدا فان المسؤولين المفترضين عن اندلاع هذا الحريق او المسؤولين حتى عن التقصير في التدخل لمحاولة إطفاء الحريق ليس أمامهم الا تقديم تفسير او تفسيرات يمكن ان ترقى الى مستوى الحادثة و حصر مسؤوليتهم الجزئية على الاقل في وجود خطئ في التقدير والتصرف … حتى لا تتطور الأمور الى ماهو أسوء . وأمام حجم الاستهداف الذي تعرفه تجربة العدالة والتنمية بالتفاصيل التي يعلمها -والتي لا يعلمها – اليوم عموم المواطنين، و أمام حجم ردود الفعل – والتي لم تفاجئنا على اي حال- الساخطة والناقمة من قبل مناصري الحزب و قواعده والفئات التي انتظرت منه او توقعت على الاقل ان يحافظ في جميع الأحوال على مساره في الدفاع عن كرامة جزء معتبر من المجتمع المغربي الذي قاوم الضغوط عليه يوم 7 أكتوبر وذهب ليصوت بقناعاته واختياراته وليس خضوعا لإملاءات وتوجيهات كانت ولازالت تُخَوِّفُه من حزب العدالة والتنمية ، وتوقعت منه ان يدافع عن المقتضيات الدستورية وعن الارادة الشعبية – باختصار انتظرت منه الدفاع عن الفقرة الرابعة من بلاغ الأمانة العامة الشهير – وان يرفض الاذلال والاهانة والتراجع عن المكتسبات الديمقراطية ، وأمام حجم الاستهجان لتوجه المسؤولين عن إدارة التفاوض و الذين قبلوا بهذا المسار التراجعي الذي يهدد بدخول الحزب الى دهليز مظلم لا قدر الله و في انتظار الافراج عن حكومة العثماني وملابسات تشكيلها ليتضح لنا جليا الحجم الحقيقي للخسائر – وهي تتعدى كما لا يخفى على لطيف انتباهكم مجرد خسارة عدد من الحقائب الوزارية – ، في انتظار كل ذلك ، فانه مما يعين على الفهم وما يمَكِّنُ من استعادة التوازن وترتيب الخطوات اللازمة ورسم التوجه المستقبلي في مسار الإصلاح هو ان نقف بشكل مسؤول على حقيقة التفسيرات المفترضة التي يمكن الدفع بها امام المؤسسات والهيآت المسؤولة والحجج التي يمكن الإدلاء بها للمناضلين وعموم الرأي العام في محاولة لعقلنة هذا المشهد المروع ، علنا نظفر ب" فهم" او "جواب " للأسئلة المشرعة امامنا ، وفِي هذا السياق يبدو لي ومن باب الاستئناس ان الترويج لمقولة اننا نتعامل مع ملابسات " الظرف الدقيق" والتحدي الصعب الذي يفرض تعاملا خاصا و ان التجربة برمتها تعيش امتحانا صعبا في ظروف مشابهة لأجواء 16 ماي ، وذلك كمقدمة لتفهم حجم الضغوط المفسرة لما تم القبول به من اشتراطات ، تحتاج – هذه المقولة – لتمحيص ونظر ومسائلة على ضوء الافتراضات التالية : هل قرار التعامل مع موضوع تشكيل الحكومة بهذه المنهجية التي نسخت سابقتها هو نتاج منهج التعامل بمرونة مع "معطى موضوعي" وتهديد حقيقي قائم تم الكشف او التلميح به لمن قرر المضي في هذا المسار ؟ ام انه تعبير عن "خوف مستحكم " في النفوس سَجَن العقول و التقديرات في قفص مرحلة تاريخية وحيثيات من الماضي ؟ ام هو توظيف للسياق التراجعي قصد تبرير التنازلات غير المقبولة (…) من خلال "التخويف" من مغبة التمادي في التشبث بالمنهجية الاولى و التخويف من سطوة التحكم وقدرته على احداث أضرار بليغة بالمشروع ؟ ام ان هذا التوجه فرضته أمور ومعطيات أخرى لا نعلمها ؟ ام ان الامر هو مزيج من هذا وذاك؟ وفِي جميع الأحوال ، من الأفضل بل من المطلوب ان تكون محاولة الاقناع او الشرح – بعد ان يكشف الستار عن هذه المرحلة -والحجج التي سيتم تقديمها لتسويغ ما جرى تحترم عقول المناضلين والمناصرين الذين وضعوا أيديهم على قلوبهم خوفا على مصير حزب و حقهم ايضا في المشاركة في تحديد مسار تجربة لم تعد في ملك أبناء العدالة والتنمية وحدهم ، أدبيا على الاقل . و اخيراً ، قوة الحزب وصلابته من قوة قادته ومؤسساته ورموزه وقدرتهم على الوضوح والاقناع والافصاح ، كما ان وحدة الصف ليست فزاعة ترفع عند كل اختلاف في التقدير ، ولا هباء تذروها الرياح في كل منعطف … و للمراهنين على تصدع الصف و الفرقة و الانشقاق نذكرهم بالخيبات السابقة … ونردد النشيد : سقف بيت حديد وركنه حجر فاعصفي يا رياح و انتحب يا شجر واسبحي يا غيوم واهطلي بالمطر واقصفي يا رعود لست أخشى الخطر سقف بيتي حديد و ركن بيتي حجر"