لايمكن حصرأهمية المواقف السياسية لأي تحالف حكومي في منطقه النفوذي فقط، ، بل تتسع تلك الاهمية لتشمل منطقه الداخلي ومدى انسجامه وقابليته للاستيعاب والفهم ، لهذا عندما اتخذ عالم الفيزياء وأبي القنبلة الهيدروجينية الروسي "أندري زاخاروف " مواقف سياسية معاكسة لمجلِس النواب "الكرملين" أثارت هذه القضية ردودا في الوسط الثقافي والعلمي ، فقيل عنه : " إن الرجل قد يكون فذاً في علم الفيزياء لكنه ساذج في علم السياسة " . واليوم نسمع عبرالإعلام والصحافة من منتقذي رئيس الحكومة ذ . " عبد الإلاه بن كيران " آراء ومواقف حول ما يحدث داخل حكومته الائتلافية ، لكنها لم تكن على الطريقة الزاخاروفية ، بل هي من صميم الواقع الذي يعيشه ويعايشه المنتقذون داخل بلدهم المغرب. يرى بعض هؤلاء المنتقذين أن " عبد الإلاه بن كيران " بنا ائتلافا حكوميا لكن ما حدث أنه تشقق لينذرانه في طريق الإنهيارفوق رؤوس الجميع ، وهي رؤية علمية وفيزيائية رغم ظاهرها السياسي، فمن يريد بناء بيت أو مجمع سكني عليه أن يأخذ بحكمة الشاعر: سقف بيتي حديد *** ركن بيتي حجر فاعصفي يا رياح*** وانتحب ياشجر واسبحي ياغيوم *** واهطلي بالمطر واقصفي يارعود *** لست أخشى خطر سقف بيتي حديد *** ركن بيتي حجر ومعنى ذلك أن بناء حكومة يتطلب دراية معمقة بآليات البناء وبالتالي وجود ما يشبه خريطة طريق لمن سيجدون أنفسهم في صباح اليوم التالي في بناء حكومي له عدة قاعات و أبواب ونوافذ... ما حدث ويحدث من انسحاب لبعض الأطراف المكونة لبيت الحكومة وما سبقه من سب وشتم ثم تشكيك كان نتيجة منطقية لتغييب البوصلة ولا نقول غيابها . فالسياسي قبل أن يدخل مرحلة الديمقراطية يجب أن ينضج ويتحررمن ثقافة السذاجة السياسية كأن يسعى الى ضم حزب أو أحزاب سياسية الى ائتلافه الحكومي نزولا عند قرارات لا تناقش لكونها أتت من فوق، وليس بسبب البرنامج السياسي لهذا الحزب ومدى واقعية رؤاه للتغيير. وهذا ما يفرض علينا وبإلحاح أن يكون التوصيف ومن بعده التحليل لكل العواقب المصاحبة لأي ائتلاف حكومي توصيفا علمياً أو على الأقل له أسس علمية كي لا تتحول المسألة كلها إلى نسبية على طريقة السوفسطائيين بحيث يصبح لكل فرد داخل الحكومة الحق في أن يضع معياره الشخصي للخطأ والصواب والذي يصب في خدمة مصالحه الحزبية دون منفعة للشعب. مجَالات عدة في حياتنا السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية بنيت من دون أسس متينة يُرتكزعليها في البناء، لكن سرعان ما يتشقق جدار البناء ويتداعى ثم يقع على رؤوس الجميع، لأننا غالباً ما نطبق الأوامر فقط دون أن نعقل التبعات ، فالبناء العشوائي سهل وميسورلأي كائن، لكن غيرالميسورإلا لذوي التصور العلمي المتحرر من خوف التعاليم الفوقية هو: لا يمكن اعادة بناء بيت بحجارة مبنى مدمرأساسا، ما دامت تلك الحجارة يستحيل ترميمها وجعلها بديلا لما حذفناه ، بل أصبحت خارج معادلة الحياة . نحتاج كمغاربة في هذه الآونة الربيعية، التي لم تتفتح معها الأزهار تماماً ولم يحل الإخضرارتماماً، إلى استقراء منطقي ومنهج علمي كي لا تصبح الفوضى - وليتها الفوضى الخلاقة كما زعمت وزيرة خارجية أمريكا سابقا " كونزليزا رايس" - هي البديل ، والمؤسف هو أن الأصوات الأكثر عقلانية ومنطقا يتم تهميشها وحجبها بضجيج إعلامي فرض علينا عنوة صوتا مُنْكرا شبيه بصوت طبل أجوف . ما قاله المنتقذون فيزيائي بقدرما هو سياسي فمن يريد أن يبني بيتاً عليه أن يتجنب استعمال البْريك الشباطي. لست أدري كيف أن السيد " ابن كيران " لم يفطن الى هذا وهو الأستاذ سابقا لمادة الفيزياء!!؟