نتابع شريط وثائقي يوثق بالصورة لبلد الأضواء، أرض ڤولتير، روسو، و بومارشي. يظهر في الصورة، صفوف متراصة، من رجال مدججين بأحدث وسائل محاربة المظاهرات السلمية " الشغب". ثم أناس، رجال و نساء، شباب و شيوخ، يلبسون سترات صفراء، عزل، بحملون لافتات مكتوب عليها عبارات مختلفة تعبر عن مطالب شعبية اجتماعية. نصدم عندما نراهم يرمى بهم على الارض، توجه لهم لكمات متتابعة و متوالية، متعددة وفي مناطق مختلفة من الجسم. تتواصل لقطات الشريط، يظهر فخامة الرئيس، الشاب، المتباهي بقوامه، الرشيق، لعله آت من ليلة حمراء قضاها مع "حبيبة قلبه" ورفيقة دربه منذ صباه، و هو يقول : أجد البلد سلبي و يتحامل على نفسه. يسترسل الشريط بلكمة ثم لكمات على وجوه المتظاهرين، و هذا أحد الشرطيين و هو يوجه كلامه لاحدى المتظاهرات التي يكون سنها من سن أمه وهي تبتسم له كانها تقول له نحن نتظاهر من أجلكم أنتم كذلك، فيقول لها، نحن لنا في نفس المعسكر، و في آخر الصورة هناك أربعة من أفراد الشرطة بالزي المدني يحملون رجل من أطرافه الأربعة و يلقون به داخل سيارة شرطة و كانه خروف، كل هذا ونسمع صوت الرئيس يعلو و يصف المتظاهرين بالمتخاذلين "fenians " و تتوالى الضربات. يسترسل الشريط بشهادة لشخص ذو بشرة بيضاء، وجهه مشوه بالانتفاخ و الكدمات و الزرقة، يروي بحسرة و حرقة ما جرى. صورة أخرى أكثر بشاعة هاته المرة لشخص من أصل افريقي و هو يتلقى الضربات بعنف شديد و بطريقة مليئة بالحقد و الميز العنصر، وأخرى لسيدة في عقدها الرابع تعلو جبهتها اليسرى جروح، ثم لشابة في سنتها العشرين و قد فقدت عينها اليسرى في مظاهرة بمدينة الأنوار وسوف تقضي بقية حياتها بعاهة مستديمة، كل هذا و صوت فخامته يعلق على أنهم أناس لا يساوون أي شيء و أنه يجب على الإنسان الفرنسي الغولي " gaulois " أن يتقبل التغيير. هاته هي الصورة عن الدويلة التي تعتبر نفسها مثال في الحضارة و تعطينا دروس في حقوق الانسان ودروس في القانون و احترام الرأي الآخر وحرية العدالة. هاته هي الدويلة التي تعتبر مثال في الحداثة، هذه هي دويلة القرن الحادي و العشرين التي قال رئيسها انه لا يجب ان نتحدث عن تعامل الشرطة "بالعنف" لانه شيء عادي للمحافظة على القانون في دولة القانون.