الماط أيقونة الشمال : في غياب شبه جماعي لقنوات القطب العمومي ، وفي رحلة جماعية لملعب "النار والانتصار " كان فريق المغرب التطواني وحده في المعركة ؟ كم حز في نفسي أن يكون رئيس الفريق وحيدا في منصة اهتزت للهدف الأول وكأن أرض الحمامة البيضاء لا حق لها في البث المباشر وسماع النشيد ومتابعة الفرحة وشطحات اللاعبين . لهذا السبب استهوتني الممارسة أن أجرب حظي في الكتابة عن الكرة والفرح انتصارا لموطن الحمامة ووفاء لرغبة الأصدقاء ، من يعطينا السعادة نتماهى معه، ومن يدافع عن يقيننا نحترمه ، هذا هو الإحساس الذي أعطاه لاعبي الماط للجمهور العريض، لذلك هذا هو حال كرة القدم الظاهرة المتميزة، التي صاحبت المجتمعات المعاصرة على اختلاف انتماءاتها الثقافية والسياسية والدينية والجغرافية…. فليست هناك رياضة في هذا الكون لها هذا التأثير السحري والغريب على الأفراد والجماعات والأمم مثل كرة القدم. فالانفعالية القصوى والمثيرة التي تواكب التلقي والمشاهدة، هل بالفعل كرة القدم أفيون الشعوب؟ هذا التأثير الكبير على مشاعر الناس، حيث كانت ولا تزال بوابة الفرح والسعادة واستعادة المشاعر المكبوتة ، وسط الهالة الكبيرة من ضغوط الحياة وتراكمات الأزمات الاقتصادية والسياسية التي أصبحت هاجساً يسيطر على تفكير المغاربة في مختلف بقاع الوطن . هذا ما عشناه على التوالي في مبارتين مغربيتين حاسمتين : المغرب التطواني وسحر الكرة : علاقتي بكرة القدم علاقة مزاجية لا أريدها أن تتحكم في برامجي وأوقاتي ، بل غالبا ما أتابع المباراة المصيرية سواء تعلق الأمر بالبطولة الوطنية المغربية أو الليغا الإسبانية وبالتحديد الكلاسيكو بين الريال والبارصا. لذلك أنا عاشق للعبة والفرجة، أبحث عنها حيث أريدها، بطلب من الأصدقاء حيث نتابع المباراة في فضاء الحلم الذي نلتقي فيه حيث نناقش لكن لا تتحكم في اختيارات ، ربما هكذا أحس وأعتقد. هذه اللعبة تشد انتباهي، وأحيانا كثيرة أعصابي، لما فيها من سحر وجمالية وفرح وحزن. في مدينة تطوان يمنحنا المغرب التطواني هذه المتعة لسنوات متتالية ، بعد لقب البطولة الوطنية الاحترافية خلال موسمي 2012 و2014، فريق المغرب التطواني يحقق الأهم بهذا الإنجاز الغير المسبوق، لحظة النصر التاريخي الذي حققه على الأهلي المصري في مباراة حاسمة والتي نجح من خلالها مباراة ماراثونية أشبه بمسلسل حرق الأعصاب، لتفرح بعدها الجماهير التي انتظرت وفرحت ابتهاجاً واحتفالاً بذلك النصر والإنجاز. خاصة وأنه بهذا الإنجاز يكون فريق المغرب التطواني قد حجز للمرة الأولى في تاريخه مقعده في دوري المجموعات لمسابقة دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم . مسيرات الفرح التي اجتاحت مناطق وشوارع، وأجواء الإبتهاج التي سيطرت على الجماهير الشمالية ، لم يكن من السهل تحقيقها لولا كرة القدم التي أصبحت هي الوحيدة التي بإمكانها بث الفرحة في جميع بقاع الجهة الشمالية، الكرة هي الوحيدة التي تملك القدرة على أن تنسي الجماهير أحزانها ومشاكلها وأزماتها. كبوة الرجاء : لم يكن حظ الرجاء في اللحظة التي انتظرها المغاربة ، فريق الرجاء البيضاوي لعب ضد فريق سطيف الجزائري، حيث تأهل هذا الأخي على حساب الرجاء في ظروف غير رياضية مشحونة بخلفيات سياسية ونفسية قاسية، كالسلوك الذي أقدم عليه "السيد حمار" رئيس سطيف، ومن معه ضد مسؤولي فريق الرجاء الضيف ، سلوك يخدم جهة ما، غير الرياضة الجزائرية، ونعتقد أنه ليس من القيم الجزائرية العالية التي تربطنا بها علاقات الأخوية والمصير أن تناصر هذا السلوك الشاذ الذي لا يستفزنا أن ننتج تصرفات مماثلة. في المقابل لابد لنادي الرجاء والجامعة أن يسلكا المسار القانوني الذي تضمنه لهم قرارات وقوانين الكاف والفيفا، لاستعادة الحقوق وخاصة أن تم الاعتداء على الطاقم المغربي والجمهور المرافق للرجاء وعلينا أن لا نجاري لعبة فيلق "السيد حمار" رئيس فريق سطيف هذه المدينة التي يعرفها المغاربة من خلال كتابات الروائية الجزائرية الجميلة أحلام مستغانمي، وعليه، علينا أن لا نعلب لعبة السيد حمار حيث غايته الإساءة للمغرب وللجزائر معا. لذلك لم تكتمل فرحة الرجاء رغم الدعم الإعلامي والعتاد، فكانت ليلة فاتح ماي كيومها لم يكن فيه احتفال. ويذكر أن فريق الرجاء البيضاوي، ممثل كرة القدم المغربية الثاني في مسابقة دوري أبطال إفريقيا، كان قد خرج من دائرة المنافسة، بعد انهزامه، في دور ثمن النهاية إياب أمام مضيفه وفاق سطيف الجزائري الذي تعامل مع المباراة بمنطق النصر السياسي . هكذا هو حال الكرة مزاجها يتحكم في رهاناتنا تمنحنا الفرحة والحب والتسامح وتعمق مشاعر الإختلاف والبؤس عند من يتماهى مع شطحاتها . هنيئا للمغرب التطواني بهذا الإنجاز الهام وهنيئا لمجموعتي التي تناصر الفرجة والفرح لك حبيبي بوشتى ولكل عشاق المستديرة العقلاء .