يحق للناس أن ينعتوا الصحافي بالمخبر، فهو الذي يأتيهم بالأخبار، كما يحق للمخبر الصحافي طبعا، أن يعلن في الناس مصادر خبره أو يخفيها درءً لإحراجها، أو توريطها، أو بطلب منها، خاصة وأن قضايا محاكمة الصحافة بالمغرب منها ما انتهت فصولها بسجن المصدر والمخبر معا. والشكوك التي يطلقها النابهون حول ثلة من الصحافيين، وحول بعض الصحف، في علاقاتها بجهات أو أشخاص نافذين في صنع الحدث الصحفي، وسيناريوهاته، وتوجيه الرأي العام أو تضليله، – وإن شئت قلت – تنويره، وفق سياقات معينة، مردها إلى كون هذه الأقلام الفذة “أول من يسوق الخبر”، رغم أننا نعيش في بلد قد أطبق صناع قراره، كما مؤسساته العمومية والخاصة، وقيادات مجتمعه الصمت رهيبا على الملفات، والأرشيف والسجلات والأخبار، وكأننا أمام كواليس دامسة تكاد لا تلجها إلا عفاريت سليمان من الكتبة، بعيدا عن كل أعراف أو قوانين تنظم الحصول على المعلومة وقد أصبح فريق من القراء، مختصا في تمييز صحف، تنفرد عن الباقي بنشر ملفات، وأخبار تتسرب من أعلى الدواليب، والدواوين، والدهاليز، والأقبية والمخافر… فيتاح للناس أن يقرأوا، عناوين ومنشيطات عريضة من قبيل : “سري للغاية ” و”خاص بنا” و”فتح عظيم” و”نصر قريب” و”فراش الوزير” و”مرحاض السفير” و”من وصايا المرحوم” و”الكتاب الأسود الذي لم يكتمل” و”صفحات بيضاء في تاريخ الجلاد” و”الفتى الأحمر”. وتزداد شكوك الناس في الصحافيين، نقلة الخبر وفي صلاتهم، كلما بلغت جرأتهم مستوى التطاول على شخصيات، مجرد نطق أسمائها يفزع الذاكرة، ويكسر صورها النمطية في مخيلة الناس، فلا أجر الصحافي، يغري بدخول النزال ولا الحفاظ على السلامة البدنية مضمون في مثل هذه الحالات. ولا شك أن التعتيم والتحكم في صنابير الخبر، يفتح المجال على مصراعيه أمام صحافة الإشاعة، والإثارة والغرق في الإنشاء، والتحليل الافتراضي أو أمام اللجوء إلى التلفيق والكذب على “مصادر مطلعة” و”أخرى عليمة” و”أخرى رفضت ذكر اسمها” و”أخرى موثوق بها” و”بلغنا من الهند والسند”.. وإلا فإن الصحافة تُذْعِن مجبرة، وتساهم في تفجير قضايا وملفات وفق سياقات، وأجندات محسومة لصراع المصالح، والدفاع عن المواقع، واللوبيات التي تضمن للصحيفة الانتشار والإشهار والإعلانات والرضى. فيصبح الصحافيون بهذا المعنى، مجرد أدوات حظيت بالمودة والحب، ونسجت علاقة القرب، مع تلكم القضايا والوجوه المكرورة في الإعلام، كما لو أن البلد لم تنجب غيرها. ماذا يحدث إذن في بلد ينوي الانتقال لو فتحت مصادر الخبر؟ والتزم كل ممارس للشأن العام، بالتصريح ليس بالممتلكات فقط، بل بالأخبار والمواقف أيضا؟ ماذا لو أصدرت كل جهة أو “لوبي” واضحا نشرته وجريدته : حتى لا يردد الناس صحافي مخبر ولخبار ديما فراسو يمشط لقرع راسو هو عَانْدُو نَاسو