علن الاشتراكي بيدرو صانشيص اليوم 7 يونيو عن تشكيلة حكومته، وتُعتبر الحكومة الاسبانية الاولى التي يكاد يُضاعف عدد وزراءها من النساء، عدد الوزراء من الرجال (11 وزيرة من أصل 17 حقيبة)، هذا دون الاشارة إلى وزير الداخلية القاضي مارلاسكا الذي أعلن جهرا عن مِثليته ولم يتوانى في حفل تنصيبه عن تقديم الشكر لعائلته و لزوجه الذي كان حاضرا في حفل تسليم السلط. حكومة بهذا العدد من النساء الوزيرات، وبنائبة لرئيس الحكومة من الوزن الثقيل (الدستورية ماريا دي الكارمن كالفو) أطلقت عليها وسائل الاعلام الاسبانية تسمية “الحكومة النسائية الأولى” بعد أن كانت أول حكومة اشتراكية ترأسها فيليبي غونصاليص سنة 1982 تتألف فقط من الرجال. وأدّت نائبة رئيس الحكومة اليمين أمام الملك فيليبي السادس اليوم بقصر لاثارثويلا بالتزام الحفاظ على أسرار “مجلس الوزيرات” بدل أن تستعمل “مجلس الوزراء”، وهي التسمية التى استعملتها كل الوزيرات أثناء أداء اليمين، وكذلك بعض الوزراء. عبد الحميد البجوقي بتشكيل هذه الحكومة أصبح لرئيسها الاشتراكي بيدرو صانشيص السبق في كل شيء، 1 السبق في الفوز بأول ملتمس رقابة في تاريخ الديموقراطية الاسبانية، 2 السبق في تشكيل أول حكومة أغلب أعضائها من النساء في تاريخ اسبانيا وأغلب دول الاتحاد الاوروبي، 3 السبق في تشكيل أول حكومة أغلب أعضاءها من الكفاءات، 4 السبق في تشكيل أول حكومة اسبانية لا تملك أغلبية نيابية في الغرفتين، 5 السبق في تشكيل حكومة سياسية أغلب أعضائها من الكفاءات في زمن أطلقت عليه وسائل الإعلام الاسبانية زمن الكفاؤقراطية Competedocracia . ملفات شائكة تنتظر هذه الحكومة وفي مقدمتها ملف الانفصال في كاطالونيا، وملف التقاعد، وملف الحريات، وملف البطالة وأخرى خارجية تتعلق بمستقبل الاتحاد الاوروبي والعلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية والعلاقة مع شمال إفريقيا والشرق الأوسط. أغلب هذه الملفات وضعها الاشتراكي بيدرو صانشيص في يد نساء من العيار الثقيل مشهود لهن بالكفاءة وبالخبرة، وأغلبهن قادمات من قطاع العدالة والاقتصاد. مفارقات وخصوصيات الحكومة الجديدة تُنذِرُ بفترة عصيبة قادمة من تاريخ اسبانيا الديموقراطي، لكن المهم أن الجارة الايبيرية تعيش تحولات واهتزازات تدعو للإطمأنان على صحة النظام وعافيته. ورغم الميلاد القيصري الغير منتظر لهذه الحكومة، ورغم تشكيلتها النسائية المُثيرة للجدل، إلا أنها تركت ارتياحا لذى الراي العام الاسباني وبالخصوص في أوساط الغاضبين من الحكومة السابقة وفي مقدمتهم حركة المتقاعدين النشيطة، والحركة النسائية القوية، وخلّف تشكيل هذه الحكومة انتظارات أكثر من قدراتها الحقيقية بالنظر إلى هشاشة الفريق الاشتراكي الذي يدعمها(84 مقعد من 350 مقعد في البرلمان الاسباني) والرهينة بالتوافق اليومي حول كل التفاصيل مع بقية الفرق التي دعمت ملتمس سحب الثقة ضد راخوي(بوديموس و6 أحزاب جهوية) والمعارضة الشرسة المنتظرة من اليمين الشعبي وحليفه سيودادانوس(مواطنون) بقيادة ألبرت ريبيرا الذي يراهن على فشل الحكومة وضعفها واضطرارها المحتمل لانتخابات سابقة لأوانها تُعطيه فيها استطلاعات الرأي موقعا متقدما على الحزب الشعبي وتحقيق هدفه بخلافة الحزب الشعبي في زعامة اليمين الاسباني. على المستوى الخارجي تركت حكومة صانشيص انطباعا ايجابيا وصدى قويا في الاعلام الدولي حيث عنونت جريدة الموندو الفرنسية اليوم خبر تشكيل الحكومة الاسبانية بعنوان مثير ” اسبانيا بيد النساء”، وكذلك حظيت باهتمام كبير في الاعلام الالماني والبريطاني، وتصدّر خبر تشكيل حكومة اسبانية أغلبيتها من النساء عدد اليوم لجريدة نيويورك تايمس الأمريكية، كما كان الاهتمام كبير بتعيين جوزيف بوريل وزيرا للخارجية، ويعتبر بوريل شخصية من العيار الثقيل، يحظى بعلاقات واسعة في دول الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الأوروبية راكمها خلال رئاسته للبرلمان الأوروبي وتجربته الطويلة في التدبير الحكومي التي بدأت بمشاركته في حكومات فيليبي غونصاليص مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي. ويُنتظر أن تعرف العلاقات المغربية الاسبانية تطورا في ظل الاستمرارية ، وأن تستعيد مع الوزير الجديد الحيوية التي ميزتها في حكومة صاباطيرو وتفهُّما للملفات الشائكة، وبالأساس ملف الصحراء المغربية. كما يُنتظر أن تكون زيارة رئيس الحكومة الخارجية الأولى إلى المغرب، على غرار رؤساء الحكومات الاسبانية السابقة. السؤال الذي يتداوله الشارع الاسباني الآن ” هل تستطيع حكومة النساء أن تحقق ما عجزت عنه حكومات الرجال المتوالية؟”