يظهر أن تبعات ملف حزب البديل الحضاري ما تزال مستمرة ولن تقف عند حد رفض وزارة الداخلية لشرعية تأسيسه، وذلك بعد استئناف هذه الاخيرة الحكم الإداري الابتدائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، والقاضي برفض طلب وزارة الداخلية في الموضوع.
وبخصوص ما تداولته عدد من المنابر الإعلامية حول هذا الموضوع فأن البلاغ الصادر "عن ما يسمى ب "اللجنة التحضيرية لحزب الأمة"، والذي اتهم من خلاله المصالح الإدارية باتهامات مغرضة كان محكوما بخلفيات سياسية وبمبررات واهية.
ويرى أكثر من متتبع للشأن السياسي في المغرب أن السلطات المختصة تعاملت مع ملف تأسيس الحزب المذكور وفق ما تمليه الأحكام القانونية، حيث التزمت بكل الواجبات الملقاة على عاتقها كجهة إدارية معنية بتلقي ملفات التأسيس، بل إن إحالة الوزارة الوصية الملف المذكور على القضاء الإداري، كان مبعثه عدم قانونيته، هو نابع من حرص الدولة الشديد على ممارسة مهامها القانونية ومسؤوليتها في تدبير المساطر المؤطرة لعملية تأسيس الأحزاب السياسية.
فاللجوء لاستئناف الحكم الإداري الابتدائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط، والقاضي برفض طلب وزارة الداخلية في الموضوع، محكوم بقناعة راسخة بشأن جدية موقف المصالح المختصة الخالي من الملابسات السياسية، و إيمانها العميق بدور القضاء بمختلف درجاته في تجسيد المبادئ الشرعية و تثبيت الممارسة القانونية السليمة. فالقضاء يبقى الجهة المؤهلة للفصل في مثل هذه الملفات، وتبقى أحكامه ملزمة للجميع بما فيها الإدارة.
ويجب التذكير بأن وزارة الداخلية تحرص بأن تكون مصالحها تدبر كافة المساطر التي أوجبها القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية بشفافية واحترام تامين لمقتضياته، وبما تستلزمه دولة القانون والمؤسسات.
و للإشارة فإنه منذ بدء العمل بإطار قانوني خاص بالأحزاب السياسية، أي منذ سنة 2006، تأسست 9 أحزاب بعد استيفائها الإجراءات القانونية المطلوبة، في حين تمت إحالة ملفات 9 أحزاب أخرى على القضاء لمخالفتها المقتضيات القانونية المعمول بها، و قد تم تأييد موقف الوزارة بالحكم برفض تصريح التأسيس في جميع الملفات، ماعدا ملف واحد يهم "مشروع حزب الأمة"، ومازال ملف آخر قيد المسطرة القضائية.