وصلتنا رسالة من أحد المستفيدين من مأذونيات النقل التي تم كشفها من طرف وزير التجهيز والنقل السيد عبد العزيز رباح، والتي شكلت قنبلة الساعة نظرا لما تحمله من اسماء وازنة.
صاحب الرسالة حث على عدم إدراج إسمه نظرا لحساسية الملف و الظرف الذي نشرت فيه اللائحة. واليكم نص المقال الذي اختار صاحبه أن يمضيه بإسم مستعار وهذا من حقه.
بقلم عبد الكبير المدني
عملية الكشف عن لائحة المستفيذين من مأذونيات النقل التي قام بها وزير التجهيز والنقل عزيز الرباح، لا يمكن أن نصفها سوى بالبروباغاندا التي يلجأ إليها عادة السياسيون الفاشلون لتغطية عجزهم في بعض الملفات، فيحاولون إلهاء الشعب بعض الوقت في انتظار ما ستؤول إليه الأمور، لكنها أيضا وكما وصفها عبد الباري الزمزمي بأنها نوع من العبث، وحق أريد به باطل، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو ماذا سيستفيد المغاربة من كشف هذه اللائحة، وهل بإمكان الوزير الرباح سحبها ممن يستفيذون منها؟
الواضح أن القضية ليست سوى خبطة سياسية وفرقعة إعلامية جاءت في الوقت بدل الضائع، خصوصا أننا نعرف أن كثيرا من هذه المأذونيات تحولت إلى شركات تتعامل بدفتر تحملات واضح، وأن حتى المستفيدين منها فهموا أخيرا أن قطاع النقل تطور بشكل لم يعد مسموحا بمثل هذه الممارسات.
العملية في نهاية المطاف وراءها ما وراءها، فالحكومة ومنذ وصولها إلى الحكم، وهي تسعى تارة إلى التملق للشعب بأمور إشهارية لإثارة العواطف، واستدرار العطف الإنتخابي، وهي جزء من الشعبوية المقيتة التي انخرط فيها وزراء العدالة والتنمية، مع أن الشعب لا ينتظر منهم هذا العبث، بل ينتظر منهم الإصلاح، وليس أن يجلس هذا في داره أو يمشي للفران، فهذا لا يخدم الشعب.
ويذهب كثير من المهتمين أن الغرض من هذه العملية هو الإثارة فقط، وأن عملية الكشف عن الرخص هي من أجل الإثارة تملقا للجمهور وإرضائه بأمور تافهة.
ومن هنا يطرح السؤال، حول الإضافة التي سيأتي بها قرار كشف اللائحة، وهل هناك إجراءات أخرى ستعقب هذه العملية من أجل إعادة توزيع هذه الرخص على من يستحقها، أو إلغاؤها وهذا أضعف الإيمان، وبالتالي فإن الاكتفاء بنواقض الوضوء لا ينفع المؤمن في شيء، لأن نشر اللائحة لا بد أن تترتب عنها آثار، وإلا تحولت إلى مجرد عملية استعراضية لتغطية كبت داخلي يعاني منه حزب العدالة والتنمية، وكما يقول المغاربة "ما قدش على الشواري وتشطر على البردعة".
إن محاربة الفساد يجب أن يكون في سياق ربط المحاسبة بالمسؤولية، وأن تكون هناك إجراءات حقيقية، وليس مجرد فرقعات يرمي بها كل يوم وزير من العدالة والتنمية، في وقت يغض فيه بنكيران الطرف عن سلوكات وممارسات يندى لها الجبين وتضرب في العمق دولة حقوق الإنسان.
قد نكون مع الرباح فيما قام به، لو أن لديه فعلا الجرأة والشجاعة لكشف بقية الأسماء المستفيدة، وليس فقط مجرد عملية تصفية حسابات سياسية مع أطراف ظلت تكن العداء للحزب، فليس في القنافذ أملس وإذا كانت هناك فعلا رغبة حقيقية للإصلاح فيجب أن يبدأ الإصلاح من أمام عتبة البيت بقطع دابر اقتصاد الريع، أما ما يقوم به اليوم فهو مجرد مسرحية ماجنة لن تحل مشاكل المغرب، بل ستزيد من متاعبه لأنه سيكون مقدمة حقيقية نحو فتنة كانت خامدة، يقول الحديث الشريف "الفتنة نار خامدة لعن الله موقدها".
وبالجملة فإن مسرحية كشف لائحة مأذونيات النقل مملة ومخرجها فاشل.