'دير لاين' و'بوريل' يؤكدان التزام الاتحاد الأوروبي بعلاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها انسجاما مع مبدأ 'العقد شريعة المتعاقدين'    وزير الشؤون الخارجية الإسباني يدافع عن الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ويؤكد إرادة الحفاظ عليها    الخارجية المغربية ترد على قرار محكمة العدل الأوروبية بالغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    أساتذة الطب ينددون بحملة التشهير    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    عشرات الوقفات الاحتجاجية بالمدن المغربية رفضا للتطبيع وتنديدا بالجرائم الصهيونية في فلسطين ولبنان    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    إيران: خامنئي يؤكد في خطبة الجمعة أن إسرائيل لن تنتصر قط على حزب الله وحماس    باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    وزارة الخارجية: المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    الجمع العادي للمنطقة الصناعية بطنجة برئاسة الشماع يصادق بالإجماع على تقريريه الأدبي والمالي.. وإشادة كبيرة بالعمل المنجز    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    محكمة أوروبية تصدم المغرب بقرار إلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    محكمة العدل الأوروبية تصدر قرارا نهائيا بإلغاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبشع عمليات القتل والذبح التي نفذها بوليساريو في حق المغاربة
نشر في شعب بريس يوم 05 - 12 - 2010


حوادث الدم لبناء جمهورية الوهم

كان أول ما تبادر إلى أذهان من شاهدوا شريط ذبح رجل من القوات المساعدة في أحداث العيون على أيدي بعض الانفصاليين هو تلك الصور المماثلة لتنظيم القاعدة وهو يجز أعناق رهائنه المصاحب بالتهليل والتكبير، إذ لا فرق بين العمليتين الدمويتين، سوى في طريقة وزاوية التصوير، فتنظيم القاعدة ينفذ عملياته بمعزل عن أعين الناس، بينما عصابات بوليساريو، لجأت إلى نفس الطريقة لكن أمام حشود من المواطنين بالعيون، مع النطق بعبارة التكبير، وزغاريد النساء، أهو أسلوب "جهادي" آخر، عززت به بوليساريو ترسانة عملياتها في القتل المستوردة من أعماق الوحشية؟ أم أنها السادية المطلقة، المنطلقة من كراهية هؤلاء لمغرب حر ينعم باستقرار مثالي بالنسبة لبلدان الجوار؟
في هذا الملف حاولت "المشعل" الوقوف عند حدود خط التمتس الفاصل بين تنظيمين دمويين، القاعدة وبوليسارو، كما نقبت في أرشيف هذا الأخير عن أبشع أساليب القتل، من ذبح وحرق ودفن المختطفين وهم أحياء، عبر سيرورة زمنية، عنوانها "كرونولوجيا الدم في بناء جمهورية الوهم".

بوليساريو: الوجه الآخر لتنظيم القاعدة في أحداث العيون

همجيون... وحشيون، مصاصو دماء... كانت هذه بعض الأوصاف التي انطلقت بعفوية على ألسنة أهالي ساكنة مدينة العيون وآخرين من مختلف مدن الملكة، وهم يشاهدون عمليات التخريب وحرق الممتلكات وذبح المواطنين من طرف أفراد من عصابات بوليساريو في أحداث 8 نونبر بالعيون، لكن مهما اختلفت الأوصاف حول الطريقة التي قتل بها عناصر من مرتزقة تندوف بعض رجال الأمن وكذا كيفية بقر البطون ونحر الأعناق والتبول على جثث شهداء الواجب الوطني بالعيون، إلا أن هناك وصفا آخر أصدق أنباء من تلك السيوف والسواطير التي كانت نفوس هؤلاء لا تهدأ دون رؤيتها ملطخة بالدماء.

والملاحظ حول طريقة ذبح ستة من عناصر رجال الأمن المغربي من طرف بعض قتلة بوليساريو، أن هناك تطابقا يصل إلى حد التماهي مع كيفية الذبح التي باتت تنهجها بعض عناصر تنظيم القاعدة في حق الرهائن أو من تعتبرهم مخالفين لمبادئها "الجهادية"، سواء في أفغانستان وباكستان والعراق، أو في بلاد المغرب الإسلامي جنوب شرق الجزائر، هذا الأسلوب الإرهابي الذي استوردته عصابات بوليساريو من جارها الشقيق تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يتزعمه أبو مصعب عبد الودود، لفت انتباه حزب الأصالة والمعاصرة، الذي عقد اجتماعا طارئا على خلفية أحداث العيون ثلاثة أيام بعد اندلاعها، ليصف طريقة الذبح التي نفذتها عناصر بوليساريو في صفوف ستة من رجال الأمن المغربي ب"الزرقاوية"، نسبة إلى زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين "أبو مصعب الزرقاوي"، وهي الطريقة التي تعتمد على الذبح من الوريد إلى الوريد خلف ألوية مطرزة بعبارة التوحيد.

لذلك نقلت بعض المصادر أن بعض عناصر بوليساريو همت أثناء تنفيذ الأسلوب "الكانيبالي" في ذبح شهداء الواجب الوطني في أحداث العيون بنطق عبارة التكبير (الله أكبر)، وهو ما يعزز فرضية اقتباس بوليساريو سيناريو الذبح من تنظيم القاعدة، الأمر الذي بات يهدد استقرار منطقة هي أشبه بلغم في قلب المغرب العربي بشمال إفريقيا.

ولكي لا نتيه في دوامة روابط القرابة بين التنظيمين اللذين يتحركان في الرمال الجزائرية المتحركة، سنعرج على أبشع أساليب القتل والذبح التي نفذتها عصابات بوليساريو في حق الجنود والمدنيين المغاربة، سواء الأسرى أو المختطفين إبان عمليات الكر والفر التي نشطت خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي على الحدود المغربية-الجزائرية، على أساس الإمعان في التطور التدريجي للأساليب "الكانيبالية" التي استوردتها الفصائل الانفصالية من كوبا لتستقر في نهاية المطاف على الطريقة الزرقاوية التي يباشرها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جنوب شرق الجزائر.

السادية الدفينة في التكوين النفسي لعصابات بوليساريو

يحتفظ كثير من الجنود المغاربة الذين صدوا هجمات عصابات بوليساريو خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في إطار الحرب المفتوحة بين الجانبين، قبل تطبيق اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1991، بمشاهد حية حول وحشية عناصر بوليساريو في القتل، كما تختزن ذاكرة مئات المغاربة الفارين أو العائدين من جحيم تندوف إلى أرض الوطن سيناريوهات مماثلة أكثر دموية من تلك التي يتفنن مخرجو "هوليود" في إبداعها، لإيصال صورة السادية أثناء الحروب المؤرخة لأبشع الجرائم ضد الإنسانية، منها مثلا، حسب أحد الفارين من جحيم سجون بوليساريو المنتمي لقبيلة مجاط، أنه في سنة 1982، جرى اختطاف مجموعة من المدنيين بالصحراء ليتم الزج بهم في سجن "الرشيد" بتندوف، وخلال تواجده بهذا المعتقل الرهيب، شهد كيف قطع حد جلادي بوليساريو ذراع سجين مغربي من جهة الكتف وراح يضرب بها السجناء الآخرين، قصد زرع بذور الخوف والرهبة في أنفسهم، أو كما حكى آخرون ممن نجوا بأعجوبة جراء تعذيبهم في سجون بوليساريو، أن بعض الجلادين كانوا يقتلون بعض المغاربة المختطفين، بأساليب تعذيب جد متطورة، وفي نهاية المطاف يتبولون على جثتهم بأعصاب باردة، هذا الأسلوب الهمجي ظل من المبادئ الأساسية في تكوين عصابات بوليساريو ليطفو من جديد خلال أحداث العيون، حيث اقتنصت عدسات الكاميرا السادية الدفينة في التكوين النفسي للانفصاليين وهو يتبولون على جثث بعض شهداء الواجب الوطني.

وضع أسطوانة حديدية تزن 200 كلغ على ظهرالمحتجزين حتى الموت

يصف أحد المغاربة الذين تم اختطافهم على مقربة من الحدود الشرقية للمملكة سنة 1980، طريقة قتل بشعة كان ينفذها عناصر من عصابات بوليساريو في حق المغاربة المختطفين، الرافضين الانضمام إلى صفوفهم، ففي إطار إحدى عمليات التعذيب المستوردة من أمريكا اللاتينية، تخر وتضعف عناصر بوليساريو بالضرب، ويتم لفه في غطاء، حيث يتوجهون به إلى مكان مخصص للقتل بطرق غاية في البشاعة، يقول هذا المعتقل الذي قضى ردحا من الزمن في أقبية سجون بوليساريو: "يقومون بربط يديه ورجليه ووجهه مدفون في الرمل، ويضعون فوق ظهره أسطوانة حديدية يتعدى طولها مترا وعرضها ثلاثين سنتيميترا، ووزنها حوالي مائتي كيلوغرام... في الصباح تنقل الجثة المتعفنة بسبب الفضلات وبول الضحايا ويلفونها بغطاء، ثم يضعونها في سيارة من نوع "لاندروفير"يركبون السيارة ززجزههم ملثمة ثم يتوجهون لدفنها دون ترك أي أثر لهذه العملية".

ثلاثون رصاصة في الرأس

سادية هؤلاء امتدت إلى محاولة ضبط المختطفين المغاربة، من خلال قتل بعضهم أمام أعينهم، هذه العملية تكررت مرات عديدة، كما ورد في شهادات بعض الهاربين من حفر بوليساريو، أحد هؤلاء أشار في وصفه لطريقة قتل بعض الأبرياء، أنه في أحد الأيام التي تلت اختطاف مجموعة من المغاربة، جرى إخراجهم من مكان الاحتجاز، وجمع جل الأسرى أمام عصابة من عصابات المرتزقة، كانوا ملثمين ومسلحين بالعصي والسكاكين وهم في حالة استنفار قصوى، يصف مصدرنا المشهد: "أخرجوا من مجموعتنا أحد المغاربة من قبيلة أولاد بوكرفة... وأمام أعين جميع السجناء (المختطفين)... تم رميه بالرصاص... وما أكثر الطلقات التي أصابت جسمه ورأسه"، هذه الحادثة الهيتشكوكية أكدها أحد المعتقلين السابقين بسجون بوليساريو المنتمي لقبيلة "أزركيين" في إحدى شهاداته، قائلا: "اخرجوا واحدا منا وأوقفوه أمامنا، وكان الحراس الذين يحيطون بنا جميعهم ملثمين ومسلحين... وقام الجلاد "سالم ربيع" بتصويب رشاشه نحو الضحية... وأطلق عليه 30 طلقة أصابت جميع أجزاء جسمه، والأكثر إصابة كان رأسه... سقط بيننا ليأمرنا الجلاد (ربيع) بجره وحرقه..."، أسلوب من هذا النوع الموغل ي الوحشية والكراهية، عاد من جديد في إحداث مدينة العيون قصد بعث الرعب، حيث تم نقل وذبح بعض رجال الأمن والقوات المساعدة والوقاية المدنية أما أعين الناس. وهو ما جعل كثيرا من الصحراويين يرفضون أن يتعايشوا مستقبلا مع من وصفوهم بآكلي لحوم البشر، جراء طريقتهم "القاعدية" في القتل.

دفنوهم في حفرة جماعية وهم أحياء

هناك طريقة أخرى لا تقل رعبا من سابقاتها، إذ تردد على ألسنة العديد من ضحايا تندوف أن بعض عناصر بوليساريو كانوا يأخذون بعض المعتقلين المغاربة، لإرغامهم تحت سياط التعذيب على حفر قبورهم وهم أحياء، ومن ثمة إجبارهم على الانبطاح داخلها، آنذاك يصبح مصيرهم متعلقا بمزاجية الحراس، إذ يشرعون في إطلاق الرصاص بشكل عشوائي نحو الحفر وغالبا ما تردي المعتقلين قتلى داخل قبورهم، وكما حكى آخرون، أنه في بعض الأحيان يتم دفنهم وهم أحياء يرزقون قصد تخويف الآخرين، في هذا الإطار يقول أحد الناجين من هذه العملية، المنتمي لقبيلة "آيت لحسن": "... في درجات أعلى من التعذيب يتم إخراجي إلى الخلاء وأجبر على حفر قبر ثم أمتد بداخله، ويقوم أحدهم بإطلاق وابل من الرصاص تجاه القبر.. ثم يسألني هل ما زلت على قيد الحياة...؟!"، وعن طريقة دفن ميلشيات بوليساريو لمعتقلين أحياء، يتذكر محمود المنتمي لقبيلة "أهل الله"، حادثة جرت وقائعها في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي بتندوف "كان من مجموعة المعتقلين من أصيبوا بعاهات دائمة جراء التعذيب، وحتى لا بفتضح أمر بوليساريو ويكون هؤلاء شهادة حية على أعمالهم، جمعوهم وألقوهم في حفرة جماعية ووضعوا عليهم التراب وهم "أحياء"، يقول محمود.

إحراق الناس وهم أحياء يرزقون

"ليس هناك أكثر بشاعة من حرق الإنسان وهو حي يرزق"، يقول جندي مغربي متقاعد، وحسب هذا الأخير، في إطار الأخبار التي كانت تتداول بين الجنود المغاربة المرابطين على الحدود الجنوبية، كان البعض يصف مشاهد أكثر وحشة حول بعض الحالات الشاذة التي كان عناصر بوليساريو ينفذونها في حق كل مغربي صادفوه في طريقهم قبل إنشاء الجدار العازل على الحدود المغربية – الجزائرية، راعيا كان أو مدنيا أعزل، إذ كان بعض الجنود يعثرون في كثير من الأحيان على مواطن مذبوح بواسطة ساطور مع حرق بعض أطرافه لإثارة الخوف في صفوف الجنود، كما كانوا يعثرون أحيانا على مغاربة مصلوبين وهم أموات أو محروقين وهم جلوس أو في وضعية يتخيل للآتي من بعيد على أنهم أحياء، وحسب أحد المهتمين بعمليات بوليساريو على الأراضي المغربية خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن المنصرم، فإن عناصر بوليساريو، كانت أكثر بشاعة في تقتيلها للبشر، ولم تكن تحترم في حربها المزعومة "أدبيات الحرب"، حيث كانت تعتمد –خصوصا قبل بناء الجدار الرملي- على عمليات خاطفة، تقتل، تذبح، تحرق وتخرب كل ما صادفته أمامها، بشرا كان بعض هؤلاء الانفصاليين كانوا يفوقون تنظيم القاعدة الذي يعتمد في قتله على النحر والتفجير الذاتي، في تقتيل بعض الجنود أو المدنيين الصحراويين، إذ كانوا إلى جانب أساليبهم "الفايكينغية" في القتل، يلجؤون إلى عملية تسمى "الحازوقة"، وهي تعتمد على غرس عصا في بدر المختطف أو المحتجز وهو حي، ليخرجوها من نحره، ومن ثمة تركه واقفا بواسطة العصا على الرمال. منذ بناء الجدار الأمني وتوق الجيس المغربي في ساحة المعركة نقلت ميلشيات بوليساريو عملياتها في التقتيل والذبح والحرق إلى داخل سجون المخيمات".

وعن طريقه القتل بالحرق، وصف عبد الله لماني الذي اختطف من مدينة طاطا سنة 1980 من طرف ملثمين تابعين لبوليساريو، عملية تجاوزت الحرق التقليدي الذي يعتمد على النار أو الكي، فحسب شهادته المؤرخة لتفاصيل دقيقة من جحيم تندوف، فقد جرى ذات يوم صيفي حار من شهر يوليوز سنة 1981، ربط أيدي ثلاثة معتقلين مغاربة من أرجلهم، ورميهم وسط ساحة أرضها حارقة بفعل حرارة الشمس من طرف اثنين من عناصر بوليساريو، وكانت الحرارة –حسب عبد الله- تفوق 45 درجة في الظل كما لا يمكن لأحد المشي حافيا على أرض الساحة، سيما وأن حجرها الأسود كان حارقا ويبدو كما لو أنه قذيفة بركانية، يقول عبد الله: "عندما ألقيت أجساد الثلاثة على الأرض المحرقة ظلوا يتقلبون رغم قيودهم من جهة لأخرى كأنهم أسماك حية رميت في مقلاة مليئة بالزيت... المعذبون كانوا يصرخون ويصيحون بدون انقطاع... وبعد انقطاع الصياح رأيت (أحدهم) منعدم الحركة، كان ملقى على بطنه وشاهدت بوضوح عضلات ظهره وفخديه في حركة تصلب شديد قبل أن يرتخي جسده".

عندما سد الجيش المغربي منافذ الاختراق في وجه ميلشيات بوليساريو راحوا ينتقمون من المغاربة المحتجزين لديهم بتندوف من خلال أساليب جد مقززة في القتل، فذات يوم، يقول أحد المختطفين من "اولاد دليم" من طرف عصابات بوليساريو سنة 1978: "خلال مقامي بالمعتقل عايشت موت العديد من المحتجزين منهم (م.ل.و.م) الذي مات بين يدي بعد أن عذبوه شر تعذيب، ثم أخذوه مني ووضعوه داخل غطاء، ثم صبوا عليه البنزين وأحرقوه"، في نفس السياق يعود عبد الله لماني لتسليط الضوء على ظاهرة حرق المحتجزين وهم أحياء، حيث شاهد بعد خروجه من مكان حبسه بأمر من حارس برج المراقبة، جنديا مغربيا شابا ببذلته دون حذاء ملقى على الأرض محاطا بثلاثة عناصر من عصابات بوليساريو، أحدهم يحمل مسدسا وآخر منهم يصب قنينة من خمس لترات من سائل على صدر الجندي المغربي وأشعل به النار رغم صده من طرف رفاقه، "كنت بعيدا عندما رأيت الجندي الشاب ينقلب والنيران تلتهم جسده وأحدهم يحاول إطفاء النار برمي الرمال عليه". يقول عبد اله "ظاهرة الحرق امتدت منذ تلك السنوات إلى 8 نونبر الأخير خلال أحداث العيون، إذ لحسن حظ المواطنين بهذه المدينة الصحراوية، أنهم لم يحرقوا بلهيب الزجاجات الحارقة وقنينات الغاز، التي اعتمدتها العناصر الانفصالية في التخريب وفي مواجهة رجال الأمن، إذ يقتصر الأمر على الممتلكات من سيارات ومحلات ومقرات إدارية خاصة".

الأسلوب الزرقاوي في عمليات بوليساريو

حسب بعض المعلومات المستقاة من جنود سابقين بالأقاليم الجنوبية، أنه خلال العمليات الخاطفة التي كان بعض عناصر بوليساريو ينفذونها من حين لآخر في حق أهالي الصحراء، كان الانفصاليون يعتمدون على سواطير (شواقر) لقتل المواطنين أثناء هجوماتهم، وأحيانا تكون بحوزتهم سكاكين عريضة السمك، كتلك التي يجني بها أبناء أمريكا اللاتينية الموز أو يقطعون بها الحشائش الأمازونية، وغالبا ما كانوا يتركون بصمات جد بشعة على أجساد الضحايا، إضافة إلى ذلك كانوا إذا أسروا جنديا مغربيا، ورفض الانصياع لأوامرهم أو إفشاء بعض الأسرار الأمنية، يشقون فخديه بسواطير أو سكاكين، ويدخلون يديه وسط جروحه الدامية، ثم يخيطون الفخدين، ليبدو كما لو أنه وضع يديه في جيب سرواله العسكري ومن ثمة قتله رميا بالرصاص أو نحره بواسطة (شاقور) أو سكين، هذه الطريقة البشعة كانت تنفذ أيضا داخل سجون مخيمات تندوف في حق المحتجزين المغاربة، وذلك حسب شهادات بعض المفرج عنهم، أحد هؤلاء –وفقا لحكايته- شاهد كيف قتل أحد عناصر بوليساريو بسادية مطلقة أحد "ولاد الدليم" بسجن بوكرفة بتندوف، حيث عمد إلى قطع جسده بطريقة تفوق الأسلوب "الزرقاوي" في القتل، إذ وهو حي لجأ إلى قطع جسده بواسطة سكين حاد إلى أربعة أطراف بدم بارد أمام أعين المحتجزين.
إن بوليساريو أضافت إلى أساليبها في القتل المستوردة من كوبا، أسلوبا آخر ذا طابع "جهادي"، مستعار من جيرانهم في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، الدرع الأكثر نشاطا ودموية في محور تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن، بالإضافة إلى قاعدة بلاد..

عبد الله لماني
إلى جانب الذبح، كانت عصابات بوليساريو تحرق الناس وهم أحياء

- خلال السنوات التي قضيتها في سجون بوليساريو، والتعذيب الذي مورس عليك إلى جانب المحتجزين المغاربة، حدثنا عن أساليب القتل التي كانت عصابات بوليساريو تنفذها في حق المحتجزين؟
- لا يمكن حصر عمليات القتل وطرقها، بحيث أي صورة قد تسقط في مخيلة المرء حول كيفية القتل وبشاعة تنفيذه، قامت بها عناصر بوليساريو، "أي طريقة ديال القتل ممكن تتخيلها، قامو بها"، لقد استفادوا من تاريخ العتاة والمجرمين، وكذا تاريخ التعذيب والتقتيل عبر الزمن، ونفذوه في حقنا بسجون تندوف، إذ أن هناك طرقا في القتل تعتمد على التعذيب الجسدي، وأخرى ترتكز على التعذيب النفسي، بمعنى آخر أن كل وسائل التعذيب والتقتيل التي كنا نسمع عنها في أمريكا الاتينية، أو تلك التي برزت خلال الحرب العالمية الثانية أو أساليب القتل الصينية والستالينية في صقيع سيبريا جرى استعمالها في جنوب تندوف، إذ كانوا قد تلقوا تدريبات بالجزائر، كما لم تكن هذه الطرق تنفذ في حقنا نحن الأسرى فحسب، الذين ينتمي غالبيتنا إلى سمال المغرب، بل كانوا يقتلون حتى الصحراويين المنتمين للأقاليم الجنوبية، كما شمل القتل الموريتانيين والماليين، لذلك، فقبل اندلاع أحداث العيون، وانطلاقا من تجربة 23 سنة بسجون تندوف، "شميت" رائحة بوليساريو والمخابرات الجزائرية في تلك الأحداث.

- تحدث بعض الفارين أو العائدين من جحيم تندوف عن طرق للقتل غاية في البشاعة، كقتل المحتجزين والمختطفين بالذبح أو الحرق أو دفنهم وهم أحياء، هل رأيت مثل هذه الصور؟
- هناك في تندوف، تظل جميع طرق القتل مباحة، سواء بالذبح أو إحراق الناس وهو أحياء، مغاربة من الشمال أو الجنوب، خصوصا أولئك الذين رفضوا الانضمام
هناك في تندوف، تظل جميع طرق القتل مباحة، سواء بالذبح أو إحراق الناس وهم أحياء، مغاربة من الشمال أو الجنوب، خصوصا أولئك الذين رفضوا الانضمام إلى صفوف بوليساريو، لذلك فهناك حالات أخرى كدفن الناس وهم أحياء، فمثلا هناك رجل ينتمي لمدينة بوجدور يدعى "محمد سالم" تم دفنه حيا في جنوب تندوف.

- هل يمكن القول إن هذه الأساليب الغريبة في القتل كانت بعض عصابات بوليساريو تتدرب عليها في المعسكرات الكوبية؟
- عرف عنهم أنهم كانوا يتلقون تدريباتهم في كوبا، بحيث كانت هناك عناصر بالمخيمات يسمونها ب"عناصر الأمن"، لكن مصطلح الأمن مجرد تعبير خفيف، بحيث كانوا في واقع الأمن عناصر خاصة في التقتيل بأبشع طرقه، كانوا يتدربون في كوبا والجزائر. وقد شاهدت أيضا سنة 1986 مجموعة من عناصر الشبيبة الإسلامية يتلقون تدريباتهم بالقرب من السجن الذي كنت محتجزا به (سجن الرابوني) وهناك كانوا يتمرنون على القيام بعمليات إرهابية موجهة ضد المغرب، وقد جرى إلقاء القبض عليهم في نفس السنة ببلادنا.

- أعود بك إلى طريقة تنفيذ عناصر من بوليساريو عمليات الذبح في حق ستة من أفراد الأمن في أحداث العيون، البعض ربط بين تلك الطرق بأخرى تحترفها بعض التنظيمات الإرهابية، بحكم تجربتك هل يمكن الربط بين الأسلوبين؟
- معروف أن الجزائر تظل مهد وعش الإرهاب، ففي أواخر الستينات من القرن الماضي كانت جل العمليات التي تهم اختطاف الطائرات، يتم توجيهها من طرف الإرهابيين إلى الجزائر العاصمة وبعد ذلك يفلتون من العقاب، وما يسمى اليوم بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أنا متأكد بأنه من صنع الجزائر، لأنه سبق للجزائريين أن زرعوا في الجنوب جبهة التحرير "أساواد" التي كانت تطالب بتحرير شمال مالي، إذ كانوا يتكلفون بتدريب عناصرها وتسليحهم، لذلك فالإرهاب النشيط في شمال إفريقيا وما رأيناه مؤخرا، مصدره هو السلطات الجزائرية.
وبالنسبة لطريقة الذبح التي جرت في العيون فهي ليست جديدة، بحيث كانوا يستعملونها من قبل.

- من خلال حديثك إلى بعض الجنود المغاربة المحتجزين آنذاك بتندوف، هل حكى لك بعضهم هن ظاهرة الذبح في حق المدنيين والجنود، أو بعض العمليات مثل "الحازوقة"... أثناء هجومات عصابات بوليساريو قبل إنشاء الجدار العازل.
- أساليب القتل البشعة كانت تتم تحت ذريعة "العنف الثوري"، بحيث كانوا إذا قبضوا على شخص ما يذبحونه، ثم يقطعونه إلى أطراف، أو يجزون أذنيه ويضعوهما في فمه، أو يجدعون أنفه، كما كانوا يعتمدون أسلوبا آخر أكثر بشاعة، كشق فخد الأسير ووضع يديه داخل الجرح، كما لو أنها جيوب، بل أحيانا يفتحون فخذيه من الجانبين ويضعون داخلها النقود، لقد كانوا يشوهون الجثث أيما تشويه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.