تفاجأ الجزائريون هذه الأيام بقرارات غير منتظرة، تهم الزيادة في بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، كالخبز الذي يُعد المادة الأكثر استهلاكا في البلاد. واهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الاثنين، بالجدل الذي أثارته أزمة سعر الخبز والتي تكشف بدورها عن الأزمة التي تمس القدرة الشرائية في الظرفية الجديدة، الناجمة عن انهيار أسعار المحروقات وزعزعة استقرار الخزينة العمومية في الدور التقليدي الذي تضطلع به ممثلا في الدعم المكثف للمواد والخدمات التي يتم استهلاكها على نطاق واسع.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة (الوطن) أن الدولة اختارت الاستمرار في سياستها لدعم الأسعار، التي تم تعديلها بشكل طفيف، ولكن مع مخاطر تفاقم عجز المالية العمومية، الذي سيتم سده عبر اللجوء إلى طباعة الأوراق المالية، موضحة أن هذا الحل ندد به جميع الخبراء بسبب عدم ارتكازه على أي انتاج للمواد والخدمات، كما أنه يتسبب بقوة في التضخم إلى حد يقضي معه على القدرة الشرائية للأسر ومالية المقاولات، التي تواجه، من جهة أخرى، تراجع قيمة الدينار.
من جهتها، كتبت صحيفة (لوكوتيديان دو وهران) أنه في انتظار رد فعل الحكومة بخصوص الزيادة في سعر الخبر المقررة من جانب واحد من طرف المخابز من 10 إلى 15 دينار، يتواصل الجدل حول هذا الموضوع.
وأضافت أنه بعد الدعوة للمقاطعة التي أطلقتها الجمعية الجزائرية لحماية المستهلكين وتنديد الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين بهذه الزيادة واصفين إياها ب"غير القانونية"، جاء الدور على الفدرالية الجزائرية للمستهلكين، التي دعت إلى تنظيم اجتماع يضم ممثلي الحكومة وأصحاب المخابز وممثلي جمعيات المستهلكين من أجل مناقشة سعر وجودة الخبز حول مائدة واحدة.
وشددت الفدرالية على مسألة جودة الخبر الأبيض الذي يتم بيعه في المخابز والذي لا يستجيب، بحسبها، للمعايير، معتبرة أن هذا النوع من الخبز يمثل حاليا مشكلا حقيقيا للصحة العمومية جراء المشاكل التي يتسبب فيها استهلاكه بشكل مفرط، محذرة من أن ما يتم بيعه للمستهلك هو خبز سيء الجودة لا تستجيب مكوناته للمعايير والذي لا تتجاوز مدة حفظه 4 ساعات، مسجلة أنه من أجل ضمان جودة المنتوج يتعين على الحكومة أن تعد بطاقة تقنية للمكونات العضوية والكيميائية للخبز، وكذا لكافة الوسائل التقنية المستعملة لتحسين هذا المنتوج.
من جانبها، ذكرت صحيفة (الشروق) أنه أمام ارتفاع تكاليف انتاج الخبز، لجأ أصحاب المخابز بشكل أحادي إلى الزيادة في سعر الخبز، موضحة أنهم دقوا ناقوس الخطر في مناسبات عدة، وعلى الأقل أولئك الذين ظلوا يمارسون مهنة صناعة "الخبز العادي"، فالذين لم يغلقوا محلاتهم تحولوا إلى صناعة الحلويات التي تدر مداخيل أكبر أو صناعة الخبز "المحسن" الذي يتم بيعه بأسعار حرة.
بدورها، كتبت صحيفة (ليبيرتي) أن الخبز يلخص فخ الدعم الذي طوق به النظام نفسه دون توقع الوسيلة للخروج منه.
أما صحيفة (لومتان دالجيري) فأكدت أنه حينما نلقي نظرة على أزمة الخبر هذه، يصعب علينا تصديق أن الجزائر تخرج من فترة طويلة من الوفرة، والتي حولتها، في سنوات قليلة، إلى مجتمع هاجسه الأول هو الاستهلاك.
وأضافت أن القرار الذي اتخذه العديد من الحرفيين، عبر التراب الوطني، بالزيادة في أسعار الخبز إلى 15 دينار عوض 10 دنانير، اعتبارا من فاتح دجنبر، أثار العديد من ردود الفعل، بدءا بوزير التجارة، محمد بن مرادي، الذي وصفه هذه الزيادة، في تصريح للصحافة، ب"غير القانونية".