سعيد الريفي عرفت ظاهرة إضرام النار في الأجساد انتشارا ملفتا للانتباه منذ انتحار البوعزيزي بتونس. وتستحق هذه الظاهرة اهتماما من طرف المحللين السياسيين وعلماء الاجتماع وذلك للوقوف حول أسبابها وتسليط الضوء على دواعي اللجوء إلى هذا الشكل من الاحتجاج على الأوضاع الاجتماعية والأزمات المختلفة التي لا يخلو منها أي مجتمع. إن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي يتخبط فيها المواطن المغربي جديرة بالقضاء على الشعب قاطبة إذا ما سلكنا هذا المنحى المتمثل في إحراق الذات، إذ أن كل المواطنين يعانون من الأزمة بشكل من الأشكال، إلا أنهم يواجهون ذلك بأشكال حضارية بعيدا عن البهرجة والرغبة في الإشهار وخلق الحدث الإعلامي عن طريق المزايدات السياسوية والشعارات الشعبوية التي تحاول الهروب من الواقع بدل مواجهته والانخراط في سيرورة التغيير التي يعرفها المغرب. إن اللجوء إلى حرق الذات قد جربه الكثير من الأشخاص سواء في المغرب آو خارجه، إلا أن الأسباب والدواعي تختلف كما أن ظروف وسياق الحدث تختلف من بلد إلى آخر. وإذا كان البوعزيزي قد أشعل نار الثورة في تونس فإن ذلك نتيجة تراكم عدة أسباب منها ما هو خاص بطبيعة النظام بتونس وبقابلية ومدى وعي بالشعب التونسي كما أن هنا ما هو مرتبط بالظرفية الدولية ومواقف القوى المؤثرة في القرار الدولي. والإحاطة بهذه المعطيات يجعلنا نقول إن كل من يقدم على إحراق نفسه ليس بالضرورة بوعزيزي آخر كما أن كل الدول مشابهة لتونس، بالإضافة إلى أن عملية إحراق الذات ليست مقبولة لا شرعا ولا قانونا ولا أخلاقيا..