إن أقصى ما يحلم به الأشخاص الذين يعيشون اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD)، هو محو الذكريات المؤلمة، لذا فقد توصل باحثون من جامعة بنسلفانيا، مؤخرا إلى ما يعتقدون أنه ربما يحول ذلك الحلم إلى حقيقة، وفقا لما نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية. فقد حدد العلماء إنزيما في المخ يمثل عنصرا محوريا بالغ الأهمية في تخزين الذكريات على المدى الطويل.
وفي حين أن ذلك الإنزيم لم تُجر دراسته حتى الآن إلا على الفئران، فإن الباحثين متفائلون أنه يمكن استخدامه مستقبلا لمحو الذكريات المؤلمة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة.
تخليق بروتينات وأظهرت الدراسات السابقة أن تكوين ذاكرة جديدة وتخزين ذاكرة قديمة يحتاج إلى تخليق البروتينات في منطقة بالمخ معروفة باسم "المشبك"، حيث تلتقي الخلايا العصبية.
ولكن تشكيل هذه الذكريات يتطلب أيضا التعبير عن الجينات في نواة الخلية، حيث يتم تخزين الحمض النووي كما يتم "قراءة" الجينات للسماح للخلايا بأداء وظائف معينة.
واكتشف الباحثون إنزيما رئيسيا في أمخاخ الفئران يعمل داخل النواة لوضع الجينات في حالة التشغيل أو الإيقاف عندما تتكون ذكريات جديدة.
ويقول الدكتور شيلي بيرغر، المؤلف الرئيسي للدراسة: يمثل هذا الإنزيم، المسمى "الأسيتيل كوا سينثيتاز 2، أو ACSS2"، الوقود الذي يشغل الخلايا العصبية المسؤولة عن جينات الذاكرة.
وبحسب ما صرح به الباحثون، تقدم الدراسة أملا جديدا في علاج الاضطرابات مثل القلق والاكتئاب، خاصة إذا كان ذلك مرتبطا بالعامل الوراثي.
فعندما تتشكل الذكريات، تتم إعادة هيكلة "المشبك"، وهي عملية يتم التحكم فيها عن طريق التعبير عن مجموعة من جينات الذاكرة.
إضعاف الذكريات طويلة الأمد وفي هذه الدراسة، وجد الباحثون أن الجين ACSS2 يرتبط بجينات الذاكرة.
وعند النظر إلى تكون الذكريات عند الفئران، وجد الفريق أن خفض مستويات الجين ACSS2 نتج عنه انخفاض في جينات الذاكرة، وبالتالي منع تشكيل الذكريات طويلة الأجل.
وخلال إحدى التجارب، لم تولِ مجموعة الفئران، ذات المستويات المنخفضة من ذلك الإنزيم، اهتماما بمكان كرة كانوا قد رأوها في اليوم السابق، في حين أبدت المجموعة الثانية من الفئران، ذات المستويات العادية من الإنزيم، اهتماما بها.
ويوضح دكتور ميوس أنه من دون الجين ACSS2، لم تستطع الفئران أن تستخدم جينات الذاكرة لاسترجاع معلومة تم تخزينها في وقت سابق.
ويأمل الفريق البحثي في تطبيق هذا المسار لمنع تكوين ذكريات مؤلمة لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، وذلك عن طريق كبح جماح الجين ACSS2 في المخ.