شعب بريس- محمد بوداري نجح العقيد القذافي في الكذب على الليبيين، ومعهم جل العالم، لمدة تفوق على 35 سنة، وذلك عندما ادعى أن ابنته بالتبني، هناء القذافي، قد قتلت على إثر الغارة الأمريكية على مجمع العزيزية في عام 1986. وكانت صورة الجثة قد نقلها صحفي أميركي في ذلك الوقت، رغم أن الكثيرين لم يفهموا لماذا ابنة الزعيم بيضاء البشرة مثل الثلج... إلا أن التقرير الذي قدمه البنك السري الذي قام بتجميد أموال القذافي و23 من المقربين منه، أوضح وجود اسم غير معروف لشابة من مواليد 11 نوفمبر 1985 بطرابلس، تدعى هناء القذافي، لها حساب جار في البنوك السويسرية، متخم بملايين الدولارات. وكان القذافي قد أعلن عن استشهادها وهي رضيعة، تبلغ من العمر بضعة أشهر، على إثر العدوان على ليبيا عام 1986 ، مع الإشارة إلى أن البنوك السويسرية لا يمكنها أن تفتح أرصدة لموتى، لأن حضورهم وإمضاءاتهم ضرورية.. وسبق لوكالة الأنباء الصينية في السادس من جوان 1999، أن نقلت صور معمر القذافي وزوجته صفية رفقة ابنتيه عائشة المعروفة وهناء، وهما يتناولون الغذاء مع الزعيم الإفريقي الأسطورة نلسن مانديلا، داخل خيمة القذافي في طرابلس.. وهو ما جعل الصينيين والسويسريين يؤكدون أن الابنة التي بكاها الشعب الليبي وحولها إلى أسطورة، وعمل باسمها الزعيم الليبي، تعيش مع والدها وتسافر معه أحيانا باسم مستعار كحارسة خصوصية، وهو ما جعله محاطا باستمرار بالنساء والشابات، حتى تبقى ابنته هناء التي تبناها منذ ولادتها إلى جانبه في كل سفرياته. وكان القذافي يزايد على كل من يتحدث عن مقاومة الصهيونية ومحاربة الامبريالية الأمريكية ويعطي المثل باستشهاد ابنته في هذا السبيل. وهكذا عندما تحدث السيد حسن نصر الله عن ابنه الذي استشهد في لبنان على يد الصهاينة، رد الزعيم الليبي، معمر القذافي، بأنه كان أول زعيم عربي يفقد ابنته، هناء القذافي، أثناء القصف الأمريكي على باب العزيزية في عام 1986.
وأكدت وثائق تم العثور عليها الخميس الماضي بباب العزيزية أن طائرات الجيش الأمريكي بريئة من قتل هناء القذافي التي كان عمرها 6 أشهر يوم "مصرعها" بالغارة الشهيرة على مقر العقيد. وتعتبر هذه الوثائق دليلا حاسما، يثبت الوجود الحالي لهناء على قيد الحياة. ومن الوثائق شهادة من المجلس الثقافي البريطاني في طرابلس الغرب تفيد بإكمالها دورة باللغة الإنكليزية مدتها 55 يوما انتهت في 19 يوليو 2007 ووقعتها مديرة الدورة زبيدة شيباني.
كما هناك وثيقة ثانية، وهي استمارة دخولها أحد امتحانات كلية الطب في جامعة الفاتح بطرابلس، حيث درست، وعليها اسمها ورقم مقعدها في قاعة الامتحان، والوثيقة هي غلاف أجوبتها في 3 أكتوبر 2005 على أسئلة اختبار، وعلى الغلاف اسمها: هناء معمر القذافي.
وأهم وثيقة هي صورة واضحة لها تظهر فيها بلباس الأطباء البيضاء وعليها اسمها، إضافة إلى صورتين تبدو في إحداهما بالحجاب وهي بين 18 و20 سنة والى جانبها عائشة القذافي يحيط بهما 8 أشخاص آخرين. أما الثانية فلها وهي مراهقة قرب ناقة ناخت على الأرض، وراحت تلامس رأسها، وبدت فيها شبيهة بصورتها وهي مراهقة مع مانديلا عند مائدة الغداء.
وعثروا أيضا على ظرف بريدي كتب عليه سفير الجماهيرية لأربع سنوات بدءا من 2001 في لندن، محمد بلقاسم زوي، والذي أصبح رئيسا لمؤتمر الشعب العام (البرلمان) في العام الماضي، اسم من وجه إليها الرسالة: غرفة 510- الآنسة هناء معمر القذافي، ثم كتب يتمنى لها هو وزوجته إقامة سعيدة في لندن. كما تم العثور على بطاقة بريدية كتبتها من روما فتاة اسمها كاتيا، إلى هناء القذافي، غرفة 140 "فندق الرئيس ويلسون" بجنيف. بعد 25 سنة من الكذب ظهرت حقيقة القذافي الذي لم يكتفي بقمع وتشريد الشعب الليبي بل تفنن في اختلاق الأكاذيب والحكايات التي أراد من خلالها استدرار عطف الجماهير وكسب تأييد العالم له في صراعه مع طواحن الهواء، والتغطية على الجرائم التي يرتكبها يوميا في حق الشعب الليبي وكل ذلك لإشباع نزواته ورغباته التي اكتشف الثوار ومعهم كل العالم حجم الثمن الذي أداه الليبيون ثمنا لإرضائها.