كشفت مصادر صحفية جزائرية، أن آثار الزلزال العنيف الذي ضرب بلدية الميهوب، أقصى شرق المدية والمناطق المجاورة لها، شهر ماي الماضي، ما تزال تلقي بظلالها على سكان المنطقة المنكوبين الذين لم يستأنفوا لحد الساعة حياتهم الطبيعية، بعد أن تشرّدوا طيلة شهر رمضان في خيام انعدمت فيها أدنى شروط الحياة، بينما لا تزال أشغال الترميم تسير بوتيرة جد بطيئة.. وأوردت جريدة الخبر"، في ريبورتاج لها اليوم شهادات بعض المتضررين، حيث لم يجد السيد علي، أحد المنكوبين من سكان قرية الميهوب، مكانا يستر فيه نفسه رفقة زوجته وأبنائه الأربعة سوى مستودع لتربية الدواجن، وبنبرات حسرة روى للجريدة معاناته اليومية بعد الزلزال قائلا: "أغلب أغراضي المنزلية دفنت تحت الأنقاض بعد تحطم البيت، قضينا شهر رمضان نعيش تحت رحمة المحسنين ننتظر القوافل التضامنية القادمة من البلديات والولايات المجاورة، بغض النظر عن الفوضى التي سادت عمليات توزيع المساعدات".
صرخة المنكوبين: "ما مصيرنا بعد انقضاء رمضان!"
ولم يخف السيد علي، حسب ذات الجريدة، خوفه من توقف مساعدات الجمعيات الخيرية والهلال الأحمر الجزائري التي تعوّدوا عليها طيلة شهر رمضان في ظل البطء الشديد الذي تسير به وتيرة أشغال الترميم، حيق يقول: "لولا هؤلاء المحسنين لكانت الكارثة أكبر من الزلزال ولا أحد من السلطة يلتفت إلينا سوى بعض الخيم والأفرشة التي تم توزيعها عبر المناطق الحضرية، أما المساعدات الأخرى فهي شبه غائبة من السلطات رغم الجولات الماراطونية والزيارات الاستعراضية للمسؤولين"، التي لم تكن حسب أغلب من تحدثت الجريدة إليهم في المستوى المطلوب ولم تخرج عن خانة الدعاية الإعلامية فقط.
ورغم توفير الهلال الأحمر لما يقارب 200 وجبة إفطار يوميا خلال شهر رمضان، لكنها لم تكن لتشمل الجميع، حسب ما صرح به منكوب آخر من المنطقة قبل أن يضيف "خاصة النساء اللواتي لا يقدرن بحكم تقاليد المنطقة على مزاحمة الرجال في الخيم التي تم نصبها للإفطار الجماعي".
السلطة تستعرض عضلاتها
قصة عمي علي ليست إلا نموذجاً لمعاناة الآلاف من المنكوبين الذين يعيشون حياة بدائية غابت فيها أدنى متطلبات العيش من مياه الشرب والغسيل والخوف من انتشار الأمراض والأوبئة، خصوصا مع موجة الحر الشديد التي اجتاحت أغلب مناطق الوطن.
لقد كشف الزلزال عن الوجه الخفي لمأساة كان يعيشها قرابة 12 ألف مواطن ببلدية الميهوب، وعرّى سياسة الإهمال والتهميش التي طالما انتهجتها الحكومة إزاء سكان أرياف المنطقة، وقال أحد المنكوبين في تصريح للجريدة متهكما: "لولا الزلزال لما تشرفت هذه البقعة المنسية بزيارة لأحد هؤلاء المسؤولين ليكتشفوا بأم أعينهم حقيقة المعاناة التي كان يعيشها السكان قبل الزلزال، وزادت حدة هذه المأساة بعد أن أصبح أكثر من ربع سكان المنطقة منكوبين".
حالة ترقب
وقول الجريدة إنها عايشت منذ الأيام الأولى للزلزال، الأوضاع المأساوية التي يعيشها المتضررون من الزلزال الذي شمل مناطق واسعة في كل من بلديات الميهوب، العزيزية، تابلاط، مزغنة، القلب الكبير، مغراوة، سيدي الربيع وبني سليمان. وكانت أبرز البلديات المتضررة هي الميهوب، التي ما تزال بعض القرى بها المعزولة تماماً عن العالم والواقعة في أعالي الجبال، على غرار المطارفة، القعدة، الخلايفية، اولاد سميدة، اولاد بومناد، اولاد العوفي، الشماليل، اولاد اعمر، اولاد دحمان، سنقوة واولاد عزة وغيرها، في حين بقي العشرات يجوبون الشوارع وينامون في العراء انتظارا لوصول المساعدات وأهمها الخيام.
ولا تزال المنطقة تتعرض لعشرات الهزات الارتدادية، آخرها سجلت يوم أول أمس، بدرجة 5.3 على سلم ريشتر، مما جعل الناس يعيشون حالات من الرعب دفعتهم للنوم في الساحات العمومية خوفا من تكرار المأساة، مما شجّع على تنظيم قوافل ترحيلية من الريف إلى المدن بحثاً عن الأمان وعن المساعدات هروبا من التشرد.