شعب بريس - متابعة أسلحة نارية وملثمون وحوادث سطو مسلح، قنابل مهربة، قتلى وجرحى بالرصاص أجواء رعب حقيقي تخيم على صيف المغرب، فهل هي مؤشرات على تطور الجريمة بالمغرب، أم إشارة على اختراق واسع النطاق لعصابات تهريب السلاح نحو المغرب ؟
كيفما كان الجواب فشعور القلق بين المواطنين وحتى المصالح الأمنية نفسها كبير من تنامي الظاهرة، لكن الأجهزة الأمنية مدعوة وبسرعة لتطوير أسلوب أدائها من خلال خطة استباقية ممنهجة ومحكمة للتصدي للجريمة المسلحة.
ولى زمن السيوف والسكاكين، وحاملو الأسلحة البيضاء باتوا من الماضي، أشبه بجنود الجيوش العتيقة، يواجهون المدافع الرشاشة بالسيوف والحراب. “المجرمون الجدد” أصبحوا يستخدمون دراجات سريعة ومسدسات أوتوماتيكية أو بنادق، يصدرون طلقات مركزة نحو أهداف محددة، ثم يبارحون مسرح الجريمة في لمح البصر.
الصيف الجاري كان ” ناريا” بمعنى الكلمة، وحوادث إطلاق النار غطت مدن الرباطالدارالبيضاء، وجدة، جرادة ، إفران، مراكش، الناظور، طنجة بشكل يثير القلق و يدق ناقوس خطر قادم.
سواء من حيث الدوافع الإجرامية أو الرقعة الجغرافية، لكن السؤال الأهم الذي يطرحه الرأي العام اليوم، لا يتعلق بالدوافع الإجرامية للجناة فقط، وإنما مصادر الأسلحة المستعملة، طالما أن حمل السلاح محظور في المغرب، فمن أين دخلت كل هذه الأسلحة؟
الجواب قد تكشفه تقارير الأجهزة الأمنية، لكن قراءة بسيطة للحوادث السابقة، تكشف أنه ليست بينها علاقة جامعة إنما هي حوادث متفرقة، وإن كان من خيط رفيع يربط بينها، هو أنها في نسبة كبيرة من فعل مهاجرين مغاربة بأوربا، وقعوا تحت إغراء «الرصاص الحي » لفض نزاعاتهم وتصفية حساباتهم الشخصية، أو تحقيق أطماع مادية وفق نماذج مقتبسة من عصابات المافيا.
الحديث عن طيش الشباب المغاربة العائدين من أوربا، لا يمكن أن يحجب خطرا أكبر، وتحديا حقيقيا لا مفر من مواجهته، تجسده العناصر الإرهابية المنتمية لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، وعناصر البوليساريو وشبكات التهريب وقبائل الطوارق التي تنشط جنوب الصحراء.
التي بات تحالفها مع مافيات الكوكايين بأمريكا اللاتينية، وعصابات ترويج الأسلحة بالقارة الإفريقية مكشوفا، دون إغفال الخطر الذي تشكله الأوضاع غير المستقرة في ليبيا على أمن دول المنطقة ككل.
منذ تفكيك خلية امغالا نجح التنسيق الأمني بين ثلاثة تشكيلات مختلفة القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والقوات المساعدة، من توقيف ثلاثة عصابات لتهريب السلاح على مقربة من الجدار الأمني خلال ستة شهور فقط. وتشديد الخناق على عصابات تهريب السلاح التي تنشط على طول الجدار الأمني ، وتهدف العملية إلى تطهير الجدار الأمني من كل عصابات تهريب الأسلحة ،إذ تنشط هذه العصابات في المنطقة الفاصلة بين ” ميجك” و”الزويرات” هذه الشبكات تستغل منطقة “ميجك” كمنطقة آمنة لإخفاء السلاح والمخدرات.
و في تقارير منشورة في موقع ويكيليكس، صادرة عن السفارة الأمريكيةبالجزائر في الثاني من ديسمبر 2009 ومرسلة إلى وزارة الخارجية الاسبانية، بينت أن التنسيق الأمني المغربي الاسباني خلال السنوات الأخيرة، خصوصا بمنطقة جبل طارق أدى إلى تراجع ملحوظ لتهريب المخدرات بمختلف أصنافها إلى أوروبا، لكنه دفع كذلك بمافيا المخدرات إلى تحويل مسار تهريبها من المغرب إلى الجزائر عبر بلدان جنوب الصحراء وكذا الشواطئ الجنوبية للمغرب.
وكانت الأجهزة الأمنية في دولة مالي اعتقلت في شهر دجنبر الماضي عناصر شبكة لتهريب المخدرات تضم سبعة عناصر، أربعة منهم ينحدرون من مخيمات تندوف، بالإضافة إلى طيار فرنسي ثبت تورطه في قيادة طائرة من نوع بوينغ 727، كانت محملة بكميات مهمة من الكوكايين وقادمة من فنزويلا.
وسقطت بمنطقة شمال مالي، قبل أن يعمد مستعملوها إلى حرقها وإخفاء هيكلها وسط الرمال، و قد أثبتت تقارير مكتب الأممالمتحدة لمحاربة التهريب والمخدرات هذه الوقائع، التقارير نفسها لا تخفي التنسيق الواضح بين مافيا الكوكايين وتهريب الأسلحة إلى نفس الأسواق التي توجه لها المخدرات.
إن تقارير عديدة لدول غربية تشير إلى حجم الأسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش الليبي التي ستباع في السوق السوداء لإرهابيين وتجار سلاح ومهربين في الساحل.
يأتي هذا موازاة مع سعي عدة دول في منطقة الساحل إلى الحيلولة دون وصول بعض الأسلحة المتطورة إلى الإرهابيين وتسعى نفس التقارير لتقييم الأوضاع العسكرية في ليبيا، ومدى الضرر الأمني الذي يلحقه تسرب كميات ضخمة من الأسلحة، المنهوبة من معسكرات الجيش الليبي، بالأمن في الصحراء والساحل وباقي دول المنطقة.