إن المتتبع لمسار العلاقات الألمانية المغربية سيلمس حقيقة مدى تطورها وما سجلته من تقدم على جميع المستويات في عهد جلالة الملك محمد السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين. فجلالة الملك وضمن حرصه المتواصل على توثيق علاقات المغرب مع العديد من الدول، شكلت ألمانيا، جزءا من هذا الاهتمام عبر إقامة حوار متعدد المناحي يعزز الروابط بين البلدين ويفتح آفاق واعدة للتعاون.
وما "إعلان الرباط " الذي تم التوقيع عليه بين البلدين في سنة 2013 إلا ثمرة هذا التواصل الذي يترجم إرادة الجانبين في تعميق العلاقات ومواصلة تطويرها سواء اقتصاديا أو سياسيا أو ثقافيا.
واعتبارا لما يوليه المغرب من أهمية لخصوصياته الثقافية والحضارية، في حواره مع الآخر، احتضنت مدن ألمانية عددا من التظاهرات من معارض وندوات ولقاءات وحلقات نقاش، لامست مختلف أوجه ثقافة المغرب المتعدد، ساهمت في تنظيمها الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة، ووزارة الثقافة والعديد من المؤسسات المغربية المهتمة بهذا الشأن، بشراكة وتنسيق مع سفارة المملكة ببرلين ، فكان لهذا الحوار صدى في الاعلام الألماني خصوصا ولدى الألمان عموما.
وتجسدت إرادة البلدين في تعميق العلاقات، أيضا في قطاعات أخرى تنطوي على بحث فرص استثمارية يأتي في مقدمتها قطاع الطاقة المتجددة بفضل الإمكانيات الطبيعية التي يوفرها المغرب والخبرات التكنولوجية الواسعة التي تحظى بها ألمانيا إضافة إلى قطاعات كالتكوين المهني والفلاحة.
واستحضر سفير المملكة بألمانيا عمر زنيبر خلال تطرقه لعلاقات البلدين، عددا من المبادرات والزيارات التي كان آخرها زيارة عمل التي قام بها وزير الخارجية السيد فرانك فالتر شتاينماير في شهر يناير الماضي ، تميزت باستقباله من قبل جلالة الملك محمد السادس.
وأبرز أن زيارة شتاينماير الذي رافقه خلالها وفد هام ضم رجال أعمال وبرلمانيين ومسؤولين في الحكومة، شكلت مناسبة لتجديد إرادة البلدين في تعزيز الشراكة والإعلان عن خطوات جديدة تعزز التعاون الثنائي وترسخ الحوار السياسي.
وأشار زنيبر في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى أن أهمية الحوار السياسي بين الرباط وبرلين تجلى بوضوح في اللقاءات المبرمجة سنويا بين رئيسي دبلوماسية البلدين ، وفي زيارات العمل المكثفة المتبادلة بين وفود البرلمان الألماني والبرلمان المغربي بغرفتيه .
كما يظهر تطور العلاقات ومواصلة الرقي بمستواها، وفق زنيبر، في ارتفاع عدد الطلبة المغاربة وانفتاحهم أكثر على الجامعات والمعاهد العليا الألمانية إذ وصل عددهم حاليا إلى 8000 طالب في مختلف التخصصات مشيرا إلى أن هذا الاقبال سيدعم علاقات البلدين في مجال البحث العلمي .
وأكد أن زيادة الاهتمام بالمغرب من قبل ألمانيا في السنوات الاخيرة جاء بفضل ما لمسه الألمان بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم ومواقعهم، ما حققته المملكة في عهد جلالة الملك، وما أصبح يحظى به من مصداقية في المجتمع الدولي بفضل مواقفه الثابتة واستقراره.
وأبرز أن الألمان لمسوا أيضا أن المغرب بلد لا يشكل فقط جسرا بين أوروبا وأفريقيا ، بل بلد فاعل سواء على مستوى حواره مع دول الجوار، أو في علاقاته الاستراتيجية مع دول الاتحاد الأوروبي من ضمنها ألمانيا، وبلد فاعل في مواجهة معضلات أمنية مرتبطة بظواهر الارهاب ، والهجرة السرية التي تؤثر على دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط .
وأشار إلى أن هذه العوامل مجتمعة جعلت المغرب يضع ضمن أولوياته تطوير علاقاته مع ألمانيا التي عادت بقوة إلى الساحة الدولية إذ تتطلع إلى لعب دور محوري في قضايا هامة كالمناخ ، وعمليات حفظ السلام والأمن في مناطق توتر عدة منها بلدان بأفريقيا .
والمغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس المتبصرة، يضيف زنيبر، يلعب دورا نشيطا في كل هذه القضايا مجتمعة، بدعم قوي من ألمانيا.