"لأننا هرمنا هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية" كلما تكرر أمامي هذا المقطع من ذلك الرجل التونسي الحر، أشعر بالعجز عن رد الجميل لأنه نبهنا نحن المعطلين إلى خطورة الانتظار، و لحسن حظنا فرؤوسنا و إن اشتعلت شيبا و غزاها الصلع من شتى الجهات، و ظهرت التجاعيد و تساقطت الأسنان قبل أوانها، فعلى الأقل لازالت عروقنا تنبض شبابا و فتوة تفجرت ينابيعها في المسيرات و الوقفات عبر شوارع المدينة و إداراتها، تارة في شكل شموع ستحرق قلوب كل مسؤول يتجاهل أو يماطل، و تارة أخرى في شكل أكفان و نعوش كناية عن أن نضالنا سيقبر أي محاولة لوأده. إبداعات لا تنتهي.. قد تبدو في عين من لا يرى أبعد من أنفه يأسا و تعبير من لا حيلة له و لا قوة، و لكنها تتجلى لمن اعتاد الغوص إلى أعماق الأحداث تحديا و شموخا أمام طغيان أصحاب النفوذ و السلطة، شموخ و اتحاد يؤرقهم بالليل و يسدل على نهارهم سحب حيرة و ترقب مستقبل ستسطع فيه شموس و إن بدت اليوم للناظرين شموعا خافتة تحترق، نعم ستسطع أشعتها مظهرة حقارة كل من تستر أو نافق أو تزلف، بل حتى من ثبط عزائم المعطلين سيناله نصيب مما كسبت يداه و سيقول يا ليتني.. أيها السادة إنا باقون في الشوارع و الأزقة ما بقيت بطالتنا، باقون لأننا سنساءل من الأجيال اللاحقة عن بصماتنا في هذه اللحظات التاريخية، و هي تقرأ عن بطل تونسي اسمه البوعزيزي انتفض لأنه مس في لقمة عيشه. باقون لأننا نرفض العمل بوظائف تستنزف عقولنا مقابل أجور زهيدة من رب عمل يعتبرها مجرد إكراميات منه، لأنه يدرك أن لا بديل أمامنا غير القبول بشروطه المجحفة، أو الموت جوعا و قهرا. أيها السادة إنا وجدنا في الشوارع حضنا حنونا لم يضق بنا و بآهاتنا، و لن نقبل بغيره بديلا إلا عملا محترما يحفظ لنا ماء وجوهنا الذي أريق من طرف السلطة بين أرجل الشامتين . باقون لأننا أخيرا وجدنا ذواتنا بعد حياة التشرد و التيه .. ذوات اختلفت مشاربها و إيديولوجياتها و اجتمعت تحت اسم واحد "معطل". ناديم خالد عن لجنة الإعلام و التكوين لحركة 7 فبراير لمعطلي الرشيدية