تعتبر المراكز الجهوية للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي مكونا أساسيا من مكونات تجويد منظومة التربية والتكوين، لمساهمتها الفعالة في تطوير الخبرة التربوية للأطر التعليمية وإرساء ثقافة بيداغوجية وديداكتيكية منفتحة على كل المستجدات التي يشهدها الحقل التربوي، ما ينعكس إيجابا على الحياة المدرسية والارتقاء بها إلى أعلى الدرجات مع تعزيز الأنشطة الداعمة للجودة وتشجيع انفتاح المدرسة على محيطها. ولتقريب الصورة حول أهمية المراكز الجديدة، حاورت الصباح التربوي محمد بوقدير رئيس مصلحة التوثيق والتنشيط التربوي الذي أكد أهمية إنشاء مراكز جهوية للتوثيق والتنشيط والإنتاج التربوي لبحثها المتواصل سبل تجويد منظومة التربية والتكوين وبحثها الدائم عن البلسم الشافي من الاعتلالات التي تصيب منظومتنا التعليمية. في إطار تنفيذ بنود المخطط الاستعجالي سيما مشروع E1P8 وتفعيل المذكرة الوزارية 179 التي تدعو إلى إرساء بنيات البحث التربوي على الصعيد الجهوي، وضعت الأكاديمية مخطط عمل يقضي تكليف المنسق الجهوي لمختبر البحث التربوي، وتكليف مسؤول إداري على وحدة البحث التربوي مع إصدار مذكرة خاصة بالأكاديمية تحث المعنيين على العمل ضمن خلية البحث التربوي وانتقاء أعضاء الفرق البحث التربوي التي بلغت بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة تادلا أزيلال 13 فريقا يضم جميع التخصصات، مع إحداث فريق خاص يشتغل على الإدارة التربوية بمركز تكوين المعلمين وتشخيص حاجيات الجهة في مجال البحث التربوي، إذ تم تحديد 80 موضوعا يشمل محاور «ديداكتيك الحياة المدرسية وعلوم التربية وتكنولوجيا الإعلام والتواصل وحكامة الإدارة التربوية» كما تم تخصيص يوم عمل دراسي، يقول محمد بوقدير، لفائدة مفتشي المقاطعات بالجهة لتحديد مخطط عمل كل منسقية في مجال البحث التربوي، وكذا تحديد حاجيات خلايا البحث في مجال التكوين خاصة في منهجية البحث والإحصاء التربويين، إذ يتم تنظيم دورة تكوينية لفائدة المتدخلين في مجال البحث التربوي بالجهة خلال العطلة البينية الثانية لهذه السنة، حيث يؤطر الدورة التكوينية اختصاصيون في مجال البحث التربوي. كما تعطى انطلاقة أشغال فرق البحث التربوي خلال شهر ماي المقبل على أساس أن يتم الانتهاء من بعض البحوث ذات طبيعة استعجالية قبل نهاية الموسم الدراسي الجاري أي في دجنبر 2011 . وأكد بوقدير أن غياب البحث التربوي كعمل استراتيجي لدى الوزارة أدى إلى عدم القدرة على فهم واقع المدرسة المغربية وإدراك شخصية التلميذ، وكذا معوقات ومحفزات التعلم لديه، إذ كانت الوزارة تكتفي سابقا باستيراد نظريات تربوية جاهزة كانت تصلح لمجتمعات مختلفة في نمط عيشها عن المجتمع المغربي، ناهيك عن عدم إمكانية تطبيق نظريات تربوية تليق بأجواء مدينة الرباط، في حين يفرض على منطقة جبلية مثل تيزي نسلي بتخوم جبال أزيلال تطبيق النظرية التربوية نفسها. كما أن المسؤولين يتخذون قرارات تربوية لها علاقة بالحياة المدرسية في إطار اجتماع مصغر وليس في إطار بحث تربوي علمي يتوخى الموضوعية وتشخيص الوضعية بكل مكوناتها ما ينتج عنه إصدار قرارات ارتجالية تفتقد إلى النجاعة والفعالية. وأضاف بوقدير أن منهجية تدريس اللغات تعتبر أن جميع التلاميذ يمتلكون المستوى المعرفي والنفسي نفسه، وكذا الخلفيات اللغوية في حين توجد فروق واضحة يجب استحضارها لتلائم المستوى المعرفي لكل جهة مع ضرورة استحضار التوجهات العامة للوزارة في مجال تدريس اللغات وإتقانها. كما تهدف الأكاديمية نشر ثقافة البحث التربوي على الصعيد الجهوي والإقليمي، وكذا على صعيد المؤسسات التربوية، إذ أخذت بعين الاعتبار إدماج مصوغة البحث التربوي في التكوين المستمر لفائدة الأطر التربوية والإدارية، وكذا أنشطة الأندية التربوية لاعتبارات أهمها تشجيع الأستاذ على التكوين الذاتي والتأمل في العملية التربوية التي ينجزها في الفصل الدراسي وانتهاج منهجية النقد الذاتي عبر ممارسة البحث التربوي التدخلي اليومي. أما بالنسبة إلى الأندية التربوية، يقول بوقدير، إن الأكاديمية تنظم مسابقات في مجال البحوث الميدانية، لأنها تؤمن بترسيخ ثقافة البحث لدى الناشئة انطلاقا من المؤسسة التربوية. لذا تشجع الأكاديمية البحث التوثيقي الذي يعتمد على المطالعة واستغلال المكتبة المدرسية واستعمال وسائل الاتصال الحديثة وإنجاز بحوث في مجال ترتبط بميولات التلاميذ ورغباتهم في إطار الأهداف المسطرة من طرف الوزارة الوصية. غير أن المشكل المطروح، يضيف بوقدير، عدم استمرارية بعض المشاريع المنجزة، إذ كانت إرهاصات البحث التربوي في بداية التسعينات مشجعة، غير أنها اندثرت إنتاجاتها ولم يبق منها إلا القليل لعدم مأسسة هذه المشاريع . ودعا بوقدير إلى ضمان استمرارية المقاربة بالبحث التربوي من أجل الارتقاء بمردودية المؤسسات التربوية عل الصعيد المركزي والجهوي والمحلي، لأن الدول التي يشهد لها بالتطور في نظامها التعليمي والتربوي اعتمدت البحث التربوي وسيلة للارتقاء بمنظومتها التربوية وكذا الاهتمام بمواردها البشرية. وبخصوص تحفيز خلايا البحث التربوي بالجهة، قال إن الأكاديمية نهجت مقاربة بالتعاقد المبني على النتائج، إذ تضمنت المذكرة الأكاديمية 44 الخاصة بالبحث التربوي على ضرورة أن يتم توقيع عقد خاص بين الأكاديمية وبين خلايا البحث يتضمن موضوع البحث والنتائج المنتظرة منه والقيمة المضافة ومدة إنجازه وكذا الحوافز الخاصة بالباحثين التربويين في إطار ضمان حقوق وواجبات الأطراف المتعاقدة.