وجه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسالة سامية إلى حجاج المملكة الميامين، الذين سيؤدون مناسك الحج لهذه السنة، بمناسبة انطلاق أول رحلة، اليوم السبت، في اتجاه الأراضي المقدسة، وذلك برسم موسم الحج لسنة 1434 ه وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها، بمطار الرباطسلا، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، السيد أحمد التوفيق : " الحمد لله وحده. والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه حجاجنا الميامين. أمøنكم الله ورعاكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد، فنتوجøه إليكم بهذه الرسالة السامية، جريا على السنøة الحميدة، في مخاطبة الفوج الأول من الحجاج المغاربة في كلø سنة، المقبلين على السفر إلى الديار المقدøسة في حفظ الله ورعايته، بعد أن يسøر الله لكم أسباب القيام بأداء فريضة العمر، ألا وهي الحج إلى بيت الله الحرام. وذلك تجسيدا لعنايتنا السامية، التي نضفيها على شعائر الإسلام في مملكتنا، وحرصا على تمكين المغاربة من أدائها. أجل، نخاطبكم بهذه الرسالة الملكية، بوصفنا أميرا للمؤمنين، وحاميا لحمى الملøة والدين، في حرص موصول على صيانة المقدøسات والسهر على الطمأنينة الروحية للجميع، هدفنا تزويدكم بتوجيهاتنا السامية، فيما يتعلøق بأدائكم لفريضة من أعظم فرائض الإسلام، وشعيرة من أهمø شعائر الإيمان. وذلك على الوجه المطلوب شرعا، في القيام بمناسكه، والالتزام بأركانه وواجباته، والحرص على اتباع سننه ومندوباته. وفي هذا السياق نذكركم بضرورة التزوøد بالتقوى التي هي خير زاد في هذه الرحلة الميمونة، وبالتحلøي بمكارم الأخلاق في موسم عظيم، يجتمع فيه المسلمون من كلø حدب وصوب، ليشهدوا منافع لهم. ويجسøدوا باجتماعهم هذا أمرين عظيمين متكاملين، الأول التعبير الصادق عن توحيدهم الخالص لله الواحد الأحد. والثاني وحدتهم واعتصامهم بحبله المتين، مهما اختلفت أجناسهم ولغاتهم ومشاربهم. لقد أقام ديننا الحنيف هذا الركن الركين من أركان الإسلام على أساس تجسيد المساواة بين المؤمنين، على صعيد واحد، مع التجرøد من المحيط والمخيط، فلا تمييز بينهم بأي اعتبار، ولا تفاوت بينهم في هذا المقام من حيث المراتب والأقدار، متوجøهين إلى الله العليø القدير، ملبøين خاشعين، ومكبøرين مهلøلين، مستجيبين لقوله تعالى : "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كلø ضامر يأتين من كلø فجø عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" ففي هذا الموسم العظيم يجب أن يجسøد المؤمنون معنى المساواة، وقيم التسامح والتلاحم والحوار البنøاء، ونبذ الخلاف والنزاع، والتمسøك بتعاليم الإسلام في الوحدة والوئام، على أساس الوسطية والاعتدال، ونبذ ما يفرøق بين صفوفهم من نزوعات التطرøف، وتحريف حقائق الإسلام، وقيامه على التضامن وبذل السلام. وهذا ما يجعلنا نذكøركم - معاشر الحجاج - بما يقتضيه القيام بركن الحج على الوجه الأمثل، من استعداد نفسي، وأشواق ربانية، وفقه دينيø للأركان والشروط، للتجاوب الصادق مع مناسك الحج بقلوب واعية، وآذان صاغية. ولاشك في أنøكم تزوøدتم من ذلك خير الزاد، طبقا لما قام به فقهاؤنا الأماثل، عالمات وعلماء، في هذا الشأن، بإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، من خلال تقديم التوجيهات والإرشادات اللازمة، ولاسيøما لمن كان منكم في حاجة إليها. كما نذكøركم بوجوب إعمار أوقاتكم في بيت الله الحرام بالأذكار والأدعية والاستغفار، وبأعمال الطاعات والقربات، متسامين عن سفاسف الأمور والخلاف الموقع في المحظور، وكلø ما يتنافى مع إخلاص العبادة لله سبحانه. مستحضرين قول الله تعالى" الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج. وما تفعلوا من خير يعلمه الله. وتزوøدوا فإنø خير الزاد التقوى". فاحرصوا - رعاكم الله - على القيام بمناسككم في استجابة وامتثال لتعاليم دينكم، والإنابة إلى ربøكم وإخلاص الدعاء إليه سبحانه، ولاسيøما على صعيد عرفات الطاهر، لبلوغ المقصد العظيم الذي شرع الحج من أجله، وهو استحقاق الغفران، ونيل الجزاء بما وعد الله به، من المقام في الجنان. مصداقا لقوله عليه السلام (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). أو قوله صلى الله عليه وسلøم (من حجø فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمøه). وفي هذا السياق الذي استحضرنا معكم فيه ما يتعيøن عليكم القيام بهذا الواجب الديني لابدø من استحضار واجب آخر أيضا، وهو أن تتحلøوا في حلøكم وترحالكم، فرادى وجماعات، بفضائل بلدكم المغرب، وتجسيد حضارته وهويته العريقة، التي اشتهر بها أسلافكم، وفي طليعتها حرصكم على التلاحم والوحدة والتعاون، والتشبøث بالمقدøسات الدينية والوطنية، القائمة على الوسطية والاعتدال، والوحدة المذهبية، والالتفاف حول عرشنا المجيد، والتجنøد وراء قيادتنا، الساهرة على التنمية والازدهار، والوحدة والاستقرار، لتكونوا سفراء لبلدكم، فيما يتميøز به من تقاليد عريقة، وحضور إسلامي أصيل يتطلøبه انتظام موسم الحج في الحرمين الشريفين من ضرورة احترام كافة الحجيج للتدابير التنظيمية، الكفيلة بتوفير الأمن والأمان والانضباط، التي اتخذتها السلطات المختصة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، لضمان حسن سير هذا الموسم العظيم. والتي يحرص أخونا المبجøل خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله على توفيرها لإقامة ضيوف الرحمن، حتى يؤدوا مناسكهم في طمأنينة روحية شاملة. جزاه الله خير الجزاء على خدمة الحرمين الشريفين، وحرصه على تحسين تلك الظروف باستمرار. فكونوا رعاكم الله في طليعة من يحترم تلك التنظيمات والتدابير ويحافظ على سيرها، في موسم يتميøز بالازدحام والتدافع. وفي نفس السياق يتعيøن عليكم الالتزام باحترام الترتيبات والتنظيمات التي اتخذها وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، الذي لا يألو جهدا في تحسين ظروف سفركم وإقامتكم، وتوفير شروط راحتكم، توجيها وإرشادا دينيا، ورعاية صحية، ومواكبة إدارية مسؤولة، تنفيذا لتعليماتنا السامية في هذا الشأن. كما ننوøه، بنفس المناسبة بجهود الأطر الإدارية بهذه الوزارة، التي تساعده في هذا المجال. حجاجنا المبرورين. ستقومون في الديار المقدøسة بسنة أكيدة، تلبøي أشواقكم الروحية العميقة، ألا وهي زيارة الروضة النبوية الشريفة، والوقوف بخشوع أمام قبر خير الأنام، خاتم الأنبياء الكرام، جدøنا المصطفى عليه الصلاة والسلام. فاستحضروا - رعاكم الله - ما يقتضيه هذا الموقف المهيب، والمقام الشريف من الصلاة والتسليم عليه بكامل الخشوع والتوقير، رجاء الفوز بما وعد به كلø من سلøم أو صلى عليه.حيث قال (من صلى عليø واحدة صلى الله عليه عشرا). ولا تنسوا في هذا المقام الكريم، وغيره من المقامات أن تدعوا خير الدعاء لملككم، الساهر على أمنكم وازدهاركم، وعلى وحدة بلدكم المغرب، وصيانة سيادته وكرامته، وإحلاله المكانة اللائقة به في محيطه الإقليمي والعالم الإسلامي كلøه. وكذا الدعاء لنا بأن يقرø الله أعيننا بوليø عهدنا، صاحب السموø الملكي الأمير المحبوب مولاي الحسن، وبكافة أفراد أسرتنا الشريفة، وأن يشمل بمغفرته ورضوانه جدøنا ووالدنا المنعøمين، جلالة الملك محمد الخامس، وجلالة الملك الحسن الثاني خلøد الله في الصالحات ذكرهما. وختاما نجدøد لكم - معشر الحجاج والحاجات - دعاءنا الموصول بالحج المبرور والسعي المشكور والجزاء الموفور. والاستجابة من الله العليø القدير لأدعيتكم، فيما يصلح أحوالكم ويسعد وطنكم، ويرسøخ روابط البيعة الوثقى لملككم. والعودة إلى دياركم سالمين غانمين، إنøه تعالى على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير. والسلام علكم ورحمة الله تعالى وبركاته ".